اعلان

وما أدراك ما ليلة القدر

كتب :

يتحرى المسلمون منذ عهد رسول الله والى قيام الساعة ليلة القدر فى أوتار العشر الأواخر من شهر رمضان، عسى أن يكونوا من السعداء بها، وصبيحة اليوم الاثنين التاسع والعشرين من شهر رمضان الكريم ومع ختامهم للقرآن الكريم فى أغلب المساجد الليلة الماضية ينتهي ترقبهم لتلك الليلة فى هذا العام، وذلك بانصرام ليلة اليوم الوتر الأخير من هذا الشهر.

وليلة القدر من المناسبات السعيدة والمؤثرة التى يبقى لها فى الذاكرة ترقب وحضور، وهى من تلك المناسبات التى ينتظرها المسلمون كافة ويترقبونها فى كل عام في شهر رمضان، ومن يسر الله له أن يدعو بدعوة في وقت يوافقها كان ذلك علامة الإجابة، فكم من أناس سعدوا من استجابة دعائهم الذى دعوا الله به فى هذه الليلة.

ويدأب المسلمون على تحرى ليلة القدر فى أوتار العشر الأواخر من شهر رمضان، عسى أن يكونوا من السعداء الذين تصادفهم ويصادفوها، وأرجى ما تكون ليلة سبع وعشرين، فيجتهدون فى العبادة والذكر، والتنبؤ بوقوعها مستدلين فى ذلك على بعض أبرز علاماتها، ومنها العلامات المقارنة وتتمثل فى قوة الإضاءة والنور فى تلك الليلة، وطمأنينة القلب، وانشراح الصدر من المؤمن، وسكون الرياح، فيما تكون العلامات اللاحقة التى لا تظهر إلا بعد أن تمضى، فى شروق الشمس صبيحتها لا شعاع لها، أو تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة، وتكون ليلتها معتدلة لا باردة ولا حارة.

وليلة القدر ليلة مباركة ذات قدر كبير اختصها الله عز وجل من بين الليالي، لتكون العبادة فيها خير من ألف شهر، أي خير من عبادة ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، وهى ليست خاصة لهذه الأمة، بل هي عامة لها ولسابقاتها من الأمم، وقدرها وشرفها يرجع إلى نزول القرآن الكريم فيها، وأول ما نزل منه كان الآيات الخمس من سورة العلق.

وإيمان المسلمين بعظم أمر ليلة القدر إيمان يقيني فهي ليلة ذات شأن عظيم، والعمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله، وفيها يفرق كل أمر، وتقدر مقادير الخلائق على مدى العام، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والحاج والداج، والعزيز والذليل، ويكتب فيها الجدب والقحط، وكل ما أراد الله تبارك وتعالى فى تلك السنة أن يطرأ على العباد من الأحوال المختلفة من هذه الليلة إلى مثلها من العام القادم.

عظم الله ثواب العبادة فى تلك الليلة، وقيامها يكون بالصلاة وتلاوة القرآن فيها وإطالة الصلاة بالقراءة أفضل من تكثير السجود مع تقليل القراءة، ومن اجتهد فى القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها.

وجاء فى تسميتها خمسة أقوال، الأول منها أرجعها لعظيم قدرها، وجلالة مكانتها عند الله عز وجل وكثرة مغفرة الذنوب، وستر العيوب فى هذه الليلة المباركة، والثاني أشار بسبب أنها ليلة تضيق فيها الأرض على الملائكة الذين ينزلون من السماء، والثالث يعزوه لأن الأشياء تقدر فيها، والرابع لأن من لم يكن له قدر صار بمراعاتها ذا قدر، أما الخامس فلأنها نزل فيها كتاب ذو قدر، وتنزل فيها رحمة ذات قدر.

وفضل ليلة القدر يرجع لأنها خير من ألف شهر عملا وصياما وقياما وفيها نزول الملائكة والروح والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق ِالذكر، فهي سلام إلى مطلع الفجر، ومن قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

إنها ليلة بلجة منيرة مضيئة لا حارة ولا باردة، لا يرمى فيها بنجم يعني لا ترى فيها هذه الشهب التي ترسل على الشياطين، وليس من الضروري لمن أدرك ليلة القدر أن يعلم أنها ليلة القدر، بل قد يكون ممن لم يكن له منها إلا القيام والعبادة والخشوع والبكاء والدعاء وهؤلاء هم أفضل عند الله تعالى، وأعظم درجة ومنزلة ممن عرفوا تلك الليلة، فالعبرة هي بالاستقامة والجدية والإخلاص فى العبادة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً