اعلان

عمال صناعة السيارات الأمريكية يترقبون سياسات ترامب بكثير من الأمل والشك‎

ترامب
كتب : وكالات

بفضل تعهده بإلغاء أو إعادة التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها الولايات المتحدة مع دول أخرى، فاز دونالد ترامب بأغلب أصوات أعضاء النقابات العمالية في الولايات الأساسية في الانتخابات الأمريكية، وهو ما مهد له الطريق للفوز بالرئاسة، لكن العمال مازالوا يشعرون بالقلق من المستقبل في ظل رئاسة ترامب للولايات المتحدة.

وفي مكتبه وجه النقابي العمالي بورس باومهوفر جهاز التحكم عن بعد نحو التلفزيون الموجود في ركن المكتب، ليغلقه أثناء المؤتمر الصحفي للرئيس المنتخب دونالد ترامب.

وكرئيس للفرع المحلي من "النقابة المتحدة لعمال صناعة السيارات" في مدينة توليدو بولاية أوهايو الأمريكية، أمضى باومهوفر 23 عاما في حشد أعضاء النقابة ضد اتفاقيات التجارة الحرة التي تعتقد النقابات العمالية أنها تضر بمصالح أعضائها.

وقال باومهوفر "كنا نتحدث باستمرار عن السياسات التجارية المعيبة، وكيفية المضي قدما نحو إصلاحها.. ثم جاء ترامب وتبنى نفس المبدأ، وقال له أعضاؤنا ألست مع هذا الأمر؟ هذا هو كل ما نتحدث عنه".

ويضيف باومهوفر أن أعضاء النقابات العمالية يصوتون تقليديا لصالح الحزب الديمقراطي ذي الميول اليسارية، كما أن النقابة المتحدة لعمال صناعة السيارات أيدت "بشكل عام" سياسات هيلاري كلينتون فيما يتعلق بالرعاية الصحية وحقوق العمال.

ويقول إن موقف ترامب الجمهوري من اتفاقيات التجارة الحرة "كان له صدى لدى أعضائنا"، حيث فاز بالرئاسة بفضل انتصاراته القوية في المعاقل الصناعية في الولايات المتحدة، بما في ذلك ولاية أوهايو.

وفي ساحة انتظار السيارات الخاصة بفرع "المحلية رقم 12" للنقابة المتحدة في مدينة توليدو ترتفع لافتة تقول "السيارات غير المصنوعة في الولايات المتحدة غير مرحب بها في هذه الساحة".

كان ترامب الذي سيتولى رئاسة الولايات المتحدة رسميا يوم 20 يناير الحالي، قد تعهد بإلغاء أو إعادة التفاوض على اتفاقيات التجارة الحرة، وهو ما أثار حالة من القلق والغموض في صناعة السيارات العالمية، والتي تتدفق مكوناتها أو سياراتها المجمعة بين الدول من خلال سلاسل توريد وإمداد عابرة للحدود.

وخلال حملته الانتخابية هدد ترامب بفرض ضريبة بنسبة 35% على السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة، رغم أن الجدوى السياسية لمثل هذا الإجراء مازالت غير واضحة.

ومنذ انتخابه نشر ترامب تغريدات عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" يطالب فيها شركات صناعة السيارات الكبرى مثل جنرال موتورز وتويوتا موتور، بإنتاج المزيد من سياراتها داخل الولايات المتحدة، حيث قال: "اصنعوا في الولايات المتحدة أو ادفعوا رسوما أعلى" على السيارات المستوردة.

ويقول باومهوفر إن عمال صناعة السيارات الذين استمعوا لرسائل ترامب يعتقدون أن هذا "سيوفر الحماية لوظائفنا.. لكن ما يقال الآن هو أنه سيكون هناك فارق بين ما يقوله (ترامب) وما يمكنه تنفيذه على أرض الواقع".

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، أعلنت مجموعة صناعة السيارات الإيطالية الأمريكية "فيات كرايسلر أوتوموبيل" اعتزامها استثمار مليار دولار لزيادة الطاقة الإنتاجية لسيارات جيب في الولايات المتحدة، وهو ما سيوفر 700 وظيفة جديدة على الأقل في مجمع مصانعها في مدينة توليدو، الذي يضم بالفعل 4000 عامل عضو في النقابة المتحدة.

وقال "سيرجيو ماركيوني" الرئيس التنفيذي لمجموعة "فيات كرايسلر" إن الشركة تزيد طاقتها الإنتاجية في الولايات المتحدة لمواجهة الطلب العالمي على السيارة "جيب رانجلر" وهي النسخة المدنية للسيارة العسكرية الأمريكية الشهيرة "جيب" التي حققت شهرة كبيرة أثناء الحرب العالمية الثانية.

وجاء إعلان فيات كرايسلر عن زيادة استثماراتها في الولايات المتحدة، بعد إعلان فورد موتور، ثاني أكبر منتج سيارات في الولايات المتحدة، إلغاء خطة لزيادة إنتاجها من السيارات الصغيرة في المكسيك، لصالح توفير 700 وظيفة إضافية في ولاية ميشيجان الأمريكية. ويقول باومهوفر إن قرار "فيات كرايسلر" زيادة إنتاج سيارات رانجلر كان معروفا في توليدو منذ 2015 وما حدث مؤخرا "هو مجرد تأكيد القرار رسميا".

ورغم ذلك كتب ترامب على موقع "تويتر" يقول إن إعلان شركات السيارات توظيف المزيد من العمال في أمريكا "مجرد بداية وسيأتي المزيد".

وبجوار مصنع "جيب" في شمال توليدو، تمتلئ ساحة سيارات مقهى ومطعم "زينجر بار أند جريل" بسيارات كرايسلر الصالون والشاحنة الخفيفة رام التي تنتجها الشركة الأمريكية أيضا.

وداخل المقهى يوجد العديد من العمال والعاملات الذين يتناولون شراب الظهيرة، وبعضهم يستعد للالتحاق بوردية عمله على خط إنتاج جيب. ويملأ دخان السجائر القاعة والحضور يتحدثون عن كرة القدم وورديات العمل في المصانع، قبل أن يتحولوا سريعا إلى الكلام في السياسة.

يقول أحد المتقاعدين ويدعى "بوب" 67 عاما الذي عمل في وقت من الأوقات في مصانع مكونات السيارات بمدينة توليدو إن أصدقاءه في مصنع جيب "كلهم عمال جيدون.. العمال يشعرون بالملل والتعب من السياسة، فهم يدركون أنهم يتعرضون للكذب" وترامب استفاد من هذا الشعور.

وأضاف أنه ينظر إلى ترامب "بتفاؤل حذر".. فهو (ترامب) ليس سياسيا ويمثل هواء جديدا (في السياسة الأمريكية). كما أنه لا يحتاج إلى المال.. أما إذا ارتكب أي عمل أحمق فيمككنا عزله".

وكانت أجهزة التلفزيون في المقهى تعرض برنامج مسابقات بعنوان "الصفقة"، وفيه يكون على المتسابقين الاختيار بين مبلغ مالي فازوا به بالفعل أو مبادلته بصندوق مغلق لا يعرف ما بداخله.

ورفضت سيدة في منتصف العمر وتعمل في مصنع "جيب" الكشف عن اسمها، وقالت إنها تأمل في أن تمنح الشركة مكافآت للعمال الذين يعملون فيها منذ عشرات السنين. ووصفت السيدة نفسها بأنها "ليست ليبرالية" وانتقدت قيام النقابة العمالية بإنفاق أموالها لمعارضة ترامب الذي أيده الكثير من العمال بسبب رغبتهم "في التغيير".

وكانت النقابة المتحدة لعمال السيارات قد نظمت استطلاعا للرأي أثناء التصويت في انتخابات الرئاسة لرصد اتجاهات تصويت أعضائها. ورغم أن 75% من أعضائها قالوا إنهم سيؤيدون المرشحين الذين تؤيدهم النقابة، لكن الاستطلاع الأخير الذي تم في نوفمبر الماضي أظهر أن حوالي 40% من أعضاء النقابة في ولاية أوهايو، كانوا يعتزمون التصويت لترامب بحسب باومهوفر.

وأشارت استطلاعات رأي الناخبين بعد ادلائهم بأصواتهم في ولاية أوهايو إلى حصول ترامب على ما بين 42% و54% من أصوات الناخبين أعضاء النقابة العمالية.

وفي مقهى زينجر كان كريس، وهو عامل سابق في مصنع جيب وتقاعد قبل وقت قصير، جالسا يتناول مشروبه المفضل. وقد بدأ العمل في مصنع "جيب" عندما كان مراهقا، ثم تقاعد بعد 30 عاما، بهدف رعاية والده المريض.

وينحاز كريس إلى الحزب الديمقراطي وصوت لصالح هيلاري كلينتون، لكنه يدعم خطط ترامب لخفض ضريبة الشركات "أي وقت يتم فيه ضخ استثمار، لا يمكن أن يكون أمرا سيئا".

كما أعرب عن استعداده للتجاوب مع مقترحات "ترامب" بشأن السياسات التجارية.

وقال كريس "اعتقد أن الكثيرين من الناس مستعدون لقبول التغيير.. الناس تريد كسب المزيد من المال وسنرى ما إذا كان (ترامب) يستطيع عمل ذلك"، لكنه أبدى تشككه في قدرة ترامب على الوفاء بهذه الوعود.

وأضاف "الكلام يبدو جيدا.. كلها مازالت وعودا.. وسنرى ما سيفعله" ترامب بالنسبة للولايات المتحدة واقتصادها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً