عقد فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بدمياط، مؤتمرًا موسعًا بعنوان "الأزهر والتحديات المعاصرة"، بمشاركة قيادات المنظمة ولفيف من علماء الأزهر الشريف، وناقش المؤتمر رسالة الأزهر بصفة عامة والتحديات الفكرية والتحديات الوطنية، والتحديات السلوكية والأخلاقية.
كما ناقش المؤتمر "وثيقة الأخوّة الإنسانية"، التي وقّعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان، ودعم رسالتها التي تخاطب أتباع الديانتين، لتركّز على القاسم المشترك الإيماني والإنساني والأخلاقي.
المنظمة العالمية لخريجي الأزهر
أكد فضيلة الشيخ صالح عباس وكيل الأزهر، أن المنظمة العالمية لخريجي الأزهر تقوم بجهود عظيمة ومستنيرة في مقاومة الانحراف الفكري، وتعمل علي نشر صحيح الدين، والعمل على الاستقرار المجتمعي في شتى ربوع الوطن، مضيفاً "إن التحديات المعاصرة التى تواجه الأمة وخاصة التحديات الداخلية أشد تعقيداً".
وطالب في كلمته التي ألقاها خلال المؤتمر بضرورة إعادة المنظومة الأخلاقية وخاصة القيم التي تزكي النفوس، وتنشر الرضا بين فئات المجتمع، مؤكدا أن النص القرآني يمثل مرجعية تأسيسية في عملية بناء المنظومة الأخلاقية.
وأشار فضيلته إلى أنه من الضروري أن ندرك العقبات التي تمثل تحدياً أمام أمتنا، وأن ندرك ما يدور حولنا ونعمل على التغلب على العقبات التي تعترض طريق نهضة الوطن لأنه الأبقي ، مشدداً على أننا قادرون في ظل قيادتنا الرشيدة وحضارتنا الوليدة وجهد المخلصين من أبناء هذا الوطن الطيب علي التغلب علي الصعاب والتحديات الراهنة.
وقال أسامة ياسين نائب رئيس المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، إن وثيقة الإمام والبابا هي الوثيقة الأهم في تاريخ العلاقة بين الاسلام والمسيحية، مشيراً إلي أن مؤتمر"حوار السلام والطمأنينة "الذي عقدته المنظمة مؤخرا بالاشتراك مع الرهبان الفرنسيسكان واصفاً إياه بالامتداد لرسالة وتوجيهات فضيلة الإمام بنشر وثقافة تعزيز الحوار وسبل العيش المشترك.
وأضاف ياسين، إن الهدف من إنشاء المنظمة كان بغرض تبنى نشاطا ابداعيا شاملا، رائدها التوازن الفكري، وفي سبيل تحقيق الهدف سارت المنظمة في عدة اتجاهات من خلال انتشارها داخل المجتمع المصري لترسيخ المنهج الأزهري الوسطي.
بناء المنظومة الأخلاقية
وأشار إلى أن فروع المنظمة داخل مصر أصبحت 17 فرعاً، تضم نخبة كبيرة من العلماء وأساتذة الأزهر بالإضافة للشباب من خريجي الأزهر، يقومون بنشر الفكر الوسطي في مواجهة الجماعات الإرهابية التي تحاول النيل من المجتمع، وهو ما يتفق مع وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر مع البابا فرنسيس.
وأكد على أن المنظمة تسعى أيضا بالتوازي على الانتشار الخارجي حيث وصل عدد فروعها إلى 20 فرعا ب19 دولة لتكون وسيلة لترابط الأزهريين في كل العالم ليكون الأزهر منهجا قائما ومستمراً، مضيفاً أن المنظمة قامت بإصدار العديد من المؤلفات لمواجهة الفكر المتطرف وتمت ترجمتها، كما أصدرت "مجلة نور " للتواصل مع الأطفال لتربيتهم على قيم الخير وتعريفهم بحضارة وتاريخ بلادهم، وقيمة وطنهم، وتمت ترجمتها للغتين الانجليزية والفرنسية.
من جانبه شدد الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، على دور رجال الأزهر ومسئولياتهم الكبيرة، محذرا أن يقال في كتب التراث ما قيل عنها في هذا العصر، مؤكداً أنها مليئة بالعلم الدفين، منتقدا الفهم الخاطئ لهذه المؤلفات التي أخلص فيها هؤلاء العلماء لله، ولم يشغلهم عن العلم شاغل.
وأوضح العبد، أن العيب ليس على التراث، ولكن العيب على من فكر فيه بفهم خاطئ، لذلك سنظل ننهل ما نحتاجه منه في زماننا، وأضاف، تعلمنا في الأزهر الوسطية والاعتدال وتنوع الآراء، ودرسنا كافة المذاهب الفقهية، بما في ذلك مذاهب الشيعة بما يتفق مع مناهج أهل السنة والجماعة.
وأشاد العبد، بجهود شيخ الأزهر الشريف، الذي يجوب البلاد شرقاً وغرباً لتصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين ، ورد كل الافتراءات التي يحاول البعض إلصاقها بالدين، مؤكداً أن الجميع مطالب بمحاربة الإرهاب والتطرف، من خلال الوسطية والتيسير فالرسول ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ونحن في لجنة الشئون الدينية نجدد ولا نبدد، موضحاً أنه يتم الإعداد لقانون تنظيم الفتوى، وكذلك مشروع قانون دار الإفتاء المصرية لأنها دار إفتاء عالمية.
قال الدكتور إسماعيل عبد الرحمن رئيس فرع المنظمة العالمية لخريجي الأزهر بدمياط، أنه علينا أن نعتز بانتمائنا للأزهر الشريف كعبة العلم والعلماء، ورسالته الثابتة لفهم وسطية الكتاب والسنة، مؤكداً على حرص الازهر و قيادته الرشيدة علي ذلك، وهو ما يؤكده فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب خلال جهوده و جولاته لنشر قيم التسامح و السلام و قبول الآخر.
وأشار عبد الرحمن، إلى توجيهات فضيلة الإمام الأكبر بتنشيط وتنمية دورنا في مصر والعالم كله، من خلال تدريس مادة "القضايا المعاصرة"، التى تناقش كافة المستجدات، بالإضافة لتطوير المناهج، وإنشاء بيت العائلة، ومرصد الأزهر الشريف الذي يواجه ما ينشر من معلومات خاطئة عن الدين ويقوم بالرد عليها.
وأضاف إسماعيل، أن الأزهر دائما يقف في وجه كل التحديات، التي تواجه المجتمع، فأمتنا أمة الوسط، فالوسطية هي منهج الإسلام وصفته، مؤكداً أن هناك طرفان للوسطية، وهو التشدد والتحرر، والأزهر يواجه التيار المتشدد، وهم الخوارج الذين يكفرون كل الناس وهو شأنهم في كل عصر، فيرتكبون كافة الجرائم ويستبيحون الدماء ويرتكبون الجرائم، فقام الأزهر وقال إن الإسلام والأديان كلها بريئة من مثل هذه التصرفات.
وأوضح، أما الطرف الثاني فهم المتحررون الذين يتهموننا دائما أننا نواجه حرية الإبداع، ولكنهم لم يفهموا أن الدين منح العقل حرية الإبداع، فالأزهر قال للعالم إن الحضارة الإسلامية، وهي أعظم الحضارات قامت على الإبداع والتفكير، مختتما كلمته أن الشرائع السماوية كلها ما جاءت إلا لإقامة الحق وتثبيت القيم والأخلاقيات.
رسالة الأزهر عظيمة
وقال الشيخ على خليل رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، إن رسالة الأزهر عظيمة، فالأزهر لمصر كالنيل، فإذا كان النيل يغذي الأبدان فإن الأزهر يغذي الأرواح، مشيراً إلى عالمية رسالة الأزهر، وأن الجميع يقدر رسالته الدعوية، وأن هذه الرسالة قد وصلت للعالم بشكل جيد خاصة في خطاب الإمام الأكبر مع البابا فرنسيس للتأكيد على أن رسالة الأزهر قائمة على حماية الهوية واللغة والدين , مشيراً إلي جهد اللجان العلمية المتخصصة الخاصة بالتطوير التي قامت بإعداد المناهج بالشكل التي عليها الآن.
وأشاد رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، بدور الشيخ صالح عباس وكيل الأزهر في تطوير نظام اختبارات الطلاب وخاصة الشفوية، حيث تغيرت ثقافة الاطلاع عند الطالب الأزهري، فلم تعد الامتحانات قائمة على الحفظ، بل أصبحت قائمة على الفهم والتحليل، حيث يقوم الطالب بإعمال فكره وعقله، وأن الأزهر قائم على رسالته بشقيها الدعوية والتعليمية.
ووجه اللواء عصام الليثي السكرتير العام لمحافظة دمياط، الشكر للمنظمة العالمية لدورها في التبصير بالوسطية التي يتبناها الأزهر وتبصير العالم بديننا الحنيف.
وأضاف الشيخ وسيم متولي مدير عام منطقة دمياط الأزهرية، أن هذا المؤتمر يأتي في إطار رسالة الأزهر الداعية للسلام الاجتماعي والتسامح وانطلاقا من كلمة الإمام الأكبر في وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك.
وأوضح علي الخياط مدير الوعظ بأوقاف دمياط، أن أبناء الأزهر جميعاً يفخرون بالانتماء إليه، مؤكداً أن التاريخ شاهد علي عظمة وتاريخ هذا الكيان العريق، واصفا إياه بـ"المعين الصافي" لعلوم الشريعة واللغة وغيرها، وصان التراث الإسلامي، فكان قبلة العالم ومقصد الدارسين، يحمل أمان الرسالة الإسلامية وتأهيل علماء الدين للمشاركة في إقامة الحياة من خلال المنهج الوسطي، موضحا أن الأزهر الشريف صخرة تتحطم عليها جميع الأهواء بفضل رجاله ودعاته المخلصين.