يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ. إلى أخر سورة التين المباركة ، فما هى البلد الأمين ؟ وهل هي مكة؟ أم طور سيناء ؟ ولماذا يرفض المفسرون من الجزيرة العربية أن تكون البلد الكريم هى طور سيناء ؟ وما هى حجتهم على أن البلد الأمين هى مكة ؟ حول البلد الأمين قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وإبراهيم النخعي وابن زيد وكعب الأحبار أنها مكة ولا خلاف حول ذلك. لكن مع ذلك فلا يوجد دليل على أن الله سبحانه وتعالى يقصد بالبلد الأمين . وعن هذا القول أخذ علماء الجزيرة العربية . ولكن لا يوجد دليل من قرآن ولا سنة نبوية مطهرة ولا حتى لغة على أن الله سبحانه وتعالى يقصد بالبلد الأمين مكة. ومع الأخذ في الاعتبار أن تفسير القرآن الكريم يكون في أعلى أقسامه هو تفسير القرآن بالقرآن ثم يليه تفسير القرآن بالحديث النبوي الشريف، ثم تفسير القرآن باللغة، فإنه لا توجد من آيات القرآن الكريم ولا من الأحاديث النبوية الشريفة ولا من اللغة دليل على أن المولى عز وجل يقصد بالبلد الأمين مكة المكرمة.
أما المرتبة الرابعة من مراتب تفسير القرآن الكريم فهو تفسير القرآن الكريم بالعقل والتفكر والاجتهاد. وإذا أعملنا هذه المرتبة من مراتب تفسير القرآن الكريم فقد يكون من الاستحالة عقليا أن يكون معنى البلد الأمين في هذه الآية المباركة هى مكة المكرمة لأن السورة التي جاءت فيها الآية سورة مدنية وليست مكية، والنبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى مكة محاربا بالسلاح مرتين المرة الأولى التي تزامنت مع صلح الحديبية، و المرة الثانية مع فتح مكة، ولا يعقل أن يقود النبى صلى الله عليه وسلم الجيش مدججا بالسلاح ليحارب أهل بلد وصفها الله بأنها البلد الأمين.