اعلان

بالتزامن مع تطبيق «القيمة المضافة».. خبراء يحذرون من موجة غلاء جديدة

صورة تعبيرية

انتقد خبراء اقتصاد إصرار الحكومة على المضي قدما في إجراءات التحول من الضريبة على المبيعات إلى القيمة المضافة، وذلك على الرغم من ارتباط تطبيق الضريبة بقدر لا يستهان به من المخاطر والآثار السلبية، التي تلحق بالاقتصاد تتمثل في زيادة الأسعار، وتقلص الاستثمارات في الأسواق، وبالتالي تراجع القدرة التشغيلية للاقتصاد، وما يرتبط بذلك من زيادة معدلات البطالة.

وشدد الخبراء علي أن الحكومة - ممثلة في الإدارة الضريبية – يجب عليها أن تعيد التفكير في قرار التحول، وأن تحرص علي أن تتخذ من الإجراءات ما يترتب عليه محاصرة الآثار السلبية لهذه الضريبة، التي ينتظر العبء الأكبر منها أصحاب الدخول الأقل، ومن ثم فإن الإسراع في التحول أمر في غير صالح الاقتصاد والمواطنين، وبالتالي فإن الأمر يتطلب المزيد من الدراسات المتبوعة بالإجراءات التمهيدية.

ونصح خبراء المال والاقتصاد أن تبدأ مصلحة الضرائب في عمل حصر لكل الوحدات المنتجة في الاقتصاد المصري، حتي يكون التطبيق أكثر