ألقى الدكتور علي جمعة، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب، مفتي الجمهورية الأسبق، كلمة مؤثرة، خلال مناقشة البرلمان اليوم، مواد قانون الإجراءات الجنائية، وذلك عقب طلب النائب أحمد حمدي خطاب، عضو مجلس النواب عن حزب النور، تعديل المادة المتعلقة بالاتهام بالزنا، ورغبته في تحويلها من شكوى إلى بلاغ، يسمح لغير الزوج بالتقدم به ضد الزوجة.
وقال 'جمعة' في كلمته، إن تحويل الشكوى إلى بلاغ في مسألة الزنا، يكر على الشريعة بالبطلان، وهي التي أمرت بالستر في هذا الأمر، وليس الفضح والإبلاغ.
واستشهد بحادث ماعز بن مالك الذي دفعه رجل اسمه هزال أن يبلغ عن نفسه، وقال جمعة 'لما أتى ماعز أشاح النبي بوجهه أربع مرات، وماعز يقول زنيت، فيقول النبي لعلك فعلت كذا، يريد منه أن ينصرف، ولما أصر حوله النبي لما يشبه اللجان المتخصصة، فسأل قومه هل هو مجنون، فقالوا أحكم الناس فينا يا رسول الله.
وأكمل 'جمعة': 'ماعز أراد النبي أن يقيم الحد، فلما مسه العذاب قال لم أفعل اتركوني، فلم يتركه عمر وقتله، وجاء يقول للنبي لعنة الله على ماعز فقد أصبت من دمه، فقال له النبي لقد حاول أن يمضي، فهلا تركتموه؟ وأرشد النبي، عمر أن الإقرار في الجنايات عن نفسه يجوز الرجوع فيه، وهذا يستدعي منا العبرة والرأفة في القلوب، لم نرسل مفتشين على نيات الناس وبيوتهم، وإنما أمرنا بالستر، ولما قيل للنبي إن هزالًا هو من قال لماعز اعترف وقر، فأتى بهزال وقال النبي له 'لولا سترت عليه يا هزال، لكان خيرًا مما صنعت'، ما يدلنا أن الأصل في الشريعة الستر وليس الفضح والإبلاغ.
وواصل 'جمعة' كلمته، ويبدو عليه التأثر الشديد والبكاء: 'عندما يأتي القانون ومن ورائه المحكمة الدستورية العليا وتفهم من الشريعة مرادها، وتصوغ هذه الصياغة فإنها قد وافقت عين الحق، وعندما نريد أن نكون مفتشين على الناس، فهذا مذهب آخر، لا نعرفه في ديننا، الزنا جريمة كبرى، ومصيبة عظمى تهدم المجتمع والأسرة، لكن هناك فرقًا بين تلك الجريمة التي جعل حدها في أعلى أنواع العقوبة وأشدها، وبين ما يجري في حياة الناس، حتى وقع أحد الصحابة في هذه الخطيئة أو ادعي عليه، جاء 4 من الشهود، وشهد 3 أنهم قد رأوا الجريمة من سطح بيته، وجاء الرابع، فقال له عمر بن الخطاب، أرى وجهك لا يخزي صحابة رسول الله، فقال ما رأيت الميل في المكحلة، فرد عمر شهادة الثلاثة، وهم أميل للواقع'.
واختتم 'جمعة': 'الشريعة تجيز الشكوى، ولا تحبذها، أما تحويل الشكوى إلى إبلاغ فهذا يكر على الشريعة بالبطلان، لذا أرى سلامة المادة، والإبقاء عليها، والتعديل المقترح مرفوض'.