«العالم مكان خطير جدًا».. تلك الكلمات وصف بها الرئيس الأمريكي الوضع الملتهب في العالم، وهو وصف ينطبق بدقة على الشرق الأوسط الذي أصبح ساحة لتصفية الحسابات على حساب ثروات ومقدرات الدول، بسبب الصراعات المستميتة على السلطة، والتي أتاحت الفرصة للتدخُلات الغربية في الشؤون الداخلية للبلاد وكانت هي غايتهم لتنفيذ مخططاتهم الخبيثة في نهب ثروات ومقدرات تلك الدول وإضعافها حتى تصبح الدول العظمى قوية وتزداد قوة.
لم يعد ينقص المنطقة سوى الشرارة التي ستحرق الجميع هذه المرة، فالجميع في المنطقة يتصارع ويتسابق نحو الوصول إلى عرش الحكم، كل المؤشرات حاضرة وبقوة وتشير بوضوح إلى أن العد التنازلي أوشك على إعلان ساعة الصفر التي ربما تكون في عام 2019.
صراع القوى في إيران
هناك أزمة سائدة في تلك الأوقات بين وزير الخارجية جواد ظريف الذي ورط إيران بتهمة «غسيل الأموال» وتزداد الأزمات في إيران يومًا بعد يوم فأزمات تدور في كل اتجاه، الصراع بين أجنحة الحكم في إيران يكبر والسخط الشعبي ضد سياسات النظام في مواجهة العقوبات الأمريكية في اتساع، ووسط هذا المشهد المتأزم يطل المرشد خامنئي بتصريحات جديدة يحاول عبرها رأب الصدع في هرم السلطة بين ما يوصفون بالإصلاحيين والمتشددين ليرسخ أقطاب النظام في الدعاية للشيطان الأكبر فقط.
وبينما يدعي خامنئي فى معرض تصريحاته بلهجة واثقة كالعادة، القدرة على هزم أمريكا وعقوباتها بفضل تيار المقاومة المزعومة، تجد في الناحية الأخرى اتهام محمد جواد ظريف وزير الخارجية جهات عليا في النظام بالقيام بعمليات غسل أموال واسعة مما أثار غضب التيار المتشدد، واعتبر المتشددون تلك التصريحات خنجر في قلب النظام ووجهوا لظريف تهمة الإفساد في الأرض.
ويظهر في المشهد المتصارع الرئيس الإيراني حسن روحاني مؤخرًا بجانب وزير خارجيته جواد ظريف فيقطع الطريق على المتشددين الذين دعوه لإقالة وزير الخارجية بعد أن ساند موقفه، واعتبر روحانى أن تصريحات ظريف تمثل موقف الحكومة أيضا ويؤكد النزاع بين أطراف الحكم في إيران.
وفى كل الأحوال فإن إيران تحديدًا ليست بالضرورة أن تعكس الصراعات بين أقطاب النظام وجهة ديمقراطية للدولة، فالبعض يرى ما يحدث من تنازع السلطة في طهران مسرحية وتكامل للأدوار قد يفيدان في تلميع الصورة أمام الرأي العام الداخلي الغاضب، ويساعد في إلهاء المواطنين الإيرانيين عن الأزمات الاقتصادية التي تؤثر على الشارع الإيراني.
فيما تجاهل المرشد الأعلى الأزمات الداخلية وتأثير العقوبات، ودعا إلى تعزيز قدرات إيران العسكرية، كى لا يتجرأ العدو حتى على تهديد الشعب الإيراني.
مزاعم عن صراع في السعودية
كشفت صحيفة «الواشنطن بوست» الأمريكية أن هناك صراعًا على العرش داخل أروقة القصر الملكي السعودي بين الفصيل الذي يؤيده يحركه محمد بن نايف ولي العهد السابق بتحركات من الأمير أحمد عبد العزيز شقيق الملك سلمان لاعتلاء العرش بدلاً من ولي العهد السعودي، وكشف مصدر مقرب من أروقة المملكة أن تلك المزاعم ليست لها أساس من الصحة
تونس بين الشاهد والسبسي
وصلت حكومة «الشاهد» المفروضة من الإخوان المسلمين إلى طريق مسدود مع الرئيس التونسي القائد السبسي، بعد أن أفصح عن الكواليس في الأروقة التونسية حول توتر علاقته مع يوسف الشاهد، الذي اعتبر أن قطع العلاقة مع حركة النهضة كان بسعي منها بعد أن اختارت المضي في طرق أخرى، وقالت صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية أن التحليلات تختلف حول طبيعة هذا البرود بين السبسي والشاهد والتي تحولت إلى صراع بين مؤسسات الدولة خاصة وأن حزب النهضة الإخواني أعطى صلاحيات أكثر من المفروض إلى رئيس الحكومة مقارنة برئيس الدولة لإتمام السيطرة على مقاليد الحكم بعد الثورة الخضراء في تونس، ولكن رغم الصلاحيات «المقيدة» إلا أن خبرته السياسية الكبيرة جعلته المتحكم الأكبر في «اللعبة السياسية».
الأزمة العراقية تلوح في الأفق
تكمن الأزمة الحالية في العراق في حكومتها وتتصارع قوتين حول حقائب وزارتي الدفاع والداخلية التي لا يزالون حجر عثرة في طريق استكمال تشكيل حكومة عادل عبد المهدي، حيث أعلنت كتلة المحور فى مجلس النواب العراقي، الذى يضم أغلب القوى السنية، عدم التصويت على مرشحي حقيبتي الدفاع والداخلية، الذين سيقدمهما رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي للبرلمان.
فيما أعلن قوى حزب الكتلة، إن كتلته لن تصوت على وزيرى الدفاع والداخلية بسبب عدم معرفة الأسماء حتى هذه اللحظة، مؤكدًا أن الكتلة ترفض سياسة الأمر الواقع والإملاءات التي تمارسها بعض الجهات.
وفى ظل الجدل الدائر حول تسمية وزيرى الدفاع والداخلية، توالت التصريحات التى تبرر هذا التأخير، وأسباب عدم التوافق بشأن الوزارتين، حيث أكدت صحيفة «النيوزويك» الأمريكية، أن سبب تأخر تسمية وزير الدفاع هو ضلوع بعض كبار قادة العمليات فى تعاملات فاسدة.
وأضافت الصحيفة أن رفض القوى السنية، وتحديدًا رئيس المحور أحمد الجبوري، للتصويت على وزيرى الدفاع والداخلية، يأتى فى ظل خلافات شديدة بين المحور وقائمة الفتح التى يتزعمها هادى العامري، وهذه الخلافات أجبرت رئيس المحور على الانسحاب من قائمة الفتح، بسبب تجاهل وتهميش رئيس القائمة، وتفردها بقرار تشكيل الحكومة والمناصب، وعدم دعوة أعضاء المحور للاطلاع على الترشيحات والمشاركة فى المناصب الحكومة.
وأشارت إلى أن هذا الأمر أدى إلى الانسحاب، وبعدها خرج هادي العامري بتهديد مباشر لقائمة المحور، بفضح رئيس القائمة وأعضائها فى عملية بيع المناصب، مؤكدا أن رفض التصويت للقوى السنية، جاء نتيجة إقصاء وتجاهل قوائم الإصلاح والبناء لها فى اجتماعات تشكيل الحكومة، ورفض ترشيح الفريق جمعة عناد مرشح زعيم المحور، لمنصب وزير الدفاع.
الصراع يتأجج في الجزائر
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في 2019، تشهد الجزائر العديد من التغييرات السياسية، حروب وصراعات على السلطة تدار خلف الكواليس، تزايدت في أعقاب طرح أحزاب الموالاة منتصف العام مسألة الولاية الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
في ظل مرض وغياب الرئيس عن المشهد، بدأ البحث عن صحة صراع تكسير العظام الجزائري، والذي عبر عنها خطاب الرئيس الأخير في لقاء الحكومة والموالاة وكثرة حديثه عن أشخاص يناورون للنيل من الإنجازات لتحقيق شيء ما في نفس يعقوب.
في أعقاب أزمة عزل رئيس البرلمان، أيضًا أكدت صحيفة Mond Afrique الفرنسية أن ورثة دائرة الاستعلام والأمن، بقيادة الجنرال عثمان تارتاج، القريب من عشيرة بوتفليقة، والمخابرات العسكرية المرتبطة بزعيم هيئة الأركان القوي جيد صلاح، يشنون حربًا خلف الكواليس.
وأكدت الصحيفة أن حرب الكواليس بدأت مع إقالة الجنرال توفيق في 2015، ومحاولة الجنرال أحمد قايد صالح، نائب وزير الدفاع الانفراد بالمشهد السياسي والأمني بالبلاد، حيث شهدت الولاية الرابعة ظهور إعلاميًا وميدانيًا غير مسبوق له، فكان رجل الولاية الرابعة الأبرز، ويسيطر حزب جبهة التحرير الوطني على الحكومة بقيادة أحمد أويحيى الرجل الحزبي الأقوى، فيما بدت شخصية أويحيى في الصعود، توارى عن الأحداث مؤخرًا مستشار الرئيس المقرب وشقيقه سعيد بوتفليقة بعد أن أثيرت حوله العديد من التساؤلات حول دوره في اتخاذ القرار بالبلاد.
نقلا عن العدد الورقي.