اعلان

"التسول" فقر أم عمل؟.. أكثر من 3 مليون شحاذ في محافظات مصر بين الحاجة والنصب.. وخبراء "عصابات متخصصة في استغلال الأطفال"

وسط زحام المواطنين المصطفين في محطات مترو الأنفاق المختلفة، في انتظار العربات لتنقلهم إلى مكان مقاصدهم، ينتشر بعض الأطفال الذين وضعتهم ظروف الحياة، واستغلال الآباء، وأحيانا "تجار الأطفال" إن جاز التعبير، لبيع أكياس المناديل أو البضائع المتنوعة تارة، أو محاولة استعطاف المواطنين لكسب النقود تارة أخرى، عن طريق التمارض واستخدام الأوراق الطبية المزيفة لإقناع المواطنين بظروفهم.

"لله يا محسنين، والنبي ياعمو عايز أكل، حاجة لله".. كلمات نسمعاها كثيرا هذه يوميًا "ظاهرة التسول".. ظاهرة باتت معتادة لدى الكثيرين حتى إننا اعتدنا مساعدتهم بشكل يومي دون أن نفكر لمجرد التفكير بحل نهائي لهذه الظاهرة التي بدأت تتزايد.

وتعد ظاهرة التسول من الظواهر المنبوذة في المجتمع رغم رواجها وانتشارها، حيث يتوزع هؤلاء المتسولون في الشوارع العامة، وأمام المحال التجارية، وفي الأماكن التي يزدحم فيها الناس عمومًا، ورغم كل الجهود والمحاولات المبذولة، في سبيل إيقاف تلك الظاهرة، إلا أن بعض المجتمعات ما زالت غير قادرة على اقتلاعها، أو تغيير فهم القائمين عليها بمدى سلبية وخطورة ما يقومون به.

أجهزة الدولة، لا طالما بزلت جهود عدة لوقف تلك الظاهرة، فمنذ أيام تمكن ضباط قسم رعاية الأحداث بالإسكندرية، من ضبط تشكيل عصابي تخصص في استغلال أطفال السفاح في التسول، وكانت معلومات قد وردت لضباط القسم، تفيد بقيام "ا. ع"، 36 سنة، عاطلة، و"هـ. ح"، 22 سنة، عاطلة، و"ع. م"، 44 سنة، عاطلة، بتكوين تشكيل عصابي تخصص في استغلال الأطفال صغار السن بالتسول، مستغلات تعاطف المواطنين معهم.

ومن خلال دراسات عدة أقيمت بشوارع وميادين القاهرة، اتضح أن ظاهرة التسول ليست وليدة اللحظة، فأباطرة التسول بالمناطق المتعددة، اتخذوا التسول مهنة لهم بعدما بدأوها في السابعة من عمرهم، وبمرور الأيام أصبحوا هم أنفسهم "تاجري التسول" في مصر، ويقومون بتأجير الأطفال، للتسول بهم.

القاهرة تحتل المركز الأول والمنيا الأقل

رصد قسم الجريمة بالمركزي القومي للبحوث احصائيات التسول في المحافظات الوجه البحري مكان الصدارة في أعداد المتسولين على الترتيب التالي..

_القاهرة

يتركز بها العدد الأكبر من جرائم التسول حيث بلغ عدد المتسولين فيها الى مايقرب من 14 الفا و400 متسولا.

_الإسكندرية

تأتي بعد القاهرة، بفارق كبير محافظة الإسكندرية بعدد 9 ألاف متسول، ثم الجيزة بعدد 7 ألاف و600 متسول والغربية بعدد 5 و800 متسول والدقهلية 3000 متسول.

وردا على تساؤلات "أهل مصر" هل التسول في مصر فقر أم عمل، يقول الخبير الأمني، محمود القطري، إن أزمة التسول ليست في مصر وحدها، بل إنها تجتاح أغلب مدن وبلاد العالم، مشيرا إلى أن تلك الظاهرة باتت عمل من لا عمل له، ومصدر رزق للكثيرين، مؤكدا أن الوضع أصبح معقدًا والتعامل معه أصبح خارج الإطار الأمني، رغم كافة الجهود التي تبزلها المؤسسات كافة، إلا أن مساندة الشعب للمؤسسات وعدم الانجرار وراء أهداف هؤلاء المتسولين وطرقهم في اقناع المواطنين، هو أساس حل الأزمة.

وتابع القطري، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إن بعض المتسولين للأسف، ورثوا هذه العادة الاجتماعية السيئة من آبائهم وذويهم الذين سبقوهم إلى التسول في الميادين العامة، دون الإحساس بالحرج أو التردد، كما أن بعضهم اتخذها مصدر للرزق، وشرع في تشكيل عصابات متخصصة لاستغال الأطفال غير المعروف آباءهم، مؤكدا أن التسول أصبح في هذه الحالة أكثر تعقيدا، لأن قناعة الفرد بنيت على ضرورة القيام بالتسول بغض النظر عن الأسباب.

وأرجع الخبراء النفسيين، إرتفاع عدد المتسولين وتصدر القاهرة بهم، على إعتبار أنها العاصة وتتركز معظم الأنشطة، وخصويتها في الأضرحة الكبرى والأماكن المزدحمة، وتركز الأنشطة الاقتصادية بها.

بينما تقل ظاهر التسول في محافظات الوجه القبلي، وتتركز أغلبها في بني سويف بعدد 1200 متسولا، وقنا 1050 متسولا، والفيوم 500متسولا، وأسيوط 400 متسولا، وأسوان 150 متسولا، ثم المنيا 100 متسولا، وهو ما يرتبط بالكثافة السكانية المنخفضة التي أدت إلى قلة عدد المتسولين.

العقوبة القانونية

وأوضح مصدر قضائي، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" عقوبة "الشحاذة والتسول" في الأماكن العامة، قائلًا "إنها تستند إلى نص القانون 49 لسنة 1933، وتشمل 8 مواد لمعاقبة مرتكبها"، وهي كالتالي..

مادة 1: يعاقب بالحبس مدة لاتتجاوز شهرين لكل شخص صحيح البنية ذكرا أو أنثى، يبلغ 15 عاما أو أكثر، ضُبط متسولا في الطريق العام، أو أمام إحدى المحال العمومية، وتظاهر بأداء خدمة للغير أو عرض ألعاب أو بيع أي شئ.

مادة 2: يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز شهرا، كل شخص غير صحيح البنية، وجد متسولا في مدينة بها ملاجيء كان التحاقه بها ممكننا.

وفي حالة العودة لممارسة التسول، يعاقب المتهم بالحبس مدة لاتجاوز سنة، بحسب المادة 7 من القانون.

مستغلي الطفل للتسول

أما عقوبة الكبار على التسول في التشريع المصري، تعاقب صحيح البنية بالحبس شهرين، أما غير صحيح البنية يعاقب بالحبس شهر واحد، فيما يعاقب القانون استخدام طفل في التسول بقانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وفقًا للمادة 116 منه، على عقوبة الجاني بالحبس لمدة 5 سنوات، فيما يعاقب بمدة لاتزيد عن ثلاثة أشهر من تصنع الإصابة بجروح أو عاهات لاستدرار عطف الجمهور.

مصير أطفال التسول

وتقوم الأجهزة الأمنية بوضع أطفال التي تستخدم فى عمليات التسول "المؤسسة العقابية" يأتى فى إطار استراتيجية وزارة الداخلية فى مجال الأمن الاجتماعى الذى يستهدف حماية الطفولة والأمومة، وتفعيل دور مؤسسات الرعاية الاجتماعية، والتطبيق الحاسم لقانون الطفل ومكافحة الظواهر الإجرامية المتعلقة بالأطفال واستغلالهم وإفسادهم، وضبط مرتكبيها، ومكافحة ظاهرة أطفال الشوارع.

مشاركة المؤسسات الحكومية

وتقوم استراتيجية وزارة التضامن لتطوير المؤسسة العقابية على إشراك عدد من الوزارات والهيئات في عملية التطوير، منها مشيحة الأزهرالتي ستقوم بتنفيذ ندوات توعية دينية لأبناء المؤسسة، وكذلك الاتفاق مع الهلال الأحمر على تنفيذ تحاليل طبية شاملة لجميع أبناء المؤسسة العقابية بعدد 394 شخصًا.

كما تشارك وزارة الشباب والرياضة بإنشاء ملعبين وصالة جيم للمؤسسة، وأيضًا تم الإتفاق مع وزارة الثقافة بتطوير المكتبات الخاصة بالمؤسسة من خلال ألف كتاب يتم تزويدها بالمكتبة، كما تم الإتفاق مع وزارة الصحة بتزويد المؤسسة بسيارات إسعاف مخصصة للمؤسسة للحالات الطارئة كما تم الاتفاق مع وزارة التربية والتعليم على تنفيذ برنامج "اتعلم لحياة أفضل"، تمهيدًا لمحو الأمية للأطفال قيد الاحتجاز.

وتشارك وزارة الاتصالات بإنشاء معمل كمبيوتر متكون من 25 جهاز كمبيوتر، وأيضًا الشركة المصرية للاتصالات، بتجهيز 3 ورش إلكترونية، وورشة للكهرباء، وتم الاتفاق مع مكتب المعنى بالمخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة، بتطوير العيادة الطبية بالمؤسسة للبنية الأساسية، وبناء قدرات العاملين بالمؤسسة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً