كشفت صحيفة "إندبندنت" البريطانية إن سكان الموصل السنة يتعرضون لاضطهاد جماعي بدعوى تعاونهم مع تنظيم "داعش".
وأشارت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم على إلى أن العديد من الأسر السنية يتعرضون لعقوبات "طائفية" تتمثل في التهجير القسري وإخلاء مناطقهم لصالح الشيعة والأكراد، لإحداث تغييرات ديموغرافية.
ورصدت الصحيفة بعضاً من معاناة النازحين السنة من الموصل على لسان بلقيس ويلي الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بالعراق.
وقالت ويلي:"في مخيمات الخازار وحسن شامي في المناطق الخاضعة للسيطرة الكردية في شرق الموصل يمكن للعرب السنة رؤية قراهم السابقة لكنهم محرومون من العودة إليها مرة أخرى ".
وأضافت:"في هذه المناطق هناك مخيمات أفضل قليلا من السجون المفتوحة، حيث لا يستطيع النازحون القدوم والخروج من المخيم بحرية أو استقبال الزوار أو حتى امتلاك الهاتف المحمول.. إن التغيير الديمغرافي القسري قد يكون أحد الدوافع وراء ذلك، ولكنْ هناك أيضا خوف حقيقي، وإن كان مبالغا فيه، من داعش".
ويقع مخيم الخازر وحسن شامي على بعد نحو 30 كيلومترا شرق الموصل شمالي العراق، على المعبر الفاصل بين أربيل ونينوى. والخازر هو في الأصل نهر يقع بين أربيل والموصل.
ويعد أحد أربعة مخيمات أقامتها الأمم المتحدة بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان العراق وعدد من المنظمات الإنسانية لإيواء النازحين الفارين من مناطق سكنهم منذ بدء الحملة العسكرية لاستعادة مدينة الموصل من تنظيم الدولة.
ومنذ بدء الهجوم المضاد على داعش في 2014 أُجبر سنة عرب على مغادرة قراهم ومدنهم في مناطق استراتيجية جنوب بغداد وفي محافظة الحلة الشمالية، ومن غير المحتمل أن يسمح لهم بالعودة.
وشهد العراق منذ الغزو الأمريكي في 2003 تغيرات ديمواغرافية كبيرة، ومع اندلاع حرب طائفية سنية شيعية في بغداد عام 2006 انحسر السنة في جيوب صغيرة بينما تحولت المناطق المختلطة إلى مناطق شيعية بالكلية.
أهداف سياسية
وأكدت الصحيفة أن الحكومة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة والسلطات الكردية لديهم مصلحة في توسيع الرقعة التي يسيطر عليها طوائفهم على حساب العرب السنة، مشيرة إلى أن الطرد القسري عقوبة تم توقيعها في مناطق مختلفة بشمال ووسط العراق.
واعتبرت في الوقت ذاته أن عمليات التطهير العرقي الذي تقوم به سلطات الدولة وميلشيات في العراق ربما يكون له أهداف سياسية بعيدة المدى.
وبمجرد سيطرة القوات العراقية على الموصل مطلع هذا الأسبوع ظهر هاشتاجان على فيسبوك وتويتر وانستجرام، الأول بعنوان "الموصل لنا ونحن أخذناها" والثاني هو "شعب الموصل يستحق" مصحوبا بصور الدمار الذي لحق بالمدينة.
وكان رئيس حكومة بغداد حيدر العبادي قد أعلن مساء الإثنين الماضي من داخل الموصل هزيمة تنظيم الدولة في المدينة.
ورأت الصحيفة أن الكثير من العراقيين يرون أن سكان الموصل تعاونوا مع داعش خلال السنوات الثلاثة التي سيطر فيها التنظيم المتطرف على المدينة، مشيرة إلى أن هناك دعوات لمعاقبة من أسمتهم بـ "أسر داعش" الذين أصبح أبناؤهم مقاتلين أو مسئولين في التنظيم.
وبحسب التقرير، فإن الرغبة في الانتقام تدور بين ضحايا داعش بعد سقوط المدينة.
ولفتت الصحيفة إلى أن أسباب اشتباه القوات العراقية في ارتباط شخص بداعش قد تكون واهية. وعن هذا قالت ويل :" عندما يظهر نساء وأطفال بدون أي أقارب ذكور، فيفترض أن يكون الرجال انضموا لداعش وقتلوا أو تم إلقاء القبض عليهم أو هربوا ".
وأضافت:"ربما يقولون (النساء والأطفال) إن الرجال قد قتلوا في التفجيرات لكن لا أحد يعرف ما هي الحقيقة".
ويجد شباب من الموصل ومحافظة نينوى الذين قضوا سنوات تحت حكم داعش صعوبة في إقناع القوات العراقية المنتصرة على التنظيم بأنهم لم يشتركوا في أي نوع من الخدمة العسكرية مع التنظيم، بحسب الصحيفة.
وتداول مؤخرا نشطاء العديد من التسجيلات المصورة التي تظهر أفرادا من قوات بغداد ومليشيا الحشد الشعبي وهم يقتلون أو يعذبون أشخاصاً، منهم أطفال في الموصل، بحجة الانتماء إلى تنظيم الدولة أو التعاطف معه.
وطالب مجلس الأمن الدولي قوات حكومة بغداد بالامتثال للقانون الدولي، وحماية المدنيين، أثناء السيطرة على الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة.
وجاء بيان المجلس تعقيباً على تقارير منظمات حقوقية سجلت انتهاكات ارتكبتها القوات العراقية بحق المدنيين في الموصل، كما حملت منظمة العفو الدولية أطراف النزاع في الموصل مسؤولية ارتكاب جرائم.
كذلك اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش قوات الأمن العراقية بتهجير أكثر من 170 عائلة قسرياً من منازلها، بتهمة انتماء بعض أفرادها أو تعاونهم مع تنظيم الدولة، وهو ما يعتبر نوعاً من العقاب الجماعي.
ولم يصدر حتى الآن أي بيان عن الحكومة العراقية للرد على تلك الاتهامات. لكن السلطات تقول إن هدف المخيم هو إعادة تأهيل هؤلاء نفسياً وفكريًا.