اعلان

إعدام بالإشعاع.. بورسعيد فى انتظار "تشرنوبل" جديدة.. انبعاثات سامة وزيادة نسبة اليورانيوم فى المخلفات تهدد بكارثة.. تسريب مخالفات المصنع يقتل الثروة السمكية فى بحيرة المنزلة.. والعمال مهددون بالعمى

في عام 2007 لاحظ المارة بمناطق جنوب بورسعيد أعمال إنشاءات كبيرة، قادهم الفضول لمعرفة أن ثمة مصنعا ضخما باستثمارات هندية يقام على تلك البقعة، هلل الأهالي حينها فرحا، إذ سوف يوفر لهم المصنع فرص عمل ويفتح أمامهم أبواب الرزق، لكن مع تشغيل المصنع كانت الصدمة، فالمصنع حمل لهم الموت والمرض بدلا من فرص العمل، نظرا لانبعاثات الكلور واليورانيوم، نتيجة عمليات "البلمرة" في مصنع البتروكيماويات، المستندات تصفع وجه الحكومة التي تواطأت على قتل مواطنيها، من خلال السماح ببناء مناطق سكنية بجوار "مصنع الموت" على عكس التوصيات ذات الصلة، التي منعت البناء بجواره، بل وأوصت أيضا بإخلاء المصنع من العمال عند مرحلة معينة في التصنيع حفاظا على صحتهم، وفقا للمعايير الدولية.. «أهل مصر» حصلت على التفاصيل ..

مصنع سينمار للبتروكيماويات أو كما يطلق عليه «مصنع الموت» ببورسعيد، تابع لمجموعة سنمار الهندية، أقيم فى المنطقة الصناعية جنوب مدينة بورسعيد منذ عام 2007، لإنتاج مادة الإثيليين الأخضر، المشتق من مادة الإيثانول لإنتاج مادتى الصودا الكاويا وكلوريد فينيل، بجنوب بورسعيد، والتى تفصل بينهم قناة بحرية تربط بين بحيرة المنزلة وقناة السويس.

المصنع وفقا للمعلومات يوفر نحو 3000 من العمالة المباشرة وغير المباشرة التابعة للمقاولين، والذين ليس لهم أى حقوق على المصنع فى حالة وقوع أى كارثة بداخله نظرا لعدم وجود أى عقود تربطهم بالمصنع من قريب أو من بعيد، حسب تأكيد العاملين.

رسالة تكشف الكارثة رسالة الماجستير المقدمة من الباحث محمد أحمد شحاتة، المعيد بقسم الجيولوجيا بكلية العلوم بجامعة بورسعيد، سلطت الضوء على وجود خطر "إشعاعى" فى المنطقة الصناعية جنوب المحافظة، المتواجد بها عدد من مصانع المواد الكيماوية وتعطى مؤشرات بوجود أماكن أخرى بالمنطقة تمثل مصدرا للتلوث الإشعاعى.ورفع الدكتور شمس الدين شاهين، رئيس جامعة بورسعيد، والذى كان يشغل وقتها وكيل الكلية لشئون البيئة والقائم بأعمال عميد الكلية حينها، مذكرة للواء سماح قنديل محافظ بورسعيد يحذره فيها من خطر هذه المصانع على المترددين عليها وضرورة اتخاذ موقف سريع، لكن دون جدوى.وشكلت الكلية لجنة من وكيل شئون البيئة ومدير المعمل المركزى بالكلية والباحث لعمل مراجعة حقلية للمنطقة المشعة حيث تم قياس الإشعاع باستخدام جهاز "مطياف أشعة جاما" وأوضحت النتائج أن النشاط الإشعاعى فى نطاق منطقة محدودة الامتداد لها قيم إشعاع تبلغ أكثر من 6000CPS وتمثل تركيزات العناصر المشعة بها قيما أعلى من المعدلات المسموح بها والتى توصى بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والهيئات البيئية الدولية كالاتحاد الأوروبى.وكشفت الدراسة أن عنصر "اليورانيوم المشع"، له خاصية الذوبان فى الماء ومن الممكن أن يمتد من مكان لآخر، خاصة أنه لم يتم التوصل للجسم مصدر الإشعاع حيث إنه غير ظاهر على سطح الأرض ومدفون بالمنطقة على عمق يزيد على 50 سم وتم عمل خرائط توزيعات القابلية المغناطيسية لاحتمالية وجود معادن ثقيلة.وتزداد خطورة هذا المصنع، وفقا للبحث مع عدم وجود شبكات صرف صناعى ببورسعيد قادرة على اكتشاف أو معالجة الملوثات الناتجة عن عملية "البلمرة" أو الغسيل للمونمرات المستخدمة داخل المصنع، والزعم بوجود وحدات معالجة أو فلاتر داخل المصنع فان المختصين فى مجال البيئة أكدوا أن معظم الدول المتقدمة قد انهت وجود مثل هذه المصانع لديها، بعد أن وضعوا الكثير من القيود عليهم مثل اخلاء هذه المصانع من العمالة البشرية وخصوصا فى مرحلة "البلمرة".

