شهدت الفترة الأخيرة تصاعدًا لدور القاهرة في أصعب أزمات القرن إذا أنها أصبحت راعية لاتفاقات وقف إطلاق النار هناك، لكن الأكثر من ذلك هو ما أصبح يعرف بـ"تهميش إيران".
كثيرة هي التحليلات التي تناولت دور مصر في الأزمة السورية في الفترة الأخيرة، ويتعلق الدور بكافة التطورات في منطقة الشرق الأوسط في هذه المرحلة بالذات.
تدعم مصر في الأزمة السورية "الحفاظ على الجيوش الوطنية"، وهي هنا ليس بالضرورة تؤيد بقاء بشار الأسد لشخصه وإنما من باب الحفاظ على هوية الدولة السورية، وخوفًا عليها من شبح الانقسام، كما أنها لا تنفر المعارضة بشكل قاطع بل تحرص على تسوية سياسية تنهي الأزمة وتوقف شلال الدم، بالتنسيق بين طرفي الأزمة.
وبدا في الأيام الأخيرة النجاح المصري في تثبيت وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية في شرق دمشق وفي شمال مدينة حمص، وهو ما أشار لدور مصري أكبر في المرحلة المقبلة، وقد يكون طرف مرحب به أكثر من غيره.
ولعل أكثر ما ارتبط باتفاقي خفض التصعيد الذين رعتهما مصر أنهما في مناطق سبق طرحها في اتفاق خفض التوتر في محادثات أستانة برعاية روسيا وإيران وتركيا، ورعاية مصر لاتفاقيتين في نفس المناطق بدت لكثيرين وكأنه فقد للثقة في ضامني أستانة.
وفي وقت تتوطد فيه العلاقات المصرية الروسية فيبدو أن موسكو لا ترفض تعاظم دور القاهرة في التعاطي مع الأزمة، خاصة أن الموقف ربما يخدم بقاء بشار الأسد في السلطة، كما أن الروس لديهم الكثير من التحفظات على التواجد الإيراني الكبير في سوريا.
أما عن السعودية، فالأمر يبدو لديها مؤشر لدور مصر متصاعد أيضًا، فالمملكة رغم أنَّها أعلنت منذ بدء الأزمة السورية وهي تدعو في الإطاحة للأسد، لكن أسبابًا ربما تقودها إلى تغيير بوصلة تعاملها.
أولها أنَّ السعودية لا يمكنها أن تسير في اتجاه عكس القاهرة وبخاصة لتحالفهما مع البحرين والإمارات ضد قطر بسبب سياساتها في المنطقة، كما أن المملكة لا ترى على ما يبدو إمكانية حسم الأمر عسكريًّا، هذا بالإضافة إلي أن استمرار دعم المعارضة المسلحة "المنقسمة في الأساس" قد لا يجدي كثيرًا.
وفي مقدمة الأسباب التي تجعل السعودية تؤيد تصاعدًا في الدور المصري هو أنه قد يأتي على حساب التدخل الإيراني، وهو أيضًا ما يمنح المصريين ضوءًا أخضر من قبل الولايات المتحدة المعارضة دومًا لتدخلات طهران.
وتقول صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية متحدثة عن مصر إن لاعبة جديدة ومفاجئة انضمت مؤخرًا إلى الساحة السورية وساهمت في تثبيت وقف إطلاق النار المحلي.
وتشير إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن مرات كثيرة أن مصر تدعم الجيوش الوطنية من أجل حل الصراعات في المنطقة والحفاظ على الأمن، وهو ما اعتبرته يعبر عن دعم جيش النظام.
وأشارت إلى تصريح سابق للرئيس عبد الفتاح السيسي بأن بشار الأسد يعتبر جزءًا من الحل، كما جرت لقاءات لمسؤولين في البلدني بالقاهرة في الأشهر الماضية، كما أن وفدًا فنيًّا يزور دمشق حاليًّا للمشاركة في معرض دولي.