اعلان

«التعليم» تعصف بأحلام مدرسين التطوع بالأقصر.. والمعلمين: «نعيش في واقع مرير»

معلم التطوع
معلم التطوع

من جد وجد ومن زرع حصد.. مقولة افتقدها مُعلمي التطوع بمحافظة الأقصر، الذين فضلوا المصلحة العامة على مصلحتهم الخاصة، وأرادوا دعم الدولة، والتكاتف معها بكل ما تحتويه الكلمة من معاني، من خلال مساهمتهم في سد عجز المدرسين بالمدارس، بهدف إنشاء جيل متفوق، يساهم في نهضة الدولة وتقدمها، وبالرغم من ذلك إلا أنهم يمكن الاستغناء عنهم في أي وقت، وذلك بتعيين غيرهم في مسابقة الـ 30 ألف معلم المقرر انطلاقها خلال الشهرين المقبلين، دون النظر لجهودهم الشاقة الذين قاموا ببذلها بالمدارس خلال الأشهر الماضية بدون مقابل مادي، حرصًا على مصلحة التلاميذ.

في البداية يقول حسين صالح، معلم اللغة العربية وأحد معلمي التطوع بمدارس الأقصر، نحن وقفنا بجانب الدولة في أزمتها "عجز المدرسين بالمدارس" وبذلنا قصارى جهودنا لنقف بجانب أبنائنا ومساندة دولتنا قلبًا وقالبًا، دون أن نأخذ أي أجر خلال الفصل الدراسي الأول، وساهمنا في رفع العملية التعليمية، وبالرغم من ذلك لم يتم النظر إلينا أو إرسال جوابات تعيين لنا، ويمكن الاستغناء عنا في أي وقت وتعيين غيرنا.

ولفت إلى أن أحد المسؤولين بالتعليم أخبره بأن الأولية في تعيين المدرسين بمسابقة الـ30 ألف معلمًا ستكون لــ 36 معلمًا الذين عملوا قبل ذلك بالتعليم وكانوا يتقاضون أجرًا، وعندما انقطع عنهم الأجر، تركوا المدارس ولم ينظروا إلى المصلحة، ونحن من نظرنا إلى أزمة دولتنا ووقفنا معاها ليست لهم أي أحقية بالمطالبة في التعيين، ويمكن الاستغناء عنا في أي وقت، مشيرًا إلى أنه قد تخرج منذ 2008 ولم يتعين إلى اليوم، وبذلك العديد من الأموال على أوراق تقديم المسابقات وتصليح خطأ موظف في القيد العائلي الخاص به، ورفع قضية وظل يبذل نقودًا للمحامي من أجل كسب القضية وإصلاح الخطأ في أسم والدته الذي فعلها مأذون، وكل ذلك فعله من أجل أن يلتحق بالوظيفة ويخرج أجيالًا تساعد على نهضة الدولة.

وأضاف "حسين"، أنه أُطر للعمل عقب خروجه من المدرسة للعمل بمهنة ليست مهنته وإرهاق جسده وذهنه طوال اليوم، من أجل سد حاجة أسرته وابنائه، وظل يعمل طوال اليوم، الصباح بالمدرسة وعقب الظهر بالأعمال الحرة؛ لعدم وجود دخل ثابت إليه، ولأمنيته في أن يشتغل بمجاله الذي تعب وسهر ليالي من أجله مناشدًا الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ووزير التعليم أن ينظر إليهم بعين الرحمة، ويتم تعيينهم والنظر إلى تطوعهم.

وقالت "كامليا محمد" إحدى معلمات التطوع بمدرسة بمحافظة الأقصر، والحاصلة على بكالوريوس في الطفولة والتربية من جامعة جنوب الوادي، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، "من جد وجد ومن زرع حصد مقولة نشأنا وتربينا عليها، ولكن عندما كبرنا صدمنا بالواقع، عندما وجدنا أن من يجد ويجتهد مثل من لا يجد فكلاهما سواء، حيث أننا نعيش في واقع مرير جعلنا لا نشعر بأن المستقبل أفضل، ونحن لا نتكلم من فراغ نتكلم لأن مهنتنا هي من أفضل المهن التي يمكن أن يعمل بها الإنسان، فكما الأطباء يعالجون الأجساد فنحن نعالج العقول وننشاؤها فنربي الأجيال، فالقول كثير، والواقع مبكي ومحزن.

وأوضحت أنها عملت بالتطوع في مدرسة المطاعنة الإعدادية، بداية من نوفمبر 2021 من أجل سد العجز، والعمل بمهنتها التي تعبت وسهرت وبذلت من أجلها العديد من النقود على مر السنوات الماضية ، لافتة إلى عدم مقاضتها أي أجر منذ بداية عملها بالمدرسة إلى اليوم حيث أنها تنفق على نفسها عن طريق أخذ مصروفاتها من أسرتها، كما أنها لن تحصل على جواب التعيين إلى اليوم.

وتحدثت "زينب محمد علي" إحدى معلمات التطوع بمدارس الأقصر عن ألمها من عدم تقديرهم قائلة: "عندما ننظر للواقع نجد أن المعلم الذي ظل سنوات في التعليم والدراسة، ثم تخرج بتقدير جيد ولم يحصل على عمل عقب تخرجه، وأطر للعمل بأي شيء كـ نجار، أو قهوجي، أو شيال، أو سباك، أوعامل باليومية، وغيرها من الأعمال بعيدة عن مجال تخصصه، وذلك من أجل أن يتقاضى أجرًا ويحصل على مال، وبعضنا ما زال عبءً على أسرته إلى اليوم، حيث أنه يقوم بأخذ مصروفه من والده وأسرته، أليس هذا ظلما؟ هل تعلمنا وتخرجنا لنعمل بدون أجر فنحن إذا فعلنا ذلك كيف ترحمنا الحياة من مصروفاتها، نسأل الله السلامة".

وقالت صباح هواري سلام، إحدى معلمات اللغة العربية المتطوعين بمدارس الأقصر، أننا نعاني معاناة شاقة ونؤدي العملية التعليمية بجد واجتهاد وحب دون أن تعطينا المؤسسة جنيهًا واحدًا، ونبذل قصارى جهودنا مع التلاميذ، ولكن لم ينظر أحد إلى تضحيتنا هذه بالرغم من أن المعلم يعد هو صانع الأجيال، وباني العقول، ومربي النشء، وهو البحر الزاخر الذي ينهل منه الطلاب علمهم، فيرتقون بأنفسهم، ويزدادون علمًا على علم، وخُلُقاً على خُلُق، ولا أدل على فضل المعلم ومكانته من قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير»، والتعليم مهمة الأنبياء والمرسلين، قال النبي عليه الصلاة والسلام بدليل قوله (صلى الله عليه وسلم) إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلم، فمن أخذَه أخذ بحظٍّ وافر" فهذا الحديث يبيِّن فضل العلماء، وبالرغم من كل هذه الأدلة إلا أننا نجد أنفسنا مذلولين وضاعت حقوقنا.

وكان وزير التربية والتعليم قد اعلن عن العمل بالتطوع والتعاقد بالحصة في سبتمبر الماضي، موضحًا أن يكون التطوع بمدارس لا يوجد بها طلاب مقيدون لهم صلة قرابة بالمتطوع حتى الدرجة الثانية لا يجوز أن تزيد فترة الاستعانة بالمتطوع عن 11 شهرًا خلال العام المالي الواحد، وعدم تحميل الموازنة العامة للدولة بأية أعباء مالية نتيجة الاستعانة بهؤلاء المتطوعين، والعمل للمتطوع يكون بنظام الحصة، وبما لا يجاوز قيمة الـ 20 جنيهًا للحصة الواحدة، وسيتم الصرف خصمًا على بند 4/3 مكافآت لغير العاملين عن خدمات مؤداه تمويل صناديق، وحسابات خاصة بالباب الرابع بموازنة المديرية، وفي حدود الموارد الذاتية المتاحة بحسابات الأنشطة التعليمية بالمديرية، وستكون الأولية في قبول المتطوعين من الفئات التي خرجت على المعاش حديثا، والذين سبق أن عملوا ضمن مسابقة الـ36 ألف معلم الحد الأقصى لراتب المعلم المتطوع 1600 جنيه شهريًا يتم تقديم أوراق هؤلاء لطلب العمل في المدارس عبر الموجهين عن كل مادة في الإدارة التعليمية، وحصول المتطوع على موافقة مدير الإدارة التعليمية بعد الاطلاع على سابقة الأعمال والخبرات، ولديه شهادة خبرة وتزكية من المدرسة التي سبق وعمل فيها بحسن السير والسلوك والالتزام، ولابد من توافر مؤهلات علمية تتناسب وطبيعة الوظيفة المستعان بهم من أجلها يؤخذ في الاعتبار تصنيف المقبولين وفقًا للمواد لدراسية والتوزيع الجغرافي قبل الاستعانة بهم من الفصل الدراسي الأول، وحتى انتهاء خطة تدريس المناهج بالمدرسة.

وقالت صفا أحمد جمعة، خريجة التربية الفنية، وإحدى معلمي التطوع بإسنا جنوب الأقصر، بأنها تؤمن بالدور الوطني الذي تقوم به الدولة وتأمل في أن تنظر إليهم الدولة بعين الرحمة، وتقوم بتعينهم وصرف رواتب شهرية لهم مثل باقي المعلمين، وتعينهم رسميًا بالمدارس، وعدم الاستغناء عنهم بالـ36 ألف معلم، حيث أنهم بذلوا قصارى جهدهم مع التلاميذ الفصل الدراسي الأول ولم يتقاضوا أي أجر، وأدوا واجبهم الوطني على أكمل وجه عندما احتاجتهم الدولة ووجدتهم سندًا لها، وظلوا يفيقوا من نومهم باكرًا ويقفوا طوال اليوم ويعلموا التلاميذ بكل أمانة ويبسطوا لهم المواد وهذا كله بدون راتب فكيف الآن تطردهم الدولة وتستغنى عنهم ولم يتم توظيفهم أو أوليتهم في المسابقة الجديدة بالرغم من أنهم عملوا ملف وطني لهم خلال الأشهر الماضية؟.

وأعرب السيد البدوي مجلي، معلم التربية الرياضية، عن غضبه الشديد من تنمر بعض التلاميذ عليهم كونهم معلمين بالتطوع حيث سرد المعلم أحد المواقف التي تعرض لها من الطلاب قائلا :" أنني سمعت بأذني أحد التلاميذ أثناء مروري أمام أحد الفصول بالمدرسة، يقول لزملاؤه هيا بنا نلعب ونترك الحصة لإني الذي يقوم بشرحها لنا ليس مدرسًا أساسيًا، مما سبب لي ضيقًا وإحراجًا شديدًا، متسائلًا كيف أقوم بشرح مادة لطلاب لم يحترموني؟".

ومن جانبه أوضح محمد السيد، وكيل وزارة التربية والتعليم بالأقصر، أنه قرار وزاري أن المتطوعين ليست لهم أي أحقية في صرف مبالغ مادية إليهم، وأنهم يجب عليهم إتمام الفصل الدراسي الأول على نفس النهج حتى نزول المسابقة الجديدة 30 ألف معلمًا، لافتًا إلى أنه ستكون الأولية للمعلمين الذين تمت لهم الخبرة السابقة على مدار عام من 38 ألف معلم، وغيرهم من الذين سبق لهم عمل ملف بالوزارة، ثم تليهم في المرتبات الثانية المتطوعين ولكنهم يجب عليهم أن يكملوا عملهم في التطوع حتى نزول المسابقة في شهر أبريل القادم حتى يكتمل ملفهم بالتعليم، ويصبح أمامنا إنهم اكتسبوا خبرة عام، ومن لم يقوم باستكمال عمل التطوع على مدار الفصل الدراسي الثاني لم يكتمل ملف خبرته.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً