اعلان

قصص ممرضات تحولن إلى "عزرائيل الموت".. ماذا يحدث داخل مستشفيات أوروبا بسبب كورونا؟

طاقم ممرضات يستعدن لمواجهة فيروس كورونا
طاقم ممرضات يستعدن لمواجهة فيروس كورونا
كتب : سها صلاح

من "ملائكة الرحمة إلى عزرائيل الموت".. هكذا أصبحت بعض الممرضات اللواتي اضطررن للعمل في الرعاية الصحية منذ زمن طويل، وأصبحت وظيفتهن فقط، خلاص المريض من آلامه بنزع آخر نفس هواء يدخل إلى رئتيه،قد يكون من المربك أن يُطلب منك اتخاذ قرار انهاء حياة شخص داخل الرعاية الصحية لشخص، ولم يعد قادرًا على اتخاذ قراراته بنفسه، بل إن الأمر أكثر صعوبة إذا لم يكن لديك توجيه كتابي أو شفهي منه أو من عائلته، ولكن ما لايحتمل هو رؤية شخص أمام عينك بيديك، حتى وإن لم يكن واعياً، من خلال وقف جهاز التنفس الصناعي، وفي السطور التالية قصتين للممرضتين أجبرهن عملهن في المستشفيات على هذا الصنيع الذي يراه البعض أنسانياً والآخر مؤلماً.

اقرأ أيضاً: ماتوا وحيدين دون "قبلة" أو وداع أخير .. قصص ضحايا فيروس كورونا داخل غرف الحجر الصحي

القصة الأولى: أراقب المرضى حتى يخرج النفس الأخير

في صباح اليوم الثاني من أبريل، وجدت "خوانيتا نيتلا" نفسها أمام مريضة خمسينية لديه فيروس كورونا في وحدة الرعاية المركزة طلب الطبيب منها فصل جهاز التنفس الصناعي عنه فحالته كان ميئوس منها، وعقب ذلك يطلب منها أن تبلغ أبنة المريض هاتفياً بالتعليمات الجديدة التي أصدرها وزير الصحة مات هانكوك على أن لأقارب المرضى المقربين الحق في رؤيتهم ووداعهم قبل الموت.

خوانيتا نيتلا

لمدة 16 عام يومياً اقتضى عمل "خوانيتا " رئيسة الممرضات داخل قسم العناية المركزة بمستشفى "رويال فري" في لندن، بفصل جهاز التنفس الصناعي عن المريض في حالة الغيبوبة لمدة معينة ومن ثم يقتضي الأمر قطع الأكسجين عنه، ومع انتشار فيروس كورونا في العالم والذي يهاجم الرئتين بشكل مباشر، يحدث لبعض المرضى فشل تام في الرئتين بعد تأخر حالتهم مما يقتضي فصل جهاز الاكسجين عنهم لأن حالتهم تكون ميئوس منها.

وتقول "خوانيتا" أن الأمر مؤلم ليس للمريض وحده بل لنا ايضاً كطاقم تمريض، فحين تشعر أنك تقتل نفساً لفشلك في انقاذها فتريحها بالموت يكون الأمر صعباً جدا.

اقرأ ايضاً: الممرضة رقم7 تروي لحظات الرعب من فيروس كورونا بعد عمل 86 يوماً

وتضيف رئيسة الممرضات البالغة من العمر 42 عاماً ، مع نقص أجهزة التنفس الصناعي يضطر بعض المستشفيات قرارات صعبة جدا حول الوقت الذي ينبغي عليها أن توقف علاج المرضى الذين لا يبدون أي تحسن، وتتخذ هذه القرارات بعد دراسات متأنية تأخذ في نظر الاعتبار أعمارهم وكل ما يعانون

وفي يوم آخر طلب منها أن تقوم بنفس العمل، فاتصلت بعائلة المريض، وشغلت الموسيقي التي طلبتها أسرة المريض له، ووضعت الهاتف على أذنيه ليودعهم ثم فصلت جهاز التنفس الصناعي عنه، وتوفي المريض خلال 5 دقائق.

وروت "خوانتيا" أنها مع كل شخص يطلب منها فعل ذلك معه، تظل حاضنة ليديه حتى تخرج أنفاسه الأخيرة وتظل تراقب مؤشر دقات القلب وهو يصل للخط الأفقي، ثم تزيل الانابيب من فم المريض والاجهزة من جسدها، ثم يقمن هي وزميلاتها بغسلهم ولفهم في كفن أبيض ويوضعون في أكياس الموتى.

وتشير "خوانيتا" أن في الطبيعي تخصص ممرضة لكل مريض في الرعاية المركزة، ولكن بعد تفشي الفيروس الرئوي تخصص ممرضة واحدة لكل 3 مرضى خاصة مع زيادة عدد الأًسْرة من 34 إلى 60 سرير داخل غرفة الرعاية المركزة.

وتقول خوانيتا "قبل بدء العمل، نمسك بأيدي بعضنا البعض ونقول "حافظن على أنفسكن"، وتراقب كل منا الأخريات ونتأكد من أن الجميع ترتدين القفازات والأقنعة الواقية وغيرها من الملابس الواقية بشكل صحيح، ورغم ذلك نُقِلت العدوى لبعض من الممرضات"، وتسجل وحدة العناية المركزة حالة وفاة واحدة في اليوم، وهو عدد يفوق بكثير المعدل الذي كان سائدا قبل انتشار الوباء الحالي.

اقرأ أيضاً: "الوادي الطبي".. قصة بلدة أنقذت إيطاليا من الانهيار في زمن الكورونا

وبالرغم من إصابة "خوانيتا" بمرض رئوي العام الماضي وسهولة تعرضها لفيروس كورونا بسبب ذلك إلا أنها أصرت على العمل في هذه الظروف يجب أن أضع مخاوفي جانباً وأقوم بواجبي.

القصة الثانية: أحلم بكوابيس بعد موتهم

"جوزيفنا وليلاني" ممرضة في مستشفي "تشاوث باور" البريطانية، تعمل ممرضة في قسم العناية المركزة لأول مرة هذا العام، حيث كانت في الطابق السفلي ترعى المرضى المصابين في قسم الحوادث ومع انتشار فيروس كورونا أستودعها للطابق الثالث "العناية المركزة".

تقول "جوزيفنا" كنت أسمع زميلاتي في التمريض وإصابتهم بالاكتئاب من هذا القسم حتى أن في الأيام العادية كانت تصاب بعضهن بإعياء شديد دون أن يكون لديها مرض محدد ومع عملي في هذا القسم فهمت الأمر.

جوزيفانا

"جوزيفنا" الزوجة والأم لطفل صغير، طلب منها أول مرة الانتقال للقسم في بداية أبريل الجاري، وكانت مسؤولة عن 6 مرضى مصابين بفيروس كورونا داخل الرعاية المركزة،وفي يوم أخذت تعليمات بفصل 3 عن جهاز التنفس الصناعي ولم تدرى ماذا تفعل ، هاتفت عائلتهم ووضعت على أذن كلاً منهم بالتناوب الهاتف لتوديع عائلته، تقول الممرضة التي تبلغ 30 عامًا الأمر سهل عند هذه النقطة فقط ولكن بعدها يكون صعباً للغاية.

تروي لمجلة "مترو" البريطانية قائلة:" وقفت عند أول مريض طُلب مني أن افصل الاكسجين عنه وبعد أن أغلق الهاتف مع أسرته نظر إلى وهمس في أذني، "هل حان موعدي الآن.. كنت أريد العيش مع حفيدتي الصغيرة لم اراها بعد"، تضيف "جوزيفنا" كان الرجل في عقده الستيني ولكن مناعته كانت ضعيفة للغاية فلم تتحمل رئتيه الفيروس وبعد وضعه على جهاز التنفس الصناعي لمدة 5 ايام لم تجدي نفعاً حسم الطبيب أمره، وعندما بدأت لأنزع عنه الجهاز قبض على يدي بشدة قائلاً اريد أن أرى صورتها لآخر مرة فاخرجت صورة حفيدته ذات الاسبوعين ووضعتها أمامه ثم أزالت القناع الأكسجيني، عقب ذلك أغمياً عليها ولم تستكمل الحالتين الآخريتين.

عقب عودتها للمنزل لم تستطع الحديث لمدة يومين كانت تحلم بكوابيس وترى الرجل وهو يستغيث لرؤية حفيدته، وتقول أنها حتى الآن لم تعتاد الأمر.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً