اعلان

سبعون عاماً علي قرار 181.. ماذا حل بفلسطين بعد قرار تقسيم حل الدولتين؟ اليهودية أقيمت و الثانية لم تقم.. الحدود في اتفاقية أوسلو 1993 أوصل القضية لطريق مسدود

كتب : سها صلاح

قبل 70 عاماً في 29 نوفمبر من عام 1947 أقرت الأمم المتحدة قرارًا مصرياً بالنسبة للأراضي التي كانت تحت انتداب بريطانيا منذ عام 1917، وأطلق عليها البريطانيون اسم "فلسطين"، بموجب القرار تم تقسيم فلسطين إلى دولتين، دولة يهودية وأخرى عربية، الأولى قامت والثانية لم تقم، وفقاً لموقع المصدر الإسرائيلي.الأمم المتحدة تدخل إلى الصورةسبق قرار التقسيم أو قرار 181 إقامة "لجنة خاصة لبحث شؤون فلسطين"، مكلفة من الأمم المتحدة، بناءً على توجه بريطانيا إلى الهيئة الأممية لإيجاد حل للأوضاع المضطربة في فلسطين بعد عجزها عن التوصل إلى حل يرضي الجانبين، اليهود والعربي. وسميت هذه اللجنة باسم "اليونسكوب" وضمت 11 دولة اعتبرت محايدة وهي: أستراليا، وكندا، وتشكوسلوفاكيا، وغواتيمالا، والهند، وإيران، وهولندا، والبيرو، والسويد وأوروغواي، ويوغسلافيا.وأجرى أعضاء اللجنة زيارات لفلسطين والولايات المتحدة ودول عربية بهدف جمع شهادات وإفادات عن الوضع السياسي لبلورة حل شامل يراعي ظروف الأطراف المعنية. الحدود المقترحة للدولتين في قرار التقسيمينص القرار على تقسيم فلسطين التاريخية بشكل شبه متساوٍ إلى دولتين؛ واحدة تمنح لليهود على مساحة 57%، في مقابل دولة أخرى للعرب الفلسطينيين على مساحة 42%.أما المساحة المتبقية في مدن القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة فقد نص القرار على وضعها تحت وصاية دولية كأماكن مقدسة لا ينبغي أن تقع تحت سلطة أي من اليهود أو العرب وحدهما. ويتولى السلطات الإدارية حاكم دولي معيّن من قبل الأمم المتحدة, مع إعطاء صلاحيات للمجالس البلدية المحلية.رفضت الدول العربية هذا القرار،كما لم تلتزم به العصابات الصهيونية، وتوسعت عسكريا لما بعد حدود قرار التقسيم بكثير في الفترة من 1947 إلى 1949.وقد فحصت اللجنة 3 خيارات خلال علمها: الأول تقسيم البلاد إلى دولتين، والثاني إقامة دولة ذات أغلبية عربية، والثالث إنشاء دولة ثنائية القومية، لكن اللجنة أدركت أن الحلول المنحازة إلى إرضاء طرف واحد على حساب الآخر ستكون ضعيفة واستقرت على أن الحل الأمثل سيقوم على التسوية.واقترحت اللجنة ضمن حل التقسيم خيارين، الأول داعم للجانب العربي تحدث عن دولة فيدرالية تضم كيانين لهما برلمان واحد يعكس الوضع السكاني، وذلك كان سيمنح العرب أغلبية دائمة في هذا البرلمان. وقد دعم هذا القرار 3 دول داخل اللجنة، والملفت أن الجانب العربي لم يستغل الفرصة لدعم هذا القرار برفضه التعامل مع اللجنة وموقفه غير القابل لتفاوض وهو إقامة دولة عربية من النهر إلى الفرات.ونص القرار على منح اليهود 55% من الأرضي وإعطاء العرب 45% منها، ووضع القدس وبيت لحم تحت رعاية أممية، وكان من المتوقع أن يكون 45% من سكان الدولة اليهودية عربا، في حين أن يسكن الدولة العربية نحو 10 آلاف يهودي.-مراسلات من أرشيف الوكالة اليهوديةأرسل موشيه شاريت، الذي سيصبح في ما بعد وزير الخارجية الأول لدولة إسرائيل ورئيس حكومة كذلك، برقية لدافيد بن غوريون، قبل التصويت على قرار التقسيم بـ4 أشهر، تعكس تقديراته لنتيجة التصويت المحتملة وهي: 25 دولة ستدعم القرار، 13 ستعارض، 17 ستمتنع، و2 ستغيب. أي أن الجانب اليهودي أدرك أن مقترح التقسيم واقعيًا وأن وعد بلفور الذي سبقه بـ30 عاما مهد الطريق بالفعل لإقامة دولة لليهود في أرض إسرائيل.يذكر أن 33 دولة دعمت قرار التقسيم، من بينهم الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، معظم دول أمريكا اللاتينية، دول شرقي أوروبا باستثناء يوغوسلافيا، ودول أخرى من غربي أوروبا. بينما عارضته 13 دولة أبرزها الدول العربية والمسلمة واليونان وكوبا،و10 دول امتنعت عن التصويت أهمها بريطانيا.وفي مراسلة أخرى، طلبت غولدا مائير إيجاد معادلة تمكن اليهود من حماية اليهود في الدولة العربية المستقبلية إن أحوج الوضع، وتكشف واحدة من المراسلات عن أن شاريت علم من مصدر موثوق وسري أن الإدارة البريطانية بصدد الانسحاب نهاية شهر مارس على نحو فوري.حدود قرار 242 عام 1967لم يتغير الكثير في الخارطة السياسية والعسكرية منذ عام 1948 مرورا بالهدنة حتى ما قبل اندلاع حرب يونيو 1967, حيث استمرت الأردن في إدارة الضفة الغربية والقدس الشرقية ومصر في إدارة قطاع غزة، فيما سيطرت إسرائيل على المساحة المتبقية.وفي أعقاب حرب يونيو 1967 التي استمرت لستة أيام, وسّعت إسرائيل سيطرتها لتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، بالإضافة لضم القدس الشرقية.وفي نوفمبر 1967 أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار 242 الذي ينص على ضرورة انسحاب إسرائيل من "مناطق" احتلتها خلال الحرب، في مقابل اعتراف الدول المجاورة بحق إسرائيل في الوجود والعيش بسلام.وتجدر الإشارة إلى الجدل القائم على المستوى الدولي لاختلاف صيغة القرار باللغة الانجليزية عن صيغته في اللغة الفرنسية فيما يخص تعريف المناطق التي يشملها القرار، فقد نصت الصيغة الانجليزية على كلمة "مناطق" مجردة من أل التعريف، مما يترك المجال مفتوحا لتفسير وتحديد المنطقة الجغرافية المقصودة حسب رغبة إسرائيل وبلا خط محدد أو خارطة محددة للمناطق المحتلة، بالإضافة إلي خلو القرار من أي ذكر لوضع مدينة القدس.الحدود في اتفاقية أوسلو 1993وقعت اتفاقية أوسلو في سبتمبر 1993 كأول اتفاق مباشر بين الإسرائيليين والفلسطينيين برعاية أمريكية، وكان ينظر إليه على اعتبار أنه إعلان مبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي, على أن تتبعه اتفاقية أخرى للوضع النهائي والتسوية الدائمة خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات.وينص الإعلان على عدة نقاط مرحلية تستند على قرار 242 بشكل أساسي ولا ذكر فيها لقرار التقسيم 181، ويخلو الاتفاق من أي ذكر لضرورة إقامة دولة فلسطينية ولا يذكر صراحةً الحدود التي ستقام عليها, فقد تُركت قضية الحدود بالإضافة لقضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والترتيبات الأمنية على أن يتم الاتفاق عليها في الوضع النهائي وهو ما لم يتم أبدا.الوضع الحاليخلال السنوات التالية لاتفاقية أوسلو استمرت اللقاءات الثنائية والجلسات التفاوضية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي, إلا أنها لم تحقق المرجو منها وبالأخص الوصول لاتفاقية تسوية دائمة وحل نهائي للقضايا الأساسية في الصراع. ووصلت الأمور إلى طريق مسدود بين الطرفين عام 2000 بعد جولة فاشلة من المفاوضات في كامب ديفيد، وسرعان ما اندلعت انتفاضة الأقصى الثانية في سبتمبر كرد فعل شعبي على اقتحام زعيم المعارضة في حينه أرييل شارون للحرم القدسي الشريف.وعلى إثر التصعيد العسكري قامت إسرائيل بإعادة احتلال مناطق من الضفة الغربية كان قد تم الانسحاب منها سابقا، وبدأت عام 2002 في بناء الجدار الفاصل كذريعة لمنع تسلل منفذي العمليات الاستشهادية إلى المناطق المحتلة عام 1948، ويتخذ هذا الجدار مسارا متعرجا يؤدي إلى مصادرة مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين وضمها إلى مناطق النفوذ والسيطرة الإسرائيلية، كما يحيط بالكامل منطقة القدس الشرقية ويفصلها تماما عن محيطها العربي المجاور في الضفة الغربية، ويعيد رسم الحدود بسياسة الأمر الواقع. أما في قطاع غزة, بالرغم من انسحاب الجيش والمستوطنين الإسرائيليين من داخل القطاع، إلا أنه قد أعلنه ككيان معادٍ وفرض طوقا أمنيا على الشريط الحدودي المحيط بالقطاع يسمى بالمنطقة العازلة، ويمتد لمسافة قد تصل إلى خمسين مترا من الأراضي الزراعية المحرّم الوصول إليها في بعض المناطق، كما يفرض طوقاً بحرياً على المنطقة الساحلية لا يسمح للصيادين بالتوغل في البحر لمسافة تزيد عن ثلاثة أميال بحرية.كل هذه الإجراءات قامت بها إسرائيل من جانب واحد وبتطبيق سياسة الأمر الواقع، ودون مراعاة للحدود الدولية التي قد تشكل أساسًا لإقامة دولة فلسطينية في المستقبل.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً