اعلان

"الكرفتة" تحرم أحفاد عمر مكرم من حضور افتتاح مسجده.. وحسني مبارك يتهم حفيده بالجنون.. وهذه أزمة العائلة مع زكريا عزمي

مسجد عمر مكرم
كتب : أهل مصر

"مسجد جنازات المشاهير"، هكذا يُعرف مسجد عمر مكرم في منطقة وسط البلد، الذي أنشأه صالح بيومي مكرم، كبير مهندسي مجلس قيادة الثورة، بتكلفة بلغت 20 ألف جنيه، تخليدًا لذكرى الزعيم عمر مكرم، وظل خاصا بهم قبل أن يتبرع به إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر؛ لعدم معرفته كيفية إداراته.

ومع مرور الوقت، طالب أحد أحفاد عمر مكرم، اللواء أركان حرب محمد صالح بيومي مكرم، بعودة المسجد إليهم، لكن اتهمه الرئيس حسنى مبارك بـ"الجنون"، وحتى ينهى ذلك الجدل، أنشأت الدولة تمثال للزعيم عمر مكرم أمام المسجد، وتم دعوة صالح مكرم وأخواته؛ لحضور الافتتاح، لكن كانت المفاجأة، عندما منعه زكريا عزمي، رئيس ديوان مبارك، من الحضور، بسبب عدم ارتدائه "الكرافتة".

مخالفة وصية عمر مكرم

كان أوصى عمر مكرم بصرف 2.6% من تركته التي تقدر بمليارات الجنيهات، على الخير، ويخصص إيراد بقية الأملاك للإنفاق على ذريته جيلا بعد جيل، إلا أن وزارة الأوقاف كان لها رأى آخر، فلم تنفذ الوصية بحجة أن ربع تلك الأراضى والعقارات لا يكفى للإنفاق على أعمال الخير، ليتم تحويل الوقف بأكمله إلى منفعة عامة ويتم حرمان جميع الورثة.

وتتكون ثروة عمر مكرم من 366 منزلا في القاهرة، وقطعة أرض في درب الأتراك خلف جامع الأزهر، وحوالى 12 وكالة في الغورية، بالإضافة إلى 900 فدان بأسيوط، وفى ميدان العتبة وما يقرب من 500 فدان وسط القاهرة بخلاف العقارات.

الزعيم الذى لا يعرف عنه أحد سوى مسجد

عمر مكرم كان عالمًا جليلاً من علماء الأزهر، ولد فى مدينة أسيوط فى عام 1755 ميلادية، ونشأ فى أسرة شريفة تعود إلى البيت النبوى الشريف، وقد وجد نسبه فى إحدى حجج الوقف عثر عليها مسجلة عام 1210 هجرية، وجاء بها "فرع الشجرة الزكية وطراز العصابة الهاشمية الشيخ الإمام العلامة الهمام أوحد الأفاضل العظام السيد الشريف الطاهر العفيف مولانا سراج الدين عمر أفندى نقيب السادة الأشراف، ووالده السيد حسين"، فضلا عن أنه زعيم مصرى مخلص لوطنه ولشعبه جاهد وحارب من أجل نصرته.

وقام بتعبئة المصريين، عند اقتراب الفرنسيين من القاهرة، للمشاركة فى القتال إلى جانب جيش المماليك، وعندما سقطت القاهرة بأيدى الفرنسيين، عرضوا عليه عضوية الديوان الأول، إلا أنه رفض ذلك، وفضل الهروب من مصر كلها حتى لا يظل تحت رحمة الفرنسيين، ثم عاد إلى القاهرة وأخذ يعد العدة مع مجموعة من علماء الأزهر، وزعماء الشعب لثورة كبرى ضد الاحتلال الفرنسى، فيما يعرف بثورة القاهرة الثانية. وكان عمر مكرم من زعماء هذه الثورة، ولما خمدت الثورة اضطر إلى الهروب مرة أخرى خارج مصر حتى لا يقع فى قبضة الفرنسيين الذين عرفوا أنه أحد زعماء الثورة وقاموا بمصادرة أملاكه بعد أن أفلت هو من أيديهم، وظل خارج مصر حتى رحيل الحملة الفرنسية.

وبعد خروج الفرنسيين عاد مرة أخرى إلى مصر، حيث ثار ضد الوالى خورشيد باشا ودار بينه وبين مستشاره عمر بك حوار حول أن الوالى من المفروض أن يطاع، فهو ولى الأمر، ولكن عمر مكرم رد عليه قائلا: علينا طاعته مادام يطيع الله وعلينا خلعه إذا كان ظالما جائرا، وفشلت المفاوضات بين الوالى والثوار فاجتمع العلماء بالأزهر وأضربوا عن إلقاء الدروس وتم إقفال الدكاكين واحتشدت الجماهير فى الشوارع، وقام مكرم وعدد من زعماء الشعب برفع الأمر إلى المحكمة الكبرى، وسلم الزعماء صورة من مظالمهم إلى المحكمة، وهى ألا تفرض ضريبة على المدينة إلا إذا أقرها العلماء والأعيان وأن يجلوا الجند عن القاهرة، وألا يسمح بدخول أى جندى إلى المدينة حاملا سلاحه.

وفى يوم 13 مايو قرر الزعماء فى دار الحكمة عزل خورشيد باشا وتعيين محمد على بدلا منه، بعد أن أخذوا عليه المواثيق أن يسير معهم بالعدل، وفى يوم 16 مايو 1805، صدرت فتاوى شرعية من المحكمة على صورة سؤال وجواب بشرعية عزل الوالى خورشيد باشا، وانتهى الأمر بعزله، ونجاح الثورة الشعبية.

وأقرت الثورة بمحمد على حاكما على مصر من خلال معاهدة وشروط بينه وبين زعماء الشعب، مبدأ الشورى، وعدم اتخاذ قرار بدون الرجوع لممثلى الشعب، وهم العلماء والأعيان، ولو سارت الأمور فى مسارها الصحيح بعد ذلك كان إيذانا بروح من الحرية والشورى واحترام إرادة الشعب وخياراته تسود مصر، ولكن محمد على التف على الأمر وأفرغه من مضمونه فيما بعد.

وعندما جاءت حملة فريزر الإنجليزية إلى مصر قام عمر مكرم بتنظيم المقاومة الشعبية ونجح فى هزيمة الإنجليز فى رشيد، وخروجهم من مصر، رغم غياب الوالى محمد على فى ذلك الوقت لانشغاله بمحاربة المماليك فى الصعيد، وعندما تمكن محمد على من السيطرة على الحكم فى مصر، قام بالتخلص من زعماء الشعب، وعلى رأسهم عمر مكرم فحدد إقامته بمدينة دمياط سنة 1809، ثم مدينة طنطا سنة 1822، حيث توفى بها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً