في الساعة الخامسة من صباح كل يوم، وبشارع ضيق ينتهي ببحر شبين الكوم بجوار مديرية الشئون الاجتماعية، يبدأ الريس صلاح «صاحب معدية» فتح معديته لاستقبال الركاب لنقلهم إلى البر الآخر. حيث ينتظره الركاب على الجانبين، منادياً عليهم «تعالوا اركبوا .. رايح جاي بجنيه بس .. اللي عاوز يدفع يدفع اللي مش عاوز خلاص». وفي هذا السياق يقول صلاح أحمد سرور: أبلغ من العمر 51 عاما، أعمل على معدية الشئون الاجتماعية منذ 43 عاماً.. ورِثتُ المعدية أبا عن جد، لأخذ رزقي ورزق أبنائي 11، فأبنائي لا يزالون في المدارس، ويقومون بمساعدتي في الإجازات.
ويضيف صلاح: علي الرغم من غلاء أسعار المقتنيات اليومية من متطلبات ضرورية للمنزل، إلا أنني لا أرغم أحدا على دفع أجرة الذهاب والإياب، وذلك لأنني أعلم جيداً أن هناك أوقاتا في الشهر لا يمتلك الرجل فيها مالا ليدفعه في المواصلات.
ويواصل صلاح: تطورت في العمل عن ذي قبل، حيثُ بدأت في قارب صغير، وصولاً إلى معدية، تزوجت منها، وقمت بتربية أولادى.
وأكد الريس: علي الرغم من أن حصول قوت يومي يوميا في أوقات المناسبات يصل إلى 100 جنيه، إلا أنني في بعض الأوقات أحصل علي 50 أو 30 في اليوم.
وتابع: منذ أن كنت طفلاً صغيراً وأنا أنزل مع والدى، ففتحت عينى علي الدنيا، فوجدت نفسي ابن البحر، ووجدت أن هذه مهنتي الأولى والأخيرة.
وأضاف: على الرغم من صعوبة هذه المهنة، إلا أنها لا يوجد بها معاش ولا نقابة أيضاً، تقوم بالدفاع عنا وحفظ حقوقنا. مضيفاً « ولادي هياكلوا منين لو متّ .. مش عاوز أسيب ولادي من غير لقمة ياكلوها».
وناشد صلاح محافظ المنوفية قائلاً «نفسي في كشك إضاءة لإنارة طريق المعدية من بعد أذان المغرب، وذلك لأن إضاءة العمود ضعيفة جدا، والمواطنون يخافون من ركوب المعدية في الظلام الدامس».