تحل غدًا الخميس، الذكرى الـ 40 على تولي الزعيم الرئيس جمال عبد الناصر، حكم مصر يوم الأربعاء التاسع عشر من يناير عام 1967، وذلك عقب ثورة 23 يوليو والتي أطاحت بالنظام الملكي.
بدايته
اشتغل صاحب الـ 12 عاما في العمل السياسي أثناء دراسته الثانوية بمدرسة رأس التين بالإسكندرية، حيث خرجت تظاهرات طلابية واسعة من قبل الطلبة تطالب بإعادة العمل بدستور 1923، بعد أن أصدر إسماعيل صدقي رئيس الوزراء آنذاك قرارا بإلغاء العمل به.
زعامة مبكرة
ويحكى الزعيم العربي جمال عبدالناصر عن تلك المظاهرات خلال لقائه بصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية عام 62، موضحا أنه أثناء عبوره لميدان المنشية في الإسكندرية شهد اشتباكا بين مظاهرة لبعض التلاميذ وبين قوات الشرطة البريطانية، مضيفا "لم أتردد في تقرير موقفي، فلقد انضممت على الفور إلى المتظاهرين، دون أن أعرف أي شيء عن السبب الذي كانوا يتظاهرون من أجله، واتخذت موقفي دون تردد في الجانب المعادي للسلطة".
ويضيف ناصر عن أولى مظاهراته السياسية أنه عقب وصول الإمدادات العسكرية لرجال الشرطة استطاعوا إدراك عدد من المشاركين في التظاهرة، مستطرد "إني لأذكر أنى -في محاولة يائسة-ألقيت حجرا، لكنهم أدركونا في لمح البصر، وحاولت أن أهرب، لكنى حين التفت هوت على رأسي عصا من عصى البوليس، تلتها ضربة ثانية حين سقطت، ثم شحنت إلى الحجز والدم يسيل من رأسي مع عدد من الطلبة الذين لم يستطيعوا الإفلات بالسرعة الكافية"، مؤكدا معرفته لسبب التظاهرة فقط عندما أخذوا يعالجون جرح رأسه داخل القسم.
إصرار متواصل
لم يأبه عبد الناصر بتجربته الأولى داخل السجون المصرية، ففور خروجه وإصرار والده على نقله لمدرسة النهضة الثانوية بحي الضاهر بالقاهرة، حيث استكمل ابن الصعيد مشواره السياسي ليترأس اتحاد طلاب مدارس النهضة، ويقود مظاهرات طلابية خرجت في نوفمبر 1935 تعلن رفض الطلاب صدور تصريح "صمويل هور" وزير الخارجية البريطانية آنذاك، والذي أعرب فيه عن رفض بريطانيا لعودة الحياة الدستورية في مصر، وهي التظاهرة التي واجهتها قوات الاحتلال البريطاني بالرصاص، فأصيب جمال بجرح في جبينه.
أعقب ذلك انضمام عبد الناصر إلى وفود الطلبة التي كانت تطوف ببيوت الزعماء الشعبيين لتطالبهم بأن يتحدوا من أجل الوطن، فانضم إلى حركة مصر الفتاة لمدة عامين، ثم تركه وامتنع عن الانضمام لأي من الجماعات أو الأحزاب.
وظلت ثورته تتجدد في الثاني من شهر نوفمبر كل عام بمشاركته في التظاهرات التي كانت تخرج احتجاجا على وعد "بلفور"، الذي أصدرته المملكة المتحدة لتمنح اليهود حق إقامة دولة على الأراضي الفلسطينية.
حب القراءة
ظهر شغف عبد الناصر الأدبي بالقراءة في التاريخ والموضوعات الوطنية، فقرأ عن الثورة الفرنسية وعن "روسو" و"فولتير"، كما قرأ عن "نابليون" و"الإسكندر" و"يوليوس قيصر" و"غاندى"، وقرأ رواية البؤساء لـ "فيكتور هوجو" وقصة مدينتين لـ "تشارلز ديكنز".
كذلك اهتم بالإنتاج الأدبي العربي فكان معجبا بأشعار أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، كما قرأ مسرحيات وروايات توفيق الحكيم، خاصة رواية "عودة الروح" التي ترى ضرورة ظهور زعيم للمصريين يستطيع توحيد صفوفهم.
يوليوس قيصر
وفى ١٩٣٥ جسّد الطالب جمال عبد الناصر دور "يوليوس قيصر" في مسرحية "شكسبير" على مسرح مدرسة النهضة الثانوية، في حضور وزير المعارف آنذاك. ولم يكن تواصل عبد الناصر مع الفن وأهله، عقب تنصيبه رئيسا وحسب، بل يتضح علاقته بالفن بصورة تجمعه بالفنان أحمد مظهر، أثناء تأديتهما الخدمة العسكرية بالمدرسة الحربية.
زواجه
تزوج عبد الناصر في سنة 1944 من تحية كاظم، البالغة من العمر 22 عاما، والتي ولدت لأب إيراني ثرى وأم مصرية، والتي كانت شقيقة عبد الحميد كاظم، أحد أصدقاء ناصر، والذي أطلق ناصر اسمه على أحد أبنائه.
لم يُشرك عبد الناصر زوجته في العمل العام أو المشهد السياسي طيلة حياته، رغم ما تمت روايته عن نقاشهما في الأمور السياسية في بعض الأحيان بـ "زوجى الحبيب أي لا رئاسة الجمهورية ولا حرم رئيس الجمهورية" فضّلت تحية أن تفتتح مذكراتها التي صدرت في كتاب عن دار الشروق للنشر حملت عنوان "ذكرياتي معه"، والتي سردت خلالها حياتها مع الرئيس الراحل طيلة فترة زواجهما والتي دامت لـ 18 عاما.
زعيم الثورة
يعد عبد الناصر القائد الفعلي لثورة يوليو عام 1952، ورائدًا لحركات التحرير في الشرق الأوسط والدول الأفريقية، وهو ثاني رؤساء الجمهورية بعد زوال حكم الملك فاروق، كما أنه من مؤسسي حركة دول عدم الانحياز.
نشأة فقيرة
- وُلد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918، في حي باكوس الشعبي بالإسكندرية، لأسرة تنتمي إلى قرية بنى مر بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، وانتقل في مرحلة التعليم الأولية بين العديد من المدارس الابتدائية، حيث كان والده دائم التنقل بحكم وظيفته في مصلحة البريد، فأنهى دراسته الابتدائية في قرية الخطاطبة إحدى قرى دلتا مصر، ثم سافر إلى القاهرة لاستكمال دراسته الثانوية، فحصل على شهادة البكالوريا من مدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة في عام 1937.
حياته العسكرية
- بدأ عبد الناصر حياته العسكرية وهو في التاسعة عشرة من عمره، فحاول الالتحاق بالكلية الحربية لكن محاولته باءت بالفشل، فاختار دراسة القانون في كلية الحقوق بجامعة فؤاد (القاهرة حالياً)، وحينما أعلنت الكلية الحربية عن قبولها دفعة استثنائية تقدم بأوراقه ونجح هذه المرة، وتخرج فيها برتبة ملازم ثان في يوليو 1938.
- عمل جمال عبد الناصر في منقباد بصعيد مصر فور تخرجه، ثم انتقل عام 1939 إلى السودان ورُقّى إلى رتبة ملازم أول، بعدها عمل في منطقة العلمين بالصحراء الغربية ورُقّى إلى رتبة يوزباشى (نقيب) في سبتمبر 1942 وتولى قيادة أركان إحدى الفرق العسكرية العاملة هناك. وفى العام التالي انتدب للتدريس في الكلية الحربية وظل بها ثلاث سنوات إلى أن التحق بكلية أركان حرب وتخرج فيها في 12 مايو 1948، وظل بكلية أركان حرب إلى أن قام مع مجموعة من الضباط الأحرار بثورة يوليو.
- شارك في حرب 1948 خاصة في أشدود ونجبا والفالوجا، وربما تكون الهزيمة العربية وقيام دولة إسرائيل قد دفعت بعبد الناصر وزملائه الضباط للقيام بثورة 23 يوليو 1952.
- كان لعبد الناصر دور مهم في تشكيل وقيادة مجموعة سرية في الجيش المصري أطلقت على نفسها اسم "الضباط الأحرار"، حيث اجتمعت الخلية الأولى في منزله في يوليو 1949 وضم الاجتماع ضباطًا من مختلف الانتماءات والاتجاهات الفكرية، وانتخب في عام 1950 رئيسًا للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار، وحينما توسع التنظيم انتُخبت قيادة للتنظيم وانتُخب عبد الناصر رئيساً لتلك اللجنة، وانضم إليها اللواء محمد نجيب الذي أصبح فيما بعد أول رئيس جمهورية في مصر بعد نجاح الثورة.
- وبعد أن استقرت أوضاع الثورة أعيد تشكيل لجنة قيادة الضباط الأحرار، وأصبحت تعرف باسم مجلس قيادة الثورة وكان يتكون من 11 عضوًا برئاسة اللواء أركان حرب محمد نجيب، غير أنه سرعان ما دب الخلاف بين عبد الناصر ومحمد نجيب، مما أسفر في النهاية عن قيام مجلس القيادة برئاسة عبد الناصر بمهام رئيس الجمهورية، ثم أصبح في يونيو 1956 رئيسًا منتخبًا لجمهورية مصر العربية في استفتاء شعبى.
- القومية العربية كانت الهاجس الكبير لدى الزعيم جمال عبد الناصر، وقد أصدر خلال حياته السياسية العديد من القرارات الهامة كان أبرزها تأميم قناة السويس عام 1956، وإعلان الوحدة مع سوريا عام 1958، ومساندته حركات التحرر العربية والأفريقية.
- بعد هزيمة 1967 اهتم عبد الناصر بإعادة بناء القوات المسلحة المصرية، ودخل في حرب استنزاف مع إسرائيل عام 1968، وكان من أبرز أعماله في تلك الفترة بناء شبكة صواريخ الدفاع الجوى.
- أسس هيئة التحرير 1953 ثم الاتحاد القومى مايو 1957 ثم الاتحاد الاشتراكى مايو 1962 .
- بعد حرب 1967 خرج عبد الناصر على الجماهير طالبا التنحى من منصبه، أعقب ذلك خروج مظاهرات في العديد من مدن مصر طالبته بعدم التنحى عن رئاسة الجمهورية واستكمال إعادة بناء القوات المسلحة تمهيدا لاستعادة الأراضى المصرية.
- وضع كتاب فلسفة الثورة.
- توفى الرئيس جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر1970، بعد مشاركته في اجتماع مؤتمر القمة العربى بالقاهرة لوقف القتال الناشب بين المقاومة الفلسطينية والجيش الأردنى، والذى عرف بأحداث أيلول الأسود بعد 18 عامًا قضاها في السلطة.