اعلان

خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ..كيف فسر ملك الوحي جبريل هذه الآية ؟

التفقه في أحكام القرآن
التفقه في أحكام القرآن

يثور الخلاف حول تفسير القرآن، فهل تفسير آيات القرآن الكريم تفسير قطعي ودلالي ؟ وهل هناك آيات للقرآن الكريم جاء تفسيرها بغير الطرق المعروفة من قرآن أو حديث ؟ وهل يمكن الارتكان للغة في تفسير بعض آيات القرآن الكريم ؟ المفارقة أن هناك بعض آيات رجع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل لملك الوحي وقام ملك الوحي بتفسيرها بناء على ما أنزل عليه. فهل نعتبر تفسير جبريل لبعض آيات القرآن الكريم تفسيرا للقرآن بالقرآن، أم تفسيرا للقرآن بالحديث ، يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز : خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ، فما هو العفو؟ وما هو العرف ؟ ومن هم الجاهلون .؟ هل الجاهلون هم غير المسلمين؟ أم المسلمين الذين يقطعون الأرحام ويظلمون الآخرين؟ جاء في رواية سعيد بن منصور ، عن أبي معاوية ، عن هشام ، عن وهب بن كيسان ، عن ابن الزبير : ( خذ العفو ) قال : من أخلاق الناس ، والله لآخذنه منهم ما صحبتهم . وهذا أشهر الأقوال ، ويشهد له ما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم جميعا : حدثنا يونس حدثنا سفيان - هو ابن عيينة - عن أمي قال : لما أنزل الله ، عز وجل ، على نبيه صلى الله عليه وسلم : ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما هذا يا جبريل ؟ " قال : إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك ، وتعطي من حرمك ، وتصل من قطعك .

أما العفو فقد وصفه الأصوليون بأنه يقع في مرتبة بين الحلال وبين الحرام، فقد ذهب جمهور من الفقهاء إلى أن العفو يصح أن يقع بين الحلال والحرام، فلا يحكم عليه بأنه واحد من أقسام الحكم التكليفي الخمسة أو السبعة بحسب الاصطلاحين السابقين ، فهو ليس مأمورا به ولا منتهية ولا مخيرأ فيه ، وإنما هو بين الحلال والحرام ، إذ أنه لا يمكن أن يكون متساوي النفع والضرر أو متساوي الفعل والترك ، وفاعله لا يستحق الذم ولا المدح ، وأما المباح : فهو متساوي الفعل والترك ، ولا مدح فيه على أحدهما وللعفو مراتب : إما أن يكون متفقا عليه ، أو مختلفة فيه . ومن أمثلته : الخطأ والنسيان فإنه متفق على عدم المؤاخذة به ، والخطأ في الاجتهاد متفق على عدم المؤاخذة فيه ، والإكراه لا حرج على المكره في حالتي الترك والفعل . والأخذ بمقتضى الدليل المرجوح عند الترجيح بين الدليلين المتعارضين ، فإن مقتضى المرجوح في حكم العفو ، ومن أمثلة العفو : ما سكت عنه من الأفعال ، لأنه إذا كان مسكوت عنه مع وجود مظنة الحكم فيه ، فهو دليل على العفو فيه ، ومن ذلك تزوج امرأة لا يعلم أن بينها وبينه علاقة محرمة ، فليس الفعل بالنسبة إليه مباحا قبل أن يعلم ، بل يكون في مرتبة العفو .

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً