بمناسبة اليوم العالمي للانتحار، تقول منيره محمد، ربة منزل من قرية ديرب هاشم بالغربية: «اعتادنا استخدام حبة الغلة، منذ زمن بعيد فى حفظ حبوب القمح والأرز، وكنا نشتريها من الصيدلية بـ50 قرشًا، حتى زاد سعرها الآن وأصبح 4 جنيهات، وكانت أمى دائما تحذرنا من تناولها، وتمنع وجودها أمام الأطفال، حتى عندما كنا نستخدم الحبوب المحفوظة كانت تحرص على غسلها بالماء الجارى أكثر من مرة».
وتضيف منيرة: «منذ 10 أعوام، وفى أحد أيام الصيف عقب انتهاء موسم الأرز، تشاجرت أختي نبيلة، مع والدي بسبب مشكلة مادية، وفوجئنا بها فاقدة للوعى فى غرفتها، فحاولنا افاقتها أكثر من مرة دون جدوى، وكان الغريب هو خروج أبخرة صفراء من فمها وأنفها، فحملها والدى إلى الوحدة الصحية القريبة من منزلنا؛ لكنها لفظت أنفاسها في غضون دقائق، ونحن فى حاله ذهول لا ندرى ما حدث، فشقيقتى كانت محبه لكل شئ وأكثر ما كانت تعشقه هو حياتها، ألا أنها لجاءت للتخلص منها، بطريقه لم تخطر على بالنا جميعاً، فسلاح الجريمة متداول فى منزلنا بكل مكان وسهل الحصول عليه، وبعد مرور تلك المدة الزمنية الطويلة تعرضت لتلك المشكلة مع طفلي "آدم" والذى تناول الحبة ظنًا منه أنها "كرملة"، وتم أنقاذه قبل ابتلاعها، حيث تفتت فى فمه وتم نقله للمستشفى».
أرخص طرق الموت
وأوضح الدكتور محمد الششتاوي، مدير طؤارى مستشفيات الغربية، أن أقسام الطؤارى بمستشفيات الغربية تستقبل يوميًا أكثر من 3 حالات مصابين بتسمم حبوب الغلة على مستوى مراكز المحافظة الثمانية، من بينهم أطفال وشباب، وجميعهم تناولوا تلك الحبة إما عن طريق الخطأ، أو كوسيلة للتخلص من الحياة، موضحًا أن من الأعراض المصاحبة لتناولها، الهبوط الحاد في الدورة الدموية والتنفسية، فضلاً عن الوفاة، وأغلب الحالات يخرج من فمها رغاوي الغاز القاتل، وبعض الدخان الأصفر، وأحيانًا تتسبب فى زرقة الشفتين، وبعض أجزاء من الجسد، ولكن معظم الحالات لا يوجد عليها أي آثار خارجية تظهر وجود انتحار، ولكن يتم معرفتها عن طريق التشريح.
وأضاف الدكتور أشرف مشهور، الأستاذ بقسم السموم جامعة طنطا، أن حبوب الغلة أو «الألمونيوم فوسفيد» تتميز برخص ثمنها، وانعدام أعراض التسمم على متناولها، ولذلك يطلق عليها «القاتل الصامت» أو «أرخص طرق الموت»؛ فعلى الرغم من سمية تلك الحبة إلا أنها متداولة فى الأسواق المصرية دون رقيب، وبإمكان أى طفل شراؤها، كما تدخل تلك المادة فى أكثر من 16 منتج، تحت أسماء مختلفة، لكن الاسم الدارج بالقرى والأرياف «حبة الغلة»، والتى تمنع الحشرات الزاحفة والقوارض من مهاجمة محصول القمح والأرز، وتحفظ الحبوب وتمنع تسوسها.
وأشار مشهور، إلى أن «حبة الغلة» تستخدم لمكافحة القوارض والثعالب؛ فالغاز الذي يخرج منها مميت للحيوانات والحشرات، أما بالنسبة للبشر فكثرة التعرض للغاز الذي يصدر من هذا المبيد يصيب الإنسان بالعديد من السرطانات، من أهمها سرطان الرئة والكبد، ومن الممكن أيضًا أن يسبب صدمة لعضلة القلب، وهناك العديد من الأسماء التجارية لهذه الحبة منها: «يكوفيوم 100%»، وهو غاز تبخير، ومسجل تحت رقم 1463، و«مبيد فوسفيد زنك النصر»، ومسجل تحت رقم 102، و«مبيد راتول» ومسجل تحت رقم 1456.