خطر العمىينتج المصنع الصودا الكاوية التى تعد من أخطر المركبات التى تؤثر على العين والرئتين مما يسبب أضرارا قد تصل للعمى فى حالة التعرض المباشر أو لفترات طويلة ويمكن أن تسبب التهيج الشديد للفم والحلق واستنشاقها قد يسبب السعال الشديد وقصر النفس وارتشاحا على الرئتين، كما أن بخار الكلور يسبب أضرارا جسيمة فى حالة استنشاقه.الدولة تخالفورغم كل التحذيرات من البناء بالقرب من مصنع سينمار إلا أنه تم الانتهاء من أكبر مشروع سكنى اجتماعى للشباب محدودى الدخل جنوب بورسعيد يتضمن مدارس ووحدة صحية ونقطة شرطة وإطفاء وأماكن للبدالين التموينيين ومسجدا يسع 1000 مصلٍ ومركزا للشباب.وحصلت "أهل مصر" على مستندات تعترف فيها المحافظة بطلبها بعمل حزام أخضر في اطار الحفاظ على البيئة ومنع التلوث، خاصة بالمنطقة المحيطة بالمصنع "المشروع السكنى"، ليعترف مصنع سينمار فى مستند آخر بعدم ملاءمة المنطقة المجاورة للمصنع لإقامة تجمع سكني، حرصا على حياة المواطنين، ليأتى المستند الثالث ليسجل رفض جهاز شئون البيئة طلب السكرتير العام السابق بإقامة تجمع سكني بالمنطقة المجاورة للمصنع حرصا على سلامة المواطنين، ورغم كل التحذيرات فقد ضربت محافظة بورسعيد بالقرارات عرض الحائط وقامت ببناء المجمع السكنى للاسكان التعاونى.مصيبة بيئيةيقول إبرهيم عبداللطيف، صياد ببحيرة المنزلة، إن مصنع سينمار للكيماويات يتخلص من فائض الصودا الكاوية والكلور ومخلفات الصرف الصناعى بقناة الاتصال فى بحيرة المنزلة، والتى تقضى على الثروة السمكية، فضلا عن تلوث الهواء بارتفاع نسبة ثانى أكسيد الكبريت داخل وخارج المصنع، والتخزين غير الآمن للمواد التى تساعد على الانفجار.ويتابع «سمعنا منذ فترة أن المصنع حدث بداخله انفجار مما تسبب فى إصابة وقتل عدد من العاملين به إلا أن المصنع تكتم على الأمر".ويضيف أحد العمال داخل المصنع والذى رفض ذكر اسمه، أن مصنع سينمار يخرج غازات سامة.سجل كوارث المصنعفى عام 2016 قرر مالك المصنع تسليم إدارته إلى مصريين، وحدثت عدة كوارث فى المصنع، بسبب إهمال الصيانة، ومعامل الأمان، وعدم وجود الحد الأدنى لوسائل الوقاية من المخاطر، منها على سبيل المثال ما حدث فى بداية يونيو 2016، عندما حذر العمال إدارة الشركة فى مذكرة رسمية من كارثة محتملة من عدم تنظيف وغسيل أحواض محولات الكهرباء .وقد تجاهلت الإدارة الأمر رغم أن الشركة القومية للكهرباء كانت قد أخطرت إدارة المصنع وحذرتها بإخلاء مسئوليتها فى 22 يونيو 2016، نظرا لخطورة الأمر، ولم تمر سوى أيام قليلة بالفعل حتى حدث انفجار مهول بمحولات الكهرباء، وخلال شهر يوليو من ذات العام، تقدم العمال بمذكرة أخرى طالبوا فيها الإدارة بإصلاح خطوط الإنتاج، دون جدوى.وفى النصف الأخير من شهر يوليو لنفس العام شهد المصنع انفجارا كبيرا أدى إلى وفاة العامل محمد البلايسى، وإصابة ثلاثة آخرين بإصابات شديدة، نتيجة لتسرب كمية هائلة من الغازات السامة، وخلال شهر أغسطس وقع تسريب متكرر لحمض «الهيدروليك» على الأرض، بسبب عدم وجود المعدات اللازمة للاحتفاظ به، والتخلص منه بطريقة آمنة، كما شهد نفس الشهر انبعاث رائحة غاز «ال آى دى سى» السام، وظهرت مشاكل فى المبرد الرئيسى.وفى يناير 2017 شهد المصنع انفجارا آخر، تسبب فى إصابة 8 عمال بإصابات خطيرة، أدت لتشوه بعضهم بعاهات مستديمة .وتوالت الأحداث حيث شهد المصنع تسريبا جديدا على مدار يومين، بالاضافة لتسريب من محبس الصرف أدى لتكوين بركة من مادة «الهاى بويل»، ثم تصاعد للأبخرة السامة، ولم يستطع أحد دخول المكان بسبب شدة التسريب.وفى 24 إبريل 2017 وقع تسريت كميات كبيرة من غاز الكلور، وكان العمال قد تقدموا قبل ذلك بمذكرة تفيد بنقص عدد اسطوانات الأوكسجين المضغوط، التى تعمل على الحد من الآثار الخطيرة لهذا الغاز على العمال، وفى 7 مايو 2017 انفجرت وصلة الطرد الخاصة بإحدى الطلمبات، ما أدى إلى توقف المصنع وتسرب الكلور مرة أخرى.وفى 8 مايو 2017 تسرب غاز (vcm) المسرطن بكميات كبيرة، وتبين عند محاولة تفادى الكارثة عدم وجود «الطلمبة الاحتياطية»، التى كانت ستعمل على التخلص من الكميات المسربة، وفى 9 مايو 2017 حدث تسرب جديد لذات الغاز من محبس الصرف لخط السحب بخزان «الهاى بويل".من جانبهم، فقد حاول أعضاء اللجنة النقابية للعمال احتواء الأزمات، ومحاولة إيجاد حلول لها وعدم تفجيرها، للحفاظ على أرواح العمال والمواطنين فى بورسعيد، خاصة بعد تجاوز الإدارة برفع الغطاء الطبى والعلاجى عن أحد العمال الذين أصيبوا فى أحد التفجيرات، ويدعى عصام السعيد، واجتمع الأعضاء برئيس قطاع الموارد البشرية بالمصنع نادر على، إلا أن رد فعله كان سلبيا ولا يتناسب مع ما حدث من انفجارات نتج عنها وفيات وإصابات وتلوث مهول، وليس هذا فحسب، بل فى خطوة تصعيدية غير مبررة، قامت الإدارة بعدها بفصل 3 من أعضاء اللجنة النقابية، بسبب تمسكهم بحقوق العمال.وفى اول شهر مايو من العام الجارى قامت الادارة الخاصة بالمصنع بإعلان قائمة المفصولين من المصنع وهم كل من: رمضان محمد عامر، نائب رئيس اللجنة الإدارية بالنقابة، وهشام السيد محمد طه، مسئول السلامة والصحة المهنية وعضو النقابة، وأيمن مدحت محمد عمر، عضو النقابة، وعضو سكرتارية اتحاد محلى، وقد قاموا بتحرير محضر إثبات حالة بالواقعة بتاريخ 5 مايو 2017 / أحوال قسم جنوب بورسعيد.حكم قضائيقضت محكمة بورسعيد الجزئية المنعقدة يوم الأحد، برئاسة خالد العوضي رئيس المحكمة، بالحبس سنة مع الشغل وكفالة قدرها مائتا جنيه لإيقاف التنفيذ مؤقتاً فى القضية رقم 2144 لسنة 2017 جنح الجنوب ضد "هندى وثلاثة مصريين" من العاملين بمصنع سينمار لتسببهم فى احداث اصابات وجروح لاخرين من العمال لعدم اتباع اللوائح الخاصة بالسلامة المهنية .وأسندت النيابة للمتهم الأول بأنه لم يهتم بتوفير وسائل الصحة والسلامة المهنية بمنشأته، وطلبت عقابهم بالمواد 3،1/244 عقوبات والمواد 256،237،208، 203 من القانون رقم 12 لسنة 2003.بيع الأرض للمالك الهندى على الرغم من كل ما سبق فقد أعلنت محافظة بورسعيد فى التاسع من سبتمبر الماضى عن توقيع اللواء عادل الغضبان، محافظ الإقليم، مع العضو المنتدب لمصنع «سينمار للكيماويات»، عقد ملكية أرض المصنع بناء على توصية لجنة فض المنازعات بعد سنوات من إنشاء المصنع الذي يعد أحد أكبر مصانع إنتاج الكيماويات والكلور في مصر، والتي تستخدم في تنقية مياه الشرب، وتم تملك المصنع بعد استيفاء كل الشروط الخاصة به، وحضر التوقيع ممثلون من الشركة والتنفيذيين بالمحافظة بالديوان العام للمحافظة.برنامج تلفزيونى يشعل الأزمةشهد مصنع "تى سى إيه سينمار" للكيماويات، حالة من الاضطراب الجزئى بكافة المواقع عدا قسم الـ"pvc" والذى حاول عقب ذلك العمال اغلاقه ولكن المصنع استغاث بالأمن، نظرا لوقوع كارثة حتمية فى حالة اغلاقه وذلك عقب اتخاذ الإدارة إجراءات فصل المهندس محمد عبداللطيف، رئيس اللجنة النقابية للعاملين بالمصنع على اثر مداخلة لبرنامج "انتباه" بفضائية المحور أوضح فيها مطالب عمال المصنع .وفى سياق متصل لتفاقم الأزمة ألقت قوات الأمن ببورسعيد، مؤخرا القبض على 13 من العاملين بمصنع سينمار وذلك عقب قيامهم بتعطيل متعمد للمبرد مما كان سيتسبب فى تسريب غاز الكلور ويؤدى الى كارثة في محافظة بورسعيد مما جعل الاداره تستعين بقوات الامن للسيطرة على الموقف .وصرح مصدر أمني بمديرية أمن بورسعيد بأن العاملين المقبوض عليهم قاموا بتلك الفعلة من أجل إحداث كارثة للمصنع لفصلها ثلاثة من النقابة العمالية بالمصنع لتنظيمهم وقفات احتجاجية وتعطيل سير المصنع، وأيضا التحدث والادلاء بتصريحات اعلامية عن الاوضاع البيئية بالمصنع باحد البرامج التلفزيونية، حسب قوله.الجديد في قصة مصنع الموت أن المصنع يستعد للتوسع وافتتاح الخط الجديد، دون أي ملاحظات من قبل الدولة أو جهاز شئون البيئة.نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً