تعتبر مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، من أقدم مدن مصر، كما كانت فى العصور الأولى لمصر مدخلا، ومعبرا للوافدين على مصر، وهى أول مدينة بنى فيها مسجد فى إفريقيا وهو مسجد سادات قريش هو الـ15 فى الترتيب على مستوى العالم.
مسجد "سادات قريش" من أهم المعالم الإسلامية البارزة ويعتبر أقدم المساجد بمصر تم بناءه فى السنة الـ18 من الهجرة فى العام الأول من الفتح الإسلامى؛ واشترك فى تحديد القبلة 25 صحابيا تعتبر قبلته القبلة الرئيسية فى مصر وأقدم قبلة بعد المساجد الـ3 المسجد الحرام والأقصى وقباء ويعتبر مسجد السادات أول مسجد بنى فى قارة إفريقيا قد أطلق عليه هذا الاسم تكريماً لشهداء المسلمين من صحابة رسول الله فى معركتهم ضد الرومان عند فتحهم لمصر، يذهب بعض المؤرخين إلى الاعتقاد بأن هذا المسجد هو أول مسجد بنى فى مصر وإفريقيا قبل مسجد عمرو بن العاص فى مدينة الفسطاط.
زارت "أهل مصر" مسجد سادات قريش .. المسجد مستطيل الشكل يحتوى على ثلاثة صفوف من الأعمدة الرخامية 18 عموداً مربوطة معاً بعوارض خشبية متينة، تخرج منها أعمدة خشبية أخرى لتحمل السقف الكبير الذى يغطى حرم أول مسجد فى القارة الأفريقية، هندسة معمارية قديمة بقيت وستبقى، لأنها تمتص الهزات الأرضية لتحمى من جاء للصلاة والتعبد. الأعمدة لا تعود لعصر بعينه أو حقبة زمنية محددة، بل جمعت بتيجانها ما مر على مصر من عصور وحكام، وبمجرد النظر إلى أول الأعمدة عند الإمام فتجد الحية «واجيت» إحدى الآلهة عند المصريين القدماء، تتراص خلفها أعمدة تعود إلى العصر الفرعونى أيضاً واليونانى والرومانى والبطلمى وغيرها.
يقال «إن المسجد كان دير وقلب هويته عمرو بن العاص»..هكذ أكد عبد الوهاب شوقي يحى، عميد معهد بنين بلبيس الاعدادي الأزهري، حديثه عن المسجد، مشيراً إلى أنه الأول فى أفريقيا والخامس عشر فى العالم، وأن بناءه ارتبط بقصة الفتح الإسلامى لمصر بقيادة عمرو بن العاص، حيث كان مقر حكم المنطقة الشرقية ببلبيس معلقاً: «رغم أن الناس فاكرة مسجد عمرو بن العاص هو أول مسجد فى مصر، إلا أن المعلومة دى غلط وهذا المسجد هو أول مسجد فى مصر وأفريقيا ورقم 15 فى العالم».
ويذكر «شوقي»، أن مدينة بلبيس كان لها أسوار وأربع بوابات، وتم فتح البوابة الغربية لقوات عمرو بن العاص من قبل القسيس بنيامين، بسبب هروب الأساقفة والرهبان إلى الأديرة لما تعرضوا له من اضطهاد، مشيراً إلى أن المعركة استشهد فيها 250 من المسلمين، و40 صحابياً و210 تابعين، بينما قُتل من الرومان 3 آلاف، وأسر 3 آلاف آخرين، وهرب باقى الجيش من معسكرهم الذى كان موجوداً فى موقع الكلية الجوية الآن، لافتاً إلى أن المدينة هى بوابة الصد الأولى بالشرقية.
ويضيف أن عمرو بن العاص أقام المسجد مكان القصر الذى كان مقراً للحكم الرومانى، وكان القصر عبارة عن 5 أفدنة، وتم تحديد القبلة من قبل 25 صحابياً من خلال النجوم، وهى تعد من أدق القِبلات فى المساجد الأثرية الموجودة فى مصر.
وأشار عميد المعهد إلى أن المسجد سمى فى بداية تأسيسه مسجد الشهداء، نسبة إلى شهداء المعركة، ثم فى عصر الأمويين عندما قتل سيدنا الحسين فى كربلاء، والسيدة زينب ذهبت إلى دمشق رأت الرسول صلى الله عليه وسلم فى المنام يأمرها بالتوجه إلى مصر، فلما دخلت أرض مصر استقبلها حاكم بلبيس وأقاموا لها احتفالاً كبيراً فقالت: «يا أهل مصر آويتمونا آواكم الله ونصرتمونا نصركم الله» وأقامت فى المدينة شهراً كاملاً، فسمى المسجد باسم «سادات قريش».
ويشير إلى أن الطراز المعمارى للمسجد فريد، ويجاوره مقابر شهداء المعركة وأسفله توجد سراديب ترجع إلى العصور القديمة، كانت تستخدم فى هروب الأمراء والملوك من المدن التى يتم غزوها حتى لا يقعوا فى الأسر، متابعاً: «الأنفاق دى مبنية بالحجارة أفضل من الأنفاق اللى موجودة فى سيناء»، مشيراً إلى أن احتواء المسجد على بوابة أحد هذه الأنفاق لم يكن سوى لأن موقع المسجد كان القصر الرومانى الذى كان يحكم إقليم بلبيس.
قال محمد أحمد، أحد أهالي مدينة بلبيس: «المسجد ده فيه روحانيات مش موجودة فى أى مسجد تانى، ده بنحسه لما بنيجى نصلى فيه كل يوم، كفاية إن صحابة رسول الله مدفونين جنبه موضحاً أنه من الجيل الذى كان يتبع والده وجده فى تحركاتهم إلى المساجد والزيارات، وأن المسجد هو المسجد الكبير فى بلبيس، والأكثر زحاماً من كل المساجد».
ويضيف " محمد"، أن أهالى بلبيس يلجأون إلى المسجد فى أحزانهم وأفراحهم، ويأتيه غالبية الأهالى لإجراء عقد القران، والصلاة على المتوفين، حيث تخرج منه كل جنازات المتوفين فى بلبيس تقريباً، نظراً لمكانته بين المساجد، ويتابع: «الناس كان بتجيله من كل مكان فى مصر ومن بره مصر، ولأن مفيش لوكاندات كانوا بيمشوا على القاهرة لأننا قريبين من القاهرة، ولو كانت فيه لوكاندات لكانت اتزحمت بسببه».
ويقول "عبدالحليم غريب برعي"، يعمل بمحل بجوار المسجد أن المسجد بيعوقه بعض المشاكل وأهما نقص في العماله كان يوجد 3 عمال بالمسجد وخرج منهم 2 علي المعاش ولم يتم تعيين غيرهم حتي الأن وعدم الأهتمام وعدم التطوير للمسجد.
ويضيف"غريب" انه تم ترميم المسجد فى العصر العباسى فى عهد الخليفة المأمون وأطلق عليه جامع المأمون وفى العصر الحديث قام عدد من الباعة الجائلين بتشويه جدرانه ذات الطراز المعمارى إلى أن قام النائب محمود خميس أحد رجال الأعمال بتطويره على نفقته الخاصة في عام 2005 .وناشد"غريب" المسئولين النظر بالرعاية للمسجد بعين العفو والتقدم بمستوي يليق بالمسجد وتاريخه.