لم تنتظر هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف طويلا، حتى خرجت عن صمتها في وجه منتقدي الأزهر والدكتور أحمد الطيب، خاصة بعد الهجوم الإرهابي على كنيستي مارجرجس والمرقسية.
كان تنظيم داعش الإرهابي أعلن مسؤوليته عن تفجير كنيستي مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية، الأسبوع الماضي، والذي راح ضحيته أكثر من 45 قتيلا وعشرات المصابين، ولم يكن الإنفجاران إلا استكملًا لسلسة الهجمات الإرهابية الذي يشنها تنظيم داعش الإرهابي على مصر خلال الفترة الماضية.
تنظيم داعش، هو تنظيم مسلَّح يتبع الأفكار السلفية الجهادية، ويهدف أعضاؤه -حسب اعتقادهم- إلى إعادة "الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة"، ويتواجد أفراده وينتشر نفوذه بشكل رئيسي في العراق وسوريا، فضلا عن وجوده في دول أخرى من بينها مصر، وجنوب اليمن وليبيا وسيناء وأزواد والصومال وشمال شرق نيجيريا وباكستان. وزعيم هذا التنظيم هو أبو بكر البغدادي.
أعقب الإنفجاران انتقادات عدة للأزهر الشريف، وعلى رأسه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، نظرا لعدم تكفير الأزهر نظيم داعش بشكل رسمي، فضلا عن مطالبة البعض برحيل الطيب، مما أعاد التذكير بالهجوم السابق الذي شنه بعض النواب على شيخ الأزهر، وعلى رأسهم النائب محمد أبو حامد، والذي صرح من قبل بإعداده مشروعه قانون يمكن من تحديد مدة بقاء شيخ الأزهر في منصبه، إلا أن اللجنة الدينية بمجلس النواب، أغلق المجال أمام أبو حامد، مؤكدة أن الأزهر مؤسسة مستقلة، ولها لوائحها الداخلية ولايمكن تشريع قانون في هذا الإطار.
هيئة كبار العلماء، عقد اجتماعا موسعا، عصر أمس، وأصدرت بيانا ينص على يدين الهجوم على الأزهر الشريف، حيث أكدت تقديم الأزهر العزاء لضحايا الكنيستين المذكورين سلفا، مؤكدة على أن مناهجَ التعليم فى الأزهرِ الشريفِ فى القَدِيمِ والحديثِ هى - وحدَها – الكفيلةُ بتعليمِ الفكرِ الإسلامى الصحيح الذى يَنشُرُ السلامَ والاستقرارَ بينَ المسلمين أنفسهم، وبين المسلمين وغيرهم، لافتة إلى أن الأزهر الشريف يشهد على سلامة ودقة مناهجهه الملايين التى تخرجت فى الأزهر من مصرَ والعالم، فضلا عن كونهم دُعاةَ سلامٍ وأمنٍ وحُسن جوار، مستنكرة الهجوم الأزهر، حيث عبرت عن ذلك في البيان مستكملة "إنه من التدليس الفاضح وتزييف وعى الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين".
كما تضمن البيان الصادر عن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، " إن الحقيقة التى يَتنكَّرُ لها أعداء الأزهر بل أعداء الإسلام هى أن مناهج الأزهر اليوم هى نفسها مناهج الأمس التى خرجت رواد النهضة المصرية ونهضة العالم الإسلامى بدءا من حسن العطار ومرورا بمحمد عبده والمراغى والشعراوى والغزالى، ووصولا إلى رجال الأزهر الشرفاء الأوفياء لدينهم وعلمهم وأزهرهم، والقائمين على رسالته فى هذا الزمان".
وأضاف البيان، "على هؤلاء المنكرين ضوء الشمس فى وضح النهار أن يلتفتوا إلى المنتشرين فى جميع أنحاء العالم من أبناء الأزهر، ومنهم رؤساء دول وحُكومات ووزراء وعلماء ومفتون ومُفكرون وأدباء وقادة للرأى العام، ويتدبروا بعقولهم كيف كان هؤلاء صمام أمن وأمان لشعوبهم وأوطانهم، وكيف كان الأزهر بركةً على مصر وشعبها حسن جعل منها قائدا للعالم الإسلامى بأسرِه.. وقبلة علمية لأبناء المسلمين فى الشرق والغرب".
من جانبه يقول ومن جانبه قال الشيخ أحمد مصطفى محرم، ممثلا عن الأزهر الشريف وعضو لجنة الفتوى بالأزهر، إن بيان هيئة كبار العلماء جاء في توقيت هام للغاية، مشيرا إلى أن الأزهر التزم الصمت فترة طويلة وكان لابد من صدور بيان توضيحي ورد بليغ على كافة المهاترات المزعومة خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن هناك مساع للنيل من قيادات الهيئة والأزهر، ودفعهم للدخول في مناقشات جدلية، من شأنها التقليل من الأزهر وقراراته.
وتابع محرم في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إن خروج الأزهر عن صمته رسالة قوية للمهاجمين، فضلا عن توضيح العديد من الحقائق التي يحاول البعض تزييفها، مشيرا إلى أن الأزهر من أعمدة الدولة المصرية، وتشويه صورته أو تصدير إطار سيء عن الأزهر من شأنه دخول مصر في نفق مظلم، مؤكدا أن التحديات التي تمر بها مصر حاليا تحتاج بشكل أو بآخر التعاون والإحترام المتبادل بين المؤسسات، ونبذ الخلافات المبنية على غير حق.
وفي سياق متصل، قال الدكتور محمد السيد، أستاذ الشريعة، بيان الأزهر الشريف، جاء مفصلا وشاملا لكافة الجوانب، فضلا عن رده باب المزايدة في أحداث التفجيرات، فحرصت الهيئة على تقديم التعازي للأخوة الأقباط، مشيرا إلى أن هناك مساع للنيل من الأزهر الشريف دون مبرر حقيقي، وهو ما يعطل مسيرة البلاد في ردع الإرهاب ودفع عجلة النهوض، قائلاُ "أي أزمات تحدث مش في صالح مصر في الوقت الراهن"، مطالبا جميع الأطراف بالحكمة وترك باب الهجوم غير البناء والهادف لتدمير المؤسسات المصرية.
وفي تصريحات صحفية له، يقول الدكتور عمر حمروش أمين اللجنة الدينية، إنه يعكف فى الفترة الحالية على إعداد مشروع قانونه الجديد حول تحصين شيخ الأزهر، والحفاظ على المؤسسة الدينية الرسمية فى الدولة ورمزها الإمام الدكتور أحمد الطيب.
وتابع حمروش، إن حماية الأزهر واجبة على كل فرد فى المجتمع، مؤكدا أن اللجنة الدينية ترفض القانون المعروض من النائب محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن الإجتماعى فى البرلمان، لافتا أن هناك حملة ضد شيخ الأزهر من جهات كثيرة.