اعلان

"الشعب يريد إسقاط النظام".. عاصمة "الحديد والنار" تنتفض ضد البشير.. كواليس ما يحدث في السودان والسيناريوهات المتوقعة (فيديو وصور)

كتب : سها صلاح

"الشعب يريد اسقاط النظام".. شعار رفعه المتظاهرون في شوارع السودان خلال الساعات الماضية، ولم تفاجئ تلك الاحتجاجات أي شخص مطلع على الشأن السوداني، فالبلاد تعيش أزمة اقتصادية وسياسة خانقة منذ فترة ليست بالقصيرة، لكن وتيرتها اشتدت في الآونة الأخيرة حيث أصبحت حياة السودانيين أشبه بالجحيم بإنعدام سلع أساسية مثل الخبز والوقود والدواء إلى جانب تهاوي العملة الوطنية بصورة غير مسبوقة من قبل وانعدامها من المصارف كلية على ضعفها.

ورغم اجتياح المظاهرات لعدة مدن سودانية كالدمازين والفاشر ونيالا وودمدني بالإضافة إلى مظاهرات نظَّمها طلاب عدد من جامعات العاصمة الخرطوم فإن مدينة عطبرة الواقعة شمالي السودان تصدرت المشهد وكانت حديث وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية منذ أمس حتى ساعة متأخرة من الليل.*ماذا يحدث في السودان1-من نظم المظاهرات في السودان؟لقد كفر السودانيون بكل ماهو ذات توجه إخواني بسبب حكومة "الكيزان"- مصطلح يطلق على الاخوان في السودان- والاحتجاجات حتى اليوم منذ بدأها هي احتجاجات شعبية معظمها بدأتها الحركات الطلابية وفقاً لموقع "افريكا نيوز" ، مؤكداً أن الاحتجاجات لا يقف خلفها أي حزب سياسي.وكشف الموقع أن الاحتجاجات خرجت لارتفاع الأسعار والأزمة المعيشية الطاحنة التي يعيشها الشعب السوداني، لكن في حقيقة الأمر أن تلك الاحتجاجات لها بعد سياسي حيث أن البشير وحزبه "المؤتمر الوطني" يتشبثان بالسلطة حيث أن من المفترض إن "عمر البشير" لا يحق له الترشح بعد عام 2020،وفقاً للدستور السوداني الجديد الذي ينص على أن الرئيس له فترتين فقط كل فترة 5 سنوات، لكن هناك معلومات تم تسريبها بأن حزب "البشير" الذي يسيطر على البرلمان السوداني سيقوم بتعديل الدستور قبل الانتخابات بفترة تسمح بتجديد الحكم للرئيس السوداني الحالي، ولقد علم الشعب بذلك لذا خرج على الحاكم.

وأكد الموقع أن البشير في الحكم منذ 29 عاماً، وهذا يشكل قلق كبير لدى النخبة السودانية خاصة بعد أن ساهم الرئيس السوداني في تقسيم السودان إلى دولتين وحكم الاخوان من مقاليد الحكم،كما ساهم في حدوث مجازر ضد ابناء دارفور شرق السودان.

2-تفاصيل ما حدث في مدينة "عطبرة":

"عطبرة" هي المدينة الثانية السودان بعد عاصمتها الدامر بها رئاسة مقر السكة حديد منذ عهد الاستعمار الإنجليزي للسودان، لذا يطلق عليها اسم "عاصمة الحديد والنار" وهي مدينة عُمالية من الطراز الأول كانت منطلقاً لانتفاضات العمال ضد الأنظمة الديكتاتورية على مدى التاريخ الحديث. 

انطلقت الشرارة الأولى للمظاهرات السودانية في العاشرة صباحاً من صباح أمس عندما خرج طلاب المدارس وعمال السكة حديد لتناول وجبة الإفطار بالمطاعم والكافيتيريات التي تضمها عمارة عباس محمود الشهيرة وهي تمثل القلب النابض للمدينة، الطلاب والعمال فوجئوا بإنعدام الخبز وبالتالي لا يوجد إفطار، فقاموا بإغلاق الشارع المؤدي إلى مبنى التلفزيون وعاد بعض الطلاب إلى مدارسهم.

لكن مواطنين تصادف وجودهم في المكان دعوا إلى عودة الطلاب وفقاً لصحيفة سودان تايمز الإلكترونية وعندما حاولت الشرطة تفريقهم تحركوا نحو حديقة البلدية واتجهت التظاهرة شرقاً نحو السينما الوطنية وعَبَر المتظاهرون جسر الحرية حيث وصلوا إلى مبنى رئاسة السكة الحديد، هاتفين "السكة حديد تهز وترز"، ومن ثم توجهوا إلى كلية التربية التابعة لجامعة وادي النيل، التي يخضع طلابها للامتحانات سنوية ومنها إلى ورش السكة الحديد.

وفي هذه الأثناء خرجت مظاهرة أخرى من حي "الحصايا" واتجهت نحو الميناء البري بعد أن احرق المحتجون مبنى حزب المؤتمر الوطني "الحاكم".

أما في شارع السينما كان الأمر مهيباً حيث صادف جمع من المتظاهرين مرور سيارة نصف نقل تحمل جنوداً تابعين لرئاسة سلاح المدفعية، أحاط المحتجون بها وهم يهتفون للجيش قائلين "الجيش معانا.. ما همانا"، ونادوا بإسقاط النظام،وقد رد عساكر سلاح المدفعية ردوا تحية المتظاهرين ولوحوا بأسلحتهم. 

وعلّق أحد شهود العيان "هذا مشهد لم أراه منذ انتفاضة مارس 1985، وهو مشهد ينبغي ألا نمر عليه مرور الكرام فسنعود إليه لاحقا.

3-سيناريوهات متوقعة بعد مظاهرات السودان

لقد شكل "عمر البشير" ميلشيات تحت أسماء عديدة مثل قوات الدعم السريع، قوات الدفاع الشعبي على حساب إضعاف الجيش لأنهم يحاولوا تكوين جيش موازي،ووفقأ لصحيفة " valdostadailytimes" فإن الحكومة لا تمتلك أية حلول للأزمة الاقتصادية الخانقة والتي تمثل انعكاساً حقيقياً لأزمة سياسية في المقام الأول، بل إن الرئيس البشير ورئيس الوزراء معتز موسى يفكران في زيادة سعر البنزين تحت مسمى "رفع الدعم" في موازنة العام الوشيك "2019"، وكذلك في رفع قيمة الجمارك والضرائب رغم النفي الرسمي، وهذا يدل على أنهم مغيبين تماماً عن الواقع ولن يستبينوا النصح إلا ضحى الغد.

التنحي والإقرار بالفشل هو الحل الذي يمكن أن يحدث بشكل لحكومة البشير بدلاً عن الحلول الترقيعية والتوسل إلى الدول الشقيقة لمنحهم مساعدات أو ودائع خاصة وأن الشعب يثور منادياً بـ"إسقاط النظام".

ومع اشتداد الأزمة وتشعبها لا يتوقع أن يقوم رئيس الجمهورية بالتنحي طواعية على الرغم من المطالبات الصريحة التي صدح بها دعاة لهم وزنهم مثل عبدالحي يوسف ومحمد علي الجزولي ومحمد أبوعبيدة حسن، والسبب واضح جداً، هو مأزق محكمة الجنايات الدولية المسلط عليه ما لم يتم التوصل إلى تسوية في هذه القضية، وكذلك لن يستطيع قيادات الحزب الحكام إقناعه بالتنازل فهو يسعى من الآن ورغم هذه الأزمات الخانقة للترشح في انتخابات 2020 ويبذل قصارى جهده لتخطي العقبات القانونية والدستورية التي تمنعه من ذلك.

وبالعودة إلى مشهد التحية التي تبادلها الجيش مع جموع المتظاهرين في مدينة "عطبرة"، فهذه اللقطات تدل على تأييد القوات النظامية الضمني لمطالب المحتجين، خاصة أن هناك حالة من السخط تنتاب قادة وجنود الجيش السوداني بسبب التهميش الواقع عليهم واعتماد الحكومة بشكل كبير على قوات "الدعم السريع" المنتمين للإخوان بمنحها صلاحيات واسعة ورواتب مضاعفة مقارنة بمخصصات القوات النظامية، فهذا مما قد يجعل الجيش أقرب إلى الانضمام للمحتجين في الايام المقبلة وتسليم السلطة لحكومة انتقالية من الكفاءات على أن يرأسها أحد قادة الجيش.

أما السيناريو الأسوأ والذي لا يتمنى أحد أن يحدث فهو انحدار البلاد إلى الفوضى الشاملة وانفراط عقد الأمن، لكننا نعول على الشرفاء من أبناء السودان وقادة الأجهزة الأمنية أنفسهم بالتدخل في الوقت المناسب وإنقاذ البلاد مما لا يحدث عقباه.

وتزامنت الاحتجاجات مع عودة زعيم المعارضة صادق المهدي إلى السودان ، وهو آخر رئيس منتخب بحرية في البلاد ، الذي أطيح بحكومته في انقلاب عسكري عام 1989 قاده البشير. كان المهدي يعيش في منفى اختياري خارج السودان منذ ما يقرب من عام. رحب به آلاف من أنصاره يوم الأربعاء.

-سبب الأزمة الاقتصادية التي فاقمت مظاهرات السودان:

يكافح اقتصاد السودان طوال العقود الثلاثة التي ظل فيها البشير في السلطة، تدهور الوضع بسرعة منذ انفصال جنوب البلاد في عام 2011 ، مما حرم الخرطوم من حقول النفط هناك.

على أمل تأمين المساعدات والاستثمارات ، اقترب البشير في السنوات الأخيرة من دول الخليج العربية الغنية بالنفط ، وخاصة السعودية لذا قد وافق على التوسط للسعودية عند الرئيس السوري بشار الأسد.

وقد أصاب نقص الخبز البلاد، حيث يلقي تجار القمح باللوم في أزمة العملات الأجنبية بسبب نقص الغذاء الأساسي الذي ترك الناس يصطفون لساعات خارج المخابز.

وقال حسين عثمان وهو حارس متجر لموقع "افريكا نيوز"أن : "الوضع الاقتصادي كان جيداً وكانت القوة الشرائية لدى الناس معقولة لكن الظروف سيئة الآن والبضائع باهظة ولذلك الناس غير قادرين على شرائها،وزاد الوضع سوءًا عندما انخفضت قيمة الجنيه السوداني ، مما جعل من الصعب استيراد الإمدادات الأساسية مثل القمح".

من جانبها، قالت مروة مجيد، من سكان الخرطوم، "إن الأوضاع المعيشية في السودان تتدهور، حيث لدينا طوابير في كل مكان، للوقود، وفي ATM. لا يمكنك حتى سحب أموالك من البنك، لا يمكنك الحصول على راتبك، أصبح كل شيء مكلفًا للغاية ولا نعرف ما يحدث، ويبدو الأمر كأنه قنبلة موقوتة ونحن لا نفعل عندما تنفجر".

ووفقًا لوكالة الإحصاءات الحكومية ، ارتفع معدل التضخم إلى 68.93٪ في نوفمبر من 68.44٪ في أكتوبر، وقد ازدادت باستمرار على الرغم من محاولات الحكومة لاحتواء ارتفاع الأسعار من خلال الحد من عمليات السحب النقدي.

خلفية عن أزمة السودان

في أواخر ديسمبر 2013 ، أذن مجلس الأمن الدولي بنشر سريع لنحو 6000 من قوات الأمن ، بالإضافة إلى 7600 من قوات حفظ السلام الموجودة بالفعل في البلاد ، للمساعدة في جهود بناء الدولة. 

وفي مايو 2014 ، صوّت مجلس الأمن في خطوة نادرة لتحويل ولاية البعثة من بناء الدولة إلى حماية المدنيين، وإذنت قوات الأمم المتحدة باستخدام القوة، منذ إعادة تحديد أولويات الحماية، وواجهت بعثة الأمم المتحدة في جمهورية جنوب السودان تحديات كبيرة بسبب تدهور الوضع الأمني وعلاقتها المعقدة مع حكومة جمهورية جنوب السودان.

سمحت الأمم المتحدة بالنشر من أربعة آلاف عنصر إضافي من قوات حفظ السلام كجزء من قوة الحماية الإقليمية في عام 2016، على الرغم من تأخر وصولهم حتى أغسطس 2017.

ومنع العنف المزارعين من زراعة المحاصيل أو جنيها ، مما تسبب في نقص الغذاء في جميع أنحاء البلاد، في يوليو 2014، أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن أزمة الغذاء في جنوب السودان هي "الأسوأ في العالم". 

وقد تم الاعلان عن المجاعة في جنوب السودان خلال الأشهر القليلة الأولى من عام 2017، مع تعرض حوالي خمسة ملايين شخص للخطر بسبب انعدام الأمن الغذائي، وواجهت البلاد من جديد نقصاً حرجاً في الغذاء في أوائل عام 2018، حيث حذرت وكالات الإغاثة من أن أكثر من سبعة ملايين شخص قد يتعرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي الشديد خلال أشهر الصيف.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً