أطلقت شرطة مكافحة الشغب في إقليم هونج كونج قنابل الغاز المسيل للدموع على الآلاف من المتظاهرين المناهضين للحكومة، الذين ارتدى الكثير منهم أقنعة وقرون حيوان الرنة، بعد مشاجرات في بعض مراكز التسوق ومنطقة سياحية شهيرة بالمدينة، عشية عيد الميلاد، وذلك استمرارا للاحتجاجات المتواصلة منذ يونيو الماضي التي يشهدها الإقليم التابع للصين و المتمتع بالحكم الذاتي، والتي تطالب بمزيد من الاستقلال والحرية وعدم الخضوع للحكومة المركزية في البر الرئيسى للبلد الشيوعي، فضلا عن فتح تحقيق في انتهاكات الشرطة خلال المظاهرات، و إدخال بعض التعديلات على النظام الانتخابي، منها تطبيق حق الاقتراع العام.
ووفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فقد ألقى المتظاهرون داخل مراكز التسوق مظلات وأشياء أخرى على الشرطة الذين ردوا بضربهم بالهراوات، ووجه أحدهم مسدسه نحو المتظاهرين، لكنه لم يطلق النار.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين احتلوا الطرق الرئيسية وأوقفوا حركة المرور خارج مراكز التسوق والفنادق الفاخرة القريبة، بما في ذلك فندق "بينينسولا" الشهير، في منطقة تسيم شا تسوي السياحية في حي كولون.
كان هناك تواجد مكثف للشرطة خلال الليلة الماضية بوجود مئات الضباط الذين انتشروا على الطرق الرئيسية لضبط الأمن بها، بينما وقف الآلاف من المتسوقين والسياح، الذين يرتدون قبعات عيد الميلاد، يشاهدون ويتابعون ما يحدث.
وتجمعت العديد من العائلات مصطحبين معهم أطفالهم في نفس المنطقة لمشاهدة أضواء عيد الميلاد على طول المتنزه، وهي الخلفية المذهلة لجزيرة هونج كونج على الجانب الآخر من الميناء.
وبحسب "الجارديان"، فإن الاحتجاجات في إقليم هونج كونج الخاضع للحكم الصيني، وبدخولها شهرها السابع، فقدت بعضًا من حجم وشدة المواجهات العنيفة السابقة. ووفقًا للمنظمين، فإن التجمع السلمي هذا الشهر لا يزال يجذب 800 ألف شخص، مما يظهر دعمًا قويًا للحركة.
وردد العشرات من المتظاهرين الملثمين الذين يرتدون ملابس سوداء شعارات من بينها "تحيا هونج كونج، ثورة عصرنا" و "هونج كونج المستقلة" أثناء تجولهم في مراكز التسوق.
وقال كين، طالب يبلغ من العمر 18 عامًا، للصحيفة البريطانية: "يتسوق الكثير من الناس هنا، لذا فهي فرصة جيدة لنشر الرسالة وإخبار الناس بما نقاتل من أجله"، موضحا "نقاتل من أجل الحرية، ونكافح من أجل مستقبلنا".
طالبة جامعية، 18 عامًا أيضا، عرفت نفسها على أنها "راينبو ليونج"، قالت لموقع "ذيس ويك إن إيجا"، إنها خرجت ليلا لإظهار التضامن مع السكان المحليين الآخرين الذين يناضلون من أجل حريتهم، مضيفة "نريد دعم هونج كونج والوقوف في وجه العنف"، لافتة إلى أنها ألغت خططًا لحضور عرض أوركسترا في يوم عيد الميلاد لمواصلة الاحتجاج، قائلة: "المدينة أكثر أهمية".
وفي أحد مراكز التسوق في منطقة مونج كوك المزدحمة، وكذلك في شبه جزيرة كولون (تُشكل الجزء الجنوبي من مساحة اليابسة التابع لإقليم هونج كونج)، استخدمت الشرطة رذاذ الفلفل لتفريق بعض المحتجين، وفقاً لموقع "كابل تليفيجن".
وقام حوالي 100 محتج بتخريب أحد فروع شركة المقاهي الأمريكية الشهيرة "ستاربكس" في مركز تجاري آخر يدعى ميرا بلاس، وكسروا الواجهات الزجاجية التي تُعرض بها الحلويات، وكتبوا على الجدران باستخدام الـ"سبراينج جرافيتي" أو رشاش الكتابة على الجدران.
كانت سلسلة المقاهي الأمريكية هدفًا مشتركًا للمتظاهرين بعد أن أدانت ابنة مؤسس سلسلة مطاعم Maxim’s Caterers، التي تمتلك الامتياز المحلي بالإقليم، المتظاهرين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. وسبق للمتظاهرين أن شوهوا فروع "ستاربكس" في جميع أنحاء المدينة، حيث كتبوا عبارات مناهضة للصين على جدرانها ونوافذها. حسبما ذكرت "الجارديان".
ودعت الجبهة المدنية لحقوق الإنسان، التي نظمت بعض أكبر المسيرات التي شارك فيها أكثر من مليون شخص، إلى تنظيم مسيرة أخرى في يوم رأس السنة الجديدة.
ألقت الشرطة القبض على أكثر من 6000 شخص منذ تصاعد الاحتجاجات في يونيو الماضي، بما في ذلك عدد كبير خلال الحصار الطويل والعنيف في جامعة هونج كونج للفنون التطبيقية في منتصف نوفمبر الماضي.
ويشعر الكثير من سكان هونج كونج بالغضب إزاء ما يرون أنه تدخل بكين في الحريات التي وعدت بها المستعمرة البريطانية السابقة عندما عادت إلى الحكم الصيني في عام 1997. فيما تنفي الصين التدخل وتقول إنها ملتزمة بصيغة "دولة واحدة ونظامان" القائمة منذ ذلك الحين، ملقية باللوم على أيادي خارجية في إثارة الاضطرابات.
ولكن في المقابل، قال العديد من الطلاب الصينيين الذين تحدثوا إلى "ذيس ويك إن إيجا"، وخاصة أولئك الذين ليسوا سياسيين، إنهم حاولوا تجنب الانخراط في هذه القضية، لكنهم شعروا على نحو متزايد بأنهم مضطرون لذلك؛ وقال أحد الطلاب: "إما أنك مؤيد للديمقراطية ولحقوق الإنسان، أو أنت مؤيد للصين. إنهم يضعوننا في هذا الموقف المحرج"، مضيفا "لا يمكننا القول إننا معادون للصين لأننا من الصين".
إلى ذلك، شعر أحد الصينيين المقيمين في دولة كندا والمؤيدين لبكين بالحاجة إلى إسماع صوته، وصاح بقوله "عار على الخاسرين"، وذلك تعليقا على مظاهرة مؤيدة لـ احتجاجات هونج كونج بالقرب من مدينة فانكوفر الكندية، في أكتوبر الماضي.
وفي فيديو نُشر على صفحتها على "فيسبوك"، تمنت الرئيس التنفيذي للمدينة، كاري لام، لمواطني هونج كونج "عيد ميلاد سعيد سلمي وآمن".
وترفض "لام" حتى الآن قبول مطالب المحتجين، والتي تشمل فتح تحقيقًا مستقلًا في سلوك الشرطة خلال الاحتجاجات، وتطبيق حق الاقتراع العام.