اعلان

لماذا ذهب "كيم" إلى روسيا؟.. زعيم كوريا الشمالية يحاول مغازلة "بوتين" لضرب طموحات أمريكا

كتب : سها صلاح

غادر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الجمعة فلاديفوستوك غداة قمته الأولى مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اشتكى أمامه كيم من "النوايا السيئة" للأميريكين في تعاطيهم مع الأزمة النووية الكورية.

وبدأ الزعيمان محادثات ستستمر على مدار اليوم، على جزيرة قبالة مدينة فلاديفوستوك الروسية، المطلة على المحيط الهادي، بعد شهرين من انتهاء قمةٍ بين كيم والرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخلافٍ بدَّد آمالاً في تحقيق نجاح على صعيد حلِّ الخلاف النووي المستمر منذ عقود.

وفي أول لقاء مباشر بين بوتين وكيم ابتسما وتصافحا، قبل الدخول إلى مكان عقد القمة، وهو حرم جامعي.

ماذا يريد كيم من بوتين؟كشفت صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية إن لقاء كيم ببوتين في أول لقاء فردي بينهما، كشف عن قائمة رغبات طويلة في تحقيق مكسب بعد فشل قمته الثانية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ويريد كيم معرفة مصير تعرض أكثر من 10 آلاف عامل كوري شمالي ما زالوا يعملون في روسيا، والعديد منهم يعملون في قطْع الأشجار في الشرق الأقصى الروسي، للطرد بحلول نهاية العام الجاري، في ظل قرارِ عقوبات أصدرته الأمم المتحدة في عام 2017. 

إذ يُعد هؤلاء العمال، الذين كان عددهم يبلغ حوالي 50 ألفاً ، بمثابة ماكينة إيرادات تبلغ مئات الملايين من الدولارات، وفقاً لتقديرات مسؤولين أمريكيين، ويودُّ نظام كيم أن تستمر في التدفق، بحسب الصحيفة الأمريكية، حيث أبدت روسيا استعدادها لتقديم مساعدات إنسانية، وأعلنت أنها شحنت أكثر من 2000 طن من القمح إلى ميناء تشونغ جين في كوريا الشمالية، في الشهر الماضي فقط.

فبالرغم من كل الحديث في واشنطن عن نزع السلاح النووي من كوريا الشمالية، ينصب اهتمام كيم الأساسي على تحسين اقتصاد بلاده، إذ وصلت جهوده للتخلص من العقوبات التي تمنعه من فعل ذلك إلى طريق مسدود، بعد فشل قمته مع ترامب التي عُقِدت في العاصمة الفيتنامية هانوي، في شهر فبراير2019.

وصحيح أن كوريا الشمالية لَطالما اعتمدت على الصين بصفتِها شريكاً تجارياً رئيسياً لها، لكن هذا الاعتماد، والنفوذ الذي قد تكسبه بكين بسببه، يجعل العديدَ من المسؤولين في "بيونج يانج".

وكذلك سعى كيم بقوة إلى مشاركة كوريا الجنوبية في مشروعات مشتركة بين الكوريتين، لإعادة بناء خطوط السكك الحديدية، وتحسين البنية التحتية المتهالكة في كوريا الشمالية،لكن مساعيه نحو الوحدة الكورية اصطدمت بولاء كوريا الجنوبية لواشنطن.

ووفقاً لوثائق داخلية حصل عليها باحثٌ كوري جنوبي، ونشرها الأسبوع الجاري في إحدى الصحف اليابانية، يريد كيم "تعزيز التجارة مع روسيا عشرة أضعاف -لتبلغ قيمتها مليار دولار- بحلول عام 2020".

فعلى عكس الصين، التي لديها الكثير من رجال الأعمال في كوريا الشمالية، لا تمتلك روسيا فيها سوى بصمة ميدانية صغيرة جداً، صحيح أنَ بعض المسؤولين تحدَثوا طويلاً عن إقامة مشروعاتٍ كبرى -بما في ذلك خطوط سكك حديدية مؤدية إلى أوروبا أو خطوط أنابيب عبر شبه الجزيرة الكورية- لكنَ بوتين لم يبدِ اهتماماً كبيراً بتنفيذها بالفعل.

لماذا الآن تحديداً؟مر عام ونصف منذ أن أعلن كيم اعتزامه الخروج من العزلة وتوسيع العلاقات الدبلوماسية مع الصين وكوريا الجنوبية، وفتح محادثات نزع السلاح النووي مع واشنطن.

ومنذ ذلك الحين، عُقدت أربعة مؤتمرات قمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وثلاثة مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، واثنان مع ترامب.

إذا اختار بوتين التعامل أكثر مع كوريا الشمالية، ربما تصبح جهود واشنطن لإبقاء كيم مُركِزا على نزع السلاح النووي أكثر تعقيداً بكثير،ومن مصلحة بوتين العامة كذلك إضعاف نفوذ واشنطن في المنطقة، مع أن روسيا، مثل الصين، لا تريد انهياراً فوضوياً في كوريا الشمالية، من شأنه أن يخلق موجة من اللاجئين وعدم الاستقرار الاقتصادي.

ما الخلاصة؟وحتى لو كان بوتين لا يعتزم إجراء أي تغييرات فورية في سياساته تجاه "بيونج يانج"، فالاجتماع مع كيم يتيح فرصةً جيدة للرئيس الروسي لإعادة تأكيد نفسه طرفاً فعلاً في صراع النفوذ السياسي الذي، رغم كل شيء، يشتعل عند حدود بلاده.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً