سادت حالة من الفرحة في منزل الأم المثالية بمحافظة بورسعيد، راندا سمير الدحروجي، إذ قالت: 'لم أتوقع هذا العام حصولي على لقب الأم المثالية الأولى، لأن أولادي قدموا لي في المسابقة العام الماضي وحصلت على المركز الثاني، والحمد لله ربنا رضاني وطبطب عليّ'.
وأضافت الأم المثالية: 'بعد حصولي على المعهد الفني التجاري، استكملت تعليمي بكلية التجارة، وحصلت على البكالوريوس، ثم تزوجت وكان زوجي -رحمه الله عليه- حاصلًا على ليسانس الحقوق، ولكنه لم يعمل بمهنة «المحاماة»، كان أرزقيًا يعمل «شيف بيتزا» في أحد المطاعم، رجل خلوق، أكرمني طوال زواجنا، وكان حريصًا على تعليم أولادنا الاثنين والوصول بهما إلى كليات القمة، ودائمًا يوصيني بذلك'.
الظروف الصعبة
هكذا بدأت تروي راندا الدحروجي، السيدة البورسعيدية التي تبلغ من العمر 54 عامًا، لـ«المجلس القومي للمرأة» قصة كفاح وتحدٍ للظروف الصعبة حتى وصلت بأبنائها إلى كليات القمة بعد وفاة زوجها.
قالت السيدة الصبورة: 'تزوجت منذ 28 عامًا، وكان زوجي يكافح من أجل لقمة العيش، فعمل شيف بيتزا، ورفض نزولي للعمل خاصة بعد أن أنجبنا «محمد ومريم»، فأراد أن يجعل محور اهتمامي هو أولادنا فقط، وبالفعل اهتممت بأولادي، وعندما تعثرت الظروف كنت أقوم بصنع الحلويات للمحل الذي يعمل فيه، وقلت له: إيد على إيد بتساعد'.
صدمة وفاة زوجي
وأضافت راندا: 'مرت السنوات، وفي أحد الأيام خرج زوجي للعمل، ولكن عاد للمنزل سريعًا، وأخبرني أنه يشعر بألم شديد في جميع أجزاء جسده، ولم تمر لحظات إلا وتوفي إثر أزمة قلبية، وفاة زوجي كانت صدمة كبيرة، صدمة لفراق إنسان أكرمني، وكان شريكًا للحياة بمعنى الكلمة، وصدمة أخرى لأننا بلا دخل يعيننا على مواجهة ظروف المعيشة أنا وأولاده'.
وتابعت الزوجة المكلومة: 'توفي زوجي، وابننا الكبير محمد كان في الثانوية العامة، وشقيقته مريم بالصف الثاني الإعدادي، فجلست أفكر ماذا سأفعل؟، أنا بلا معاش ولا أي مصدر دخل، وفي ذلك التوقيت فوجئت بإعلان أسمائنا ضمن الحاصلين على المسكن في المشروع التعاوني لإسكان المحافظة، وكان لابد من تسديد مبلغ مقدم للشقة، وكان أول قرار فكرت فيه هو أذهب للإقامة مع والدتي السيدة المسنة والتي كنت دائمًا أجلس عندها لرعايتها، وخاصة أن شقيقتي الوحيدة تقيم في ليبيا مع زوجها، وبدأت في عمل حلويات وبيعها للأقارب والجيران والأصدقاء، لأنني كنت أتقن عملها، وبعدها تواصلت مع بعض السيدات للعمل معهن في طهي الطعام، وكنت أذهب للعمل معهن من الساعة السابعة صباحًا وأعود إلى منزل والدتي الرابعة عصرًا، واستكمل عملي بالمنزل في عمل الحلويات كعك، بسكويت، حلاوة سوداء، بيتي فور، وبدأت أبيع أونلاين بالإضافة إلى بيع المفارش والفوط وأطقم السراير، بالتقسيط أيضًا'.
الأم المثالية: ربنا عوضني خير
واستطردت: 'استمريت على ذلك سنوات، أحرم نفسي من كل شيء حتى أوفر جميع احتياجات أولادي، والحمد لله تخرج ابني من كلية الهندسة وحصل على تقدير امتياز، وتم تعيينه في إحدى شركات البترول لأنه من العشرة الأوائل بالجامعة، وصلت ابنتي إلى الفرقة الثالثة بكلية الطب البيطري، وأزيد الله حمدًا، استطعت أن أسدد أقساط الشقة، واستلمتها وأقوم بإعدادها ليتزوج فيها ابني، الذي عوضني خيرًا عن شقاي وتعبي، واستكمل معي مشوار تعليم شقيقته، وطلب مني عدم العمل'.
السيدة البورسعيدية: الحمد لله ربنا رضاني في أولادي
واختتمت السيدة البورسعيدية: 'الحمد لله ربنا رضاني في أولادي وحققت وصية زوجي التي كانت كالدين في رقبتي ولابد أن أسدده، ومنذ شهور قريبة شعرت بتعب شديد، وبعد الكشف الطبي تبين إصابتي بالكانسر في الصدر، والآن أنا في مرحلة العلاج بالكيماوي، وكل ما يؤلمني ليس المرض ولكن الخوف على أولادي لأن الحزن يغمرهم بعد مرضي، أتظاهر أمامهم بالقوة دائمًا وعدم الخوف، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن أرى ابنتي عروسة جميلة، وأرى ابني في الكوشة مع بنت الحلال، وأكون بذلك أديت رسالتي كاملة، حسب وصية والدهما، كما أنني سعيدة لأنني استطعت أن أرد الجميل لزوجي في أولادنا'.