اعلان

حمام دم في العراق.. القمع الوحشي للاحتجاجات يعكس أصداء عهد صدام.. محللون: هو الأسوأ منذ أكثر من عقد.. وصحيفة: الحكومة تستخدم تكتيكات مشتركة بين الأنظمة الاستبدادية في العالم

متظاهرون يجلسون على حواجز اسمنتية على جسر الجمهورية وسط بغدا

بعد مضي ستة عشر عامًا على سقوط دكتاتورية الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، يواجه العراقيون مرة أخرى حملة القمع التي تشنها الدولة على المعارضة، ولكن هذه المرة من حكومتهم المنتخبة ديمقراطياً، فيما يقول محللون إنه أسوأ قمع منذ أكثر من عقد، وهو أوضح إشارة حتى الآن على أن حكومة بغداد تنحرف عن وعدها الديمقراطي، وذلك تزامنا مع تأكيد تقارير صحفية على أن الحكومة العراقية تستخدم تكتيكات مشتركة بين الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من تقويض ثقة العراقيين الهشة في النظام الديمقراطي، في أساليب قمعية أثارت مقارنات لا لبس فيها مع عصر الديكتاتور العراقي الأسبق.

أدى القمع الوحشي للاحتجاجات، منذ بداية أكتوبر الماضي، من قبل قوات الأمن الحكومية ومسلحين مجهولي الهوية إلى مقتل أكثر من 325 شخصًا وإصابة 15 ألف على الأقل، فيما يقول محللون إنه أسوأ قمع منذ أكثر من عقد، وهو أوضح إشارة حتى الآن على أن حكومة بغداد تنحرف عن وعدها الديمقراطي.

وقال "توبي دودج"، الخبير في شؤون العراق في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني: "لقد تم نشر القوة القسرية للدولة لقمع التعبير السياسي"، مضيفا أن "هذا يبشر بالسوء بالنسبة إلى تقدم الديمقراطية العراقية".

ووفقا لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، فإن الحكومة العراقية تستخدم تكتيكات مشتركة بين الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من تقويض ثقة العراقيين الهشة في النظام الديمقراطي الذي نصبته القوات التي قادتها الولايات المتحدة بعد غزو عام 2003؛ وأوضحت الصحيفة البريطانية أن هذه التكتيكات تتنوع ما بين إطلاق النار على المتظاهرين إلى الرقابة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بسبب انتقادات الحكومة ومنع الوصول إلى الإنترنت، في أساليب قمعية أثارت مقارنات لا لبس فيها مع عصر الديكتاتور العراقي السابق، صدام حسين.

وقال "بان هاشم"، 49 عاما، وهو موظف حكومي بوزارة التعليم كان في خط المواجهة للاحتجاجات: "نحن في بلد يسمى ديمقراطي، فلماذا أسقطوا صدام إذا كان هذا ما سنحصل عليه الآن؟".

تتعدى عمليات القمع هذه، المعارك الضارية بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين يرمون الحجارة التي جعلت في بعض الأحيان ميادين بغداد والمدن الجنوبية أشبه ما تكون بساحات الحرب، في محافظات تعرض فيها الناشطون لحالات اختفاء قسري، الذين يقول المتظاهرون إنهم قُبض عليهم ثم أُرغموا على توقيع وثائق تنبذ مشاركتهم في المظاهرات، بينما سُجن آخرون بعد نشر منشورات تظهر دعمهم للاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي.

ووصف بلقيس ويلي، الباحث في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بالعراق، ذلك بأنه "نهج متعدد المستويات" للحد من حرية التعبير التي تمتع بها العراقيون منذ الإطاحة بصدام، مما أرسل "إشارة قوية على أن المعارضة العلنية للحكومة لم تعد مقبولة".

إلى ذلك، أصبحت الأدوات الرقمية للقمع مهمة بنفس القدر؛ حيث تم تقييد الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمدة 50 يومًا، تم خلالها قطع الوصول إلى الإنترنت تمامًا لمدة أسبوعين تقريبًا، وفقًا لما قاله "Alp Toker" مؤسس منظمة "NetBlocks"، وهي منظمة غير حكومية تُراقب حرية الإنترنت في مختلفِ دول العالم.

وأضاف "Toker" أنه كان من الملاحظ أن سرعة الإنترنت كانت ترتفع "خلال خطب كبار السياسيين لبضع دقائق ثم تنخفض مرة أخرى حتى لا يتمكن الجمهور من الرد".

وصبت جموع الشعب جام غضبها على رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، الذي يتولى، كقائد أعلى للقوات المسلحة، مسئولية الرد الأمني، فيما يقول المحللون وبعض المسؤولين العراقيين إنه على الرغم من أن "عبد المهدي" قد لا يكون قد أمر بالقمع الوحشي، إلا أنه مسؤول.

وبحسب "فاينانشال تايمز"، فإن عبد المهدي كان، وهو خبير اقتصادي له صلات بواشنطن وطهران، قد ارتقى إلى منصب رئيس الوزراء بعد انتخابات العام الماضي في صفقة بين أكبر كتلتين برلمانيتين، يُعتقد على نطاق واسع أنهما تدعمهما إيران.

إن هذه العلاقة المتصورة مع إيران مثيرة للجدل بالنسبة للسواد الأعظم من الشعب، وذلك على الرغم من أن الاحتجاجات تركزت في المناطق ذات الغالبية الشيعية، في العاصمة وجنوب البلاد، وغالبية المحتجين هم من الشباب العاطلين عن العمل، الذين عبروا عن غضبهم من الطبقة السياسية التي بددت ثروات العراق النفطية، وكانوا غاضبون بشكل خاص من الإسلاميين الشيعة وزعماء الميليشيات الشيعية السابقين الذين يرون أنهم موالون لطهران.

وقال "هاشم" إنه سئم من السياسيين "الذين يستخدمون أموال العراق لاحتياجاتهم الخاصة أو لتنفيذ أجندة خارجية لتدمير هذا البلد".

اقرأ أيضاً: مفوضية حقوق الإنسان بالعراق.. تطالب الحكومة بمنع استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين

يقود الإسلاميون الشيعة أكبر كتلتين في البرلمان العراقي المجزأ؛ إحداهما برئاسة مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري الذي يعتبر أكبر تيار شعبي شيعي في العراق، والأخرى برئاسة "هادي العامري"، قائد منظمة بدر وكتائب الحشد الشعبي المساندة للجيش العراقي.

اقرأ أيضاً: العراق.. تحالف مقتدى الصدر يرفض مشروع قانون الانتخابات الذي أعدته الحكومة

واستاء العراقيون بشكل خاص هذا الشهر من التقارير التي تفيد بأن قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، قاد العمليات السرية في بغداد لدعم الحكومة وقمع الاحتجاجات. وفي إشارة إلى عدم ارتياح إيران للاحتجاجات الجماهيرية، ألقى "آية الله علي خامنئي"، المرشد الأعلى في البلاد، باللوم على قوات الاستخبارات الأمريكية والغربية في الاحتجاجات التي تشهدها العراق ولبنان.

اقرأ أيضاً: متظاهرو العراق يحرقون منزل أحد النواب في سومر وسط الناصرية جنوب البلاد (فيديو)

ووفقا لـ"دودج" الخبير في شؤون العراق بمعهد "تشاتام هاوس"، فإن صعود الشخصيات السياسية المدعومة من إيران في العراق تزامن مع عدم تسامح الدولة مع المعارضة؛ وقال: "لقد أصبح رجال العنف في مركز الصدارة".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً