إذا أردت أن تثبت وجود طفلك في الحياة بإستخراج شهادة ميلاده من أقرب مكتب صحة لك، يجب عليك أن تتأكد أولا من سلامة صحته، فقبل أن تتسارع على استخراج تلك الشهادة لحديثي الولادة، يجب أن تقوم بفحص طبي هام يتم من خلال أخذ عينة دم من كعب قدم المولود في الأسبوع الأول من ولادته.
فحص الغدة الدرقية يتم من خلال سحب عينة من دم حديثي الولادة قبل مرور أسبوع على ولادته للاطمئنان على صحتة، وهل يوجد قصور في الغدد تستدعي إجراء تدخل طبي فوراً قبل تدهور حياته وتصل إلى الموت؟ أم الطفل في حالة أمان، فهناك الكثير من الأهالي تهمل تلك الفحص حتي تصطدم بواقع أشبه بالجحيم إثر تدهور الحالة الصحية لأطفالهم وصعوبة الشفاء من هذا المرض.
تقول فاطمة محمد صلاح، والدة طفل مصاب بمرض الغدة الدرقية في محافظة البحيرة: «ذنب أبني في رقبتنا لأننا تكاسلنا عن إجراء الفحص الطبي له في أول أسبوع من الولادة خوفًا من عدم استخراج شهادة الميلاد»، مضيفة، بعد ما يقل عن شهر ظهرت علية علامات غريبة، ووزنه كان 12 كيلو في الشهور الأولى، وعند إجراء الكشف عليه اكتشفنا إصابة بالغدة.
وأشارت والدة الطفل المصاب، إلى أنهم يعانوا الآن من صعوبة بطء مفعول العلاج، بالإضافة إلي الأضرار التي لحقت بنجلهم بسبب عدم إجراء هذا الفحص عليه أثناء ولادته، وأوضحت أن التأمين الصحي غير مجدي في هذه الحالات الطارئة، ويحتاج إلى إجراءات كثيرة ووقت أطول دون مراعاة أن هذا المرض يحتاج إلى السرعة في الإجراءات.
تحليل الغدة الدرقية لحديثي الولادة
وأكد «السيد إبراهيم»، والد طفل مصاب بمرض الغدة الدرقية، على أنه قام بإجراء الفحص الطبي اللازم في الأسبوع الأول من ولادته طفلة، ولكن كانت النتيجة في دفاتر الدولة سلبية حتى تم أكتشاف المرض أثناء ظهور أعراض غريبة على الطفل،لافتا: «الروتين ودفاتر الحكومة ضيعت ابني لو اكتشفنا المرض بدري كان زمان ابني لم يصل إلى هذه المرحلة من المرض».
من جانبها، قالت الدكتورة حنان الرومي، مسؤولة فحوصات الغدة الدرقية في مديرية الصحة بمحافظة البحيرة، إن تحليل الغدة الدرقية للأطفال في الأسبوع الأول من ولادته لحمايته من مخاطرها، وبرغم صغر حجمها تمثل مصدر أساسي في توليد الطاقة بالجسم التي تسيطر علي جميع وظائفه، بالإضافة إلى أنها تفرز هرمون الثيروكسين في الدم مباشرة وتعتبر المؤشر الرئيسي ومصدر التحكم أيضا في عمليات التمثيل الغذائي لكل خلايا الجسم.
وأوضحت «الرومي»، أن أي اضطراب تحدث في تلك الغدد الصماء تؤدي إلي خلل في جميع وظائف الجسم، من أهمها التأثير على القدرات العقلية، فإذا زاد نشاطها عن المستوى المطلوب تتخلص من كل ما يصل إليها من وقود للجسم يساعد على نموه وبناءه، وعلي العكس فإذا قل عن معدله فإن الجسم يفقد نشاطه وحيويته.
وأشارت مسؤولة فحوصات الغدة الدرقية في مديرية الصحة بالبحيرة، إلى أن نتائج القصور أو الزيادة في نشاط الغدة الدرقية سواء في لدى الأطفال أوالكبار تؤدي إلي نقص كلي أو جزئي في إفراز هرمون الثيروكسين الذي ينتج عنه اضطراب في النمو الجسدي والقدرات الذهنية مما يؤثر بالسلب علي المهارات الاجتماعية للطفل وقدرته علي التعليم واكتساب المهارات وتغير الشكل العام له.
تحليل الغدة الدرقية لحديثي الولادة
وأفادت أن أعراض المرض تختلف من شخص لآخر على حسب السن الذي تظهر فيه هذا القصور، ويعتبر حديثي الولادة من أهم أسبابه عدم التطور بشكل كامل أو جزء معين في الغدة الدرقية، مشددة على أن يجب اكتشاف تلك القصور عند المولود وعلاجها فوريًا لتجنب الأضرار التي قد تؤذي الجسم كله.
وأشارت «حنان» إلى أن أبرز أعراض قصور الغدة الدرقية تبدأ عند المواليد بوجود الصفراء أكثر من المعتاد وتضخم اللسان والإمساك المزمن وصعوبة الرضاعة وكثرة النوم انتفاخ الجفون والوجه وارتخاء العضلات والبكاء بصوت مبحوح، وأيضا انخفاض درجة حرارة الجسم، مؤكدة على أن هذه الأعراض لا تكفي أيضا لتشخيص قصور الغدة الدرقية، فيجب الحذر واكتشافه وعلاجه في الأيام الأولي لأن عدم اكتشافه يؤدي إلي الإعاقة الذهنية للطفل وقصر القامة والصمم وتأخر البلوغ واكتشاف المرض وعلاجه في الأيام الأولي يجنب الطفل كل هذا.
وأوضحت أن من أكثر أسباب قصور الغدة الدرقية المكتسب شيوعًا في الأطفال والمراهقين إلتهاب المناعة الذاتي بالغدة الدرقية، حيث يهاجم الجهاز المناعي للجسم الغدة الدرقية، مما يؤدي إلي انخفاض إفراز هرمون الثيروكسين مع تضخم بالغدة وترتفع نسبة الإصابة به لدى الفتيات عشرة أضعاف عنها لدي الأولاد، مؤكدة أن وزارة الصحة تعمل بخطة محكمة للقضاء على هذا المرض منذ المهد من خلال فحص حديثي الولادة بهدف اكتشاف المرض والبدء في إجراءات الطبية الأزمة التي تعتمد على تعويض هذا النقص في الهرمون بأقراص التروكسين التي تعطي للطفل.
وأوضحت «حنان»، أن حالات الإصابة بمرض الغدة الدرقية تزداد يوما بعد يوم، وذلك بمعدل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي بنسبة تصل إلى 20.40 %، مما أدى إلى فحص أسباب إنتشار هذا المرض بين حديثي الولادة، مشيرًة إلى أن هناك أيضا قصور مكتسب في الغدة الدرقية ويظهر ليس فقط لحديثي الولادة بل ينتشر في سن المدرسة والبلوغ، موضحة أن سببه هو انخفاض إفراز هرمون الثيروكسين، وتظهر أعراضه ببطء علي مدي شهور أو سنين؛ ولذلك يكون من الصعب تشخيصها إكلينيكيًا.
وأكدت «الرومي» على أن تشخيص هذا المرض يعتبر صعب للغاية في الأطفال، نظرًا لعدم التعرف على الأعراض بسهولة، ولكن توجد بعض الأعراض منها تغيرات في السلوك والمستوى الدراسي، وصعوبة في النوم، وكثرة التبول، وارتعاش في اليدين وزيادة الشهية المصحوبة بنقصان الوزن والإسهال، والعصبية الزائدة، والشعور بالحر وكثرة العرق، وتضيف أن من سلبيات هذا المرض يلاحظ جحوظًا في العينين مع زيادة معدل ضربات القلب وتضخم الغدة الدرقية.
وأشارت إلي أن العلاج يبدأ بتحديد الجرعة المناسبة لتعويض هذا النقص في الهرمون مع متابعة دقيقة وزن الطفل وطولة، ومحيط رأسة ونشاطة الحركي والفكري، «كالنوم، واليقظة، والانتباه»، والتغذية مع قياس مستوى الهرمون في الدم كل شهر إلي شهرين لمدة ثلاث سنوات علي الأقل، وعند بلوغ الطفل ثلاث سنوات يتم إعادة تقييم المرض من قبل الطبيب الذي قد يقترح إيقاف العلاج بعد تلك الفترة لمدة محددة لمعرفة نسبة إنتاج الثيروكسين الداخلي من الجسم.