اعلان

مصر تواجه الإرهاب و"ثقافة الكراهية والكذب الممنهج"

مصر تواجه الإرهاب
كتب : وكالات

مصر تخوض حربا شرسة ضد الإرهاب، فانها تتعرض لحرب نفسية ترمي لتوهين دورها ومكانتها وتترصد خطى تقدمها وجهود نموها عبر وسائط دعائية تتخفى وراء واجهات إعلامية وتمارس "ثقافة الكراهية والكذب الممنهج".

وتعيد تلك الوسائط الدعائية الداعمة للارهاب والقائمة على بث الأكاذيب للأذهان ما تسميه مثقفة بارزة في الغرب هي الكاتبة البريطانية "الي سميث" بـ "لعبة البناء على الأكاذيب" فيما تبدو مهمومة "بعملية التشريح الثقافي لتلك اللعبة او الظاهرة في مجالات وحالات عدة بالعالم وانعكاساتها على مشاعر الجماهير".

وإذا كان العالم بناء أو صرح كما تقول هذه الكاتبة الروائية وصاحبة الكتاب الجديد "الخريف"، فان الأكاذيب قد يكون لها "تأثير تفكيكي للبناء اذا كان قد أقيم على قواعد صحيحة بينما يمكن تصور حالة البناء ان كان قد اقيم اصلا على اكاذيب" ومن ثم تكون مهمة المثقف الحر وصاحب الضمير الإنساني كشف الأكاذيب وفضح صانعيها على الملأ بدلا من التكيف مع تلك الأكاذيب.

واذا كانت "الحرب النفسية" بأدواتها الدعائية ووسائط ثقافة الكراهية تستهدف مصر وقرارها الوطني والتزاماتها القومية، فان ثمة حاجة ثقافية للمراجعة وتحليل هذه الظاهرة والتعرف على بنيوية مقوماتها وعلاقاتها وآلية حركاتها ومتغيراتها حتى يمكن التعامل معها على النحو الذي يدرأ شرورها.

وكان الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب قد أكد في كلمة بالمجلس أمس الأول "السبت" على أن العمليات الارهابية الخسيسة التي تقوم بها الجماعات الظلامية الضالة "لن تفلح في تحقيق مبتغاها ولن تزيدنا حكومة وشعبا إلا عزما واصرارا على اجتثاث جذور الارهاب وتطهير ربوع الوطن من براثنه".

ولا ريب ان الخطاب الإرهابي التكفيري يجد اسنادا من جانب بعض الوسائط الدعائية المتخفية وراء واجهات اعلامية لأطراف معادية لشعب مصر يعرفها القاصي والداني وتمضي في سياستها المجافية للمهنية والتي تتضمن بث أنباء كاذبة لاثارة الوقيعة بين مصر ودول شقيقة وصديقة و"الصيد في الماء العكر وتضخيم اي خلافات صغيرة او النفخ في اختلافات محدودة وطبيعية ومتعارف عليها في العلاقات الاقليمية والدولية لتحويلها الى حرائق بصب الزيت على النار"، و"الحرب النفسية" التي تستهدف النيل من التماسك المجتمعي وإضعاف المناعة في الداخل واجهاض جهود التنمية قبل وصول ثمارها للجماهير لا تتورع عن استخدام اساليب لايمكن ان يقبلها اي اعلامي صاحب ضمير مثل "تسريب انباء كاذبة وملفقة او تمرير معلومات ناقصة وتقديمها باعتبارها الحقيقة الكاملة".

ويوما ما ستحاسب الشعوب ناهيك عن التاريخ تلك الأبواق الدعائية التي تتخفى وراء واجهات إعلامية وتبث ثقافة الكراهية وتمارس الكذب الممنهج بعد أن أوغلت وتغولت في التجاوزات والانتهاكات الصارخة لأي معايير مهنية وإخلاقية واحترافية يفترض إنها تحكم وسائل الإعلام فيما تخدم ممارساتها باخلاص مشاريع وأجندات لا يمكن أن تصب في صالح شعوب المنطقة بل وتعمل على اثارة الوقيعة والفرقة بينها بقدر ما وضعت المنطقة كلها في "حالة انكشاف جارح".

وهذه الحرب "الجديدة القديمة" تتلاعب برموز وأسماء ومسميات لها قدسيتها واحترامها الجليل في الضمير الجمعي للمصريين وهي لا تتورع عن توظيف التراث بصورة مشوهة وتوليد معان جديدة لهذه الرموز بما يتوافق مع أهدافها المعادية لمصر والمصريين.

والأمر قد يعيد للأذهان على نحو ما حرص كثير من الأنظمة الشمولية في المنظومة الشيوعية السابقة والتي غابت فيها الديمقراطية على تضمين كلمة "الديمقراطية" في مسمياتها وكأنها تشعر بعقدة نقص فادحة وتحاول تعويضها برمزية الاسم دون ان تفلح في تغطية الاثم!.

وهكذا فمن العلامة التي خرجت أصلا من لدن رأس النظام الاستبدادي التركي رجب طيب أردوغان لتسمى باسم "علامة رابعة" الى ما يسمى "جماعة بيت المقدس" التكفيرية التي سفكت الدم الطاهر ثم تسفر عن وجهها الداعشي الارهابي العميل في سيناء تتبدى طبيعة حرب الرموز والسعي الحثيث لتزوير الدلالات والتلاعب للتأثير على اللاوعي.

ويدخل في ذلك السياق استخدام تعبيرات ملغومة ومصطلحات مزيفة للوعي ومتلاعبة بالغرائز والمشاعر الشعبية فيما ينطوي مخطط الشر لتلك الأطراف على الحاق الأذى الجسيم بالجماهير الشعبية عبر السعي "لاسقاط الدولة الوطنية ونشر الفوضى" وتحويلهم الى "نازحين ولاجئين" مثلما يحدث في بلدان عربية عزيزة على كل مصري.

وفيما لا تخفى رمزية ودلالات مصطلحات ترددها أبواق ثقافة الكراهية والكذب الممنهج في سياق الحرب النفسية ضد مصر والمصريين وحرب الرموز فان خبرات شعب مصر العظيم ومسيرته النضالية تؤكد أن النصر حليفه في مواجهة تحدي الإرهاب الشرس ومن يقفون خلفه بقدر ما يعد الإرهاب الحليف الطبيعي للانحطاط التاريخي..

ومن اجل الانتصار في معركة الحياة، فان الفلاسفة أوغلوا منذ زمن بعيد في محاولات للوصول لجذور العنف والشرور وذهب الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز في القرن السابع عشر الى انه اذا كانت الحرب لازمة من طبيعة الانسان فان الدولة كظاهرة نشأت حتى لا يكون الكل في حرب ضد الكل.

واذا كان الكاتب الأمريكى جارى ويلز قد رأى ان افعال الارهاب تعبر عن ثقافة منحطة فليس هناك اسوأ من تقديم الأرواح قربانا للشر المجنون فان القضية فى جوهرها هى قضية ثقافة لابد من تغييرها وهى ثقافة لايمكن وصفها الا بأنها ثقافة الكراهية.

وثقافة الكراهية قد تنال من قامات كبيرة وتستهدف أغلى الرموز الثقافية فى الوطن كما حدث فى لحظة تعسة مع أديب نوبل المصرى الراحل نجيب محفوظ الذي تساءل بتسامح مدهش بعد نجاته من هجوم ارهابي غادر: ما الذى يجعل شابا مثل هذا الشاب المعتدى يضيع حياته فى عمل كهذا؟!.

وشعب مصر فى الحقيقة والجوهر ابعد ما يكون عن العنف والقسوة..بل ان مثقفا مصريا مثل أستاذ الاقتصاد الدكتور جلال امين يقول ان "معنى الحرام فى الوجدان الشعبى المصرى يكاد يقترن بالقسوة"، مشيرا إلى ان كراهية القسوة والاشمئزاز ممن يمارسها امر واضح فى تعليقات المصريين.

فمشاعر القسوة لا تبدو بالنسبة للمصريين مشاعر طبيعية بالمرة وهى من أجمل الصفات التى يحق للمصريين أن يفاخروا بها بل ان الدكتور جلال أمين يرى ان معيار كراهية القسوة قد يكون افضل بكثير من أي معيار اخر قد يخطر بالذهن لتحضر اى شعب او عدم تحضره.

وها هي مصر تحارب الارهاب وتتصدى لقوى لم تتورع عن اشعال الفتن والاحتراب الداخلي واحقاد الكراهية لتكريس مصالحها بما في ذلك محاولات "ادلجة الدين وتفريغه من قيمه النبيلة لتحويله الى قوة ارتداد نحو التخلف واراقة الدماء بدلا من موضعه الرسالي ومكانته السامية التي لا يمكن ان تخاصم التقدم وسعادة الانسان".

واذا كان الحديث عن حرب الرموز وثقافة الكراهية والكذب الممنهج، فليعلم هؤلاء الذين يشنون حربهم الجديدة القديمة على مصر ان "المصري يشبه طائر الفينيق الذي ينبعث دوما من رماد الموت لآفاق الحياة المتجددة"..الكذب الممنهج لن ينجح في تزييف شكل الوطن والعلامة الصفراء لن تموه التراب المقدس أو تغتال الطريق وتحيل مصر قبرا وزخات عذاب وجوع وحبات دموع!..ستنتصر الحقيقة..ستنتصر مصر رغم شراسة المؤامرة وكثافة الحرب النفسية..سينتصر الوطن الذي علم الدنيا منذ فجر الإنسانية كيف يكون الحب وكيف تكون الحكمة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً