بخطاب دام قرابة الـ100 دقيقة، وبحضور تجاوز 2300 من الأعضاء، افتتح الرئيس الصيني شي جين بينج، مؤتمر الحزب الشيوعي الحاكم صباح اليوم الأحد، والذي سيستمر لمدة أسبوع.
الرئيس الصيني، رسم في خطابه ملامح مرحلة تاريخية جديدة في تاريخ الحزب وكشف عن سياسات البلاد المستقبلية وطرق تعاملها مع القضايا الراهنة وعلاقاتها مع الدول، لكنه لم يتطرق في خطابه إلى حرب أوكرانيا، التي تعد القضية الرئيسية الأبرز في العالم حاليا.
ومن المتوقع أن يصادق آلاف المشاركين في مؤتمر الحزب الذي يعقد كل 5 سنوات، على تمديد حكم شي جين بينج لولاية تاريخية ثالثة.
السياسة الداخلية
وفور صعود شي على مسرح قاعة الشعب الكبرى في بكين، دوى تصفيق حار من 2300 ممثل عن الحزب الشيوعي تجمّعوا لهذه المناسبة.
وفي كلمته، أشاد شي جين بينج، بسياسات الحزب الشيوعي ودافع عنها، بداية من سياسة "صفر كورونا" وصولا إلى الحملة الأمنية ضد الفساد، موضحا أن "المؤتمر ينعقد في لحظة مفصلية للبلاد".
واعتبر شي أن جهود القضاء على كورونا المتواصلة والتي تتضمن قيودا مشددة تعد إنجازا مهما، رغم تأثيرها على الاقتصاد، موضحا أهميتها "لحماية سلامة وصحة الناس".
وأكد شي أن حملة مكافحة الفساد قضت على المخاطر ضمن الحزب الشيوعي والجيش والدولة الصينية.
وأضاف أن "مكافحة الفساد حققت انتصارا ساحقا، وعززت بصورة شاملة أمن البلاد واقتصادها".
السياسة الخارجية
وحول قضية هونج كونج، رحّب الرئيس الصيني بـ"انتقال هونج كونج من الفوضى إلى الحكم"، في أعقاب احتجاجات شهدتها.
وبشأن قضية المناخ الخطاب أوضح شي أن "الصين ستشارك بفاعلية في الحكومة العالمية، فيما يتعلق بتغير المناخ".
وأكد شي على رفض بلاده لـ"عقلية الحرب الباردة"، وذلك في التعاملات الدبلوماسية الدولية، لكنه لم يلمح صراحة للعلاقات مع واشنطن.
وتابع: "الصين تعارض جميع أشكال الهيمنة والسياسات القائمة على القوة، وتعارض التدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية، كما تعارض ازدواجية المعايير".
وندد الرئيس الصيني بتدخل القوى الخارجية في جزيرة تايوان، متعهدا بـ"الكفاح بقوة ضد النزعة الانفصالية والتدخل" في تايوان المتمتعة بحكم ذاتي.
وأكد أن "الصين لن تسعى إطلاقا إلى الهيمنة، كما أنها لن تنخرط بأي أنشطة توسعية".
تعهدات بالرفاهية
وتعهد شي جين بينج، بحسب "تشاينا ديلي"، بتحسين رفاهية الشعب ورفع جودة الحياة، مضيفا: "الشعب هو البلد. وبما أن الحزب الشيوعي الصيني قاد الناس في القتال من أجل إنشاء جمهورية الشعب وتطويرها، فقد كان يقاتل حقًا من أجل دعمهم".
وأضاف أن "تحقيق المنفعة للشعب هو المبدأ الأساسي للحكم"، مشيرا إلى أن "العمل من أجل رفاهية الشعب جزء أساسي من التزام الحزب بخدمة الصالح العام وممارسة الحكم للشعب".
وتابع: "علينا ضمان وتحسين رفاهية الشعب في سياق متابعة التنمية وتشجيع الجميع على العمل الجاد معا لتلبية تطلعات الشعب إلى حياة أفضل".
وأوضح أن الحزب الشيوعي سيعمل بجد لحل الصعوبات والمشكلات الملحة التي تهم الناس بشكل أكبر، وتحسين نظام الخدمة العامة الأساسي، وجعل الخدمات العامة أكثر توازنا ويمكن الوصول إليها، من أجل تحقيق تقدم قوي في تعزيز الرخاء المشترك، كما سيتم "تحسين نظام توزيع الدخل".
واستطرد: "سنضمن المزيد من الأجور مقابل المزيد من العمل ونشجع الناس على تحقيق الرخاء من خلال العمل الجاد، ونعزز تكافؤ الفرص، ونزيد مداخيل ذوي الدخل المنخفض، ونوسع حجم مجموعة الدخل المتوسط".
كما تعهد أيضا بـ"بذل المزيد لمساعدة أولئك الذين يواجهون صعوبات في العثور على عمل وتلبية احتياجاتهم الأساسية، وتحسين نظام الضمان الاجتماعي بتغطية موسعة لبرامج التأمين الاجتماعي".
وحول مشكلة الإسكان أكد أن "الدولة ستتحرك بشكل أسرع لبناء نظام إسكان يضم موردين متعددين وقنوات دعم مختلفة تشجع على إيجارات وشراء المساكن".
وأشار إلى أنه سيدفع كذلك بمبادرة الصين الصحية، لإنشاء نظام لزيادة معدلات المواليد، وتعزيز الحفاظ على الطب الصيني التقليدي وتطويره بشكل مبتكر، وتحسين نظام الصحة العامة، وأنظمة الوقاية من الأوبئة والسيطرة عليها وعلاجها، بالإضافة إلى القدرة على الاستجابة للطوارئ من أجل احتواء الأمراض المعدية الرئيسية بشكل فعال.
شي إلى ولاية ثالثة
ويتجه شي جين بينج، البالغ من العمر 69 عاما، إلى الفوز بمنصب الأمين العام للحزب، وذلك في أعقاب انتهاء الاجتماعات التي تستمر أسبوعا.
وحال تم اختياره زعيما للحزب لـ5 سنوات أخرى، بحسب المتوقع، فسيتم انتخابه رئيسا خلال الاجتماع السنوي لمجلس الشعب الصيني المقرر في مارس/آذار، ويرسّخ بذلك شي موقعه كأقوى حاكم للصين منذ ماو تسي تونج.
وسيتم الكشف عن اختيار شي وغيره من أبرز شخصيات الحزب في 23 أكتوبر/ تشرين الأول، أي بعد يوم من اختتام أعمال المؤتمر.
وسيختار المشاركون بالاجتماعات، أعضاء اللجنة المركزية للحزب المكوّنة من 200 شخص تقريبا.
وتختار اللجنة المركزية بدورها أعضاء المكتب السياسي الـ25 ولجنته الدائمة التي تعد أعلى هيئة قيادية في البلاد.
تشديدات أمنية
وكانت البلاد قد شهدت تشديدات أمنية وانتشرت الشرطة بكثافة في محيط بكين.
ونقل أسطول من الحافلات الإعلاميين والصحفيين والحاضرين إلى ساحة تيان أنمين ومنها إلى قاعة الشعب الكبرى.
وخضع المشاركون لعمليات تفتيش مشددة قبيل دخول قاعة المؤتمر، فيما علقت لافتات حمراء عملاقة في القاعة مكتوب عليها "عاش الحزب الشيوعي المجيد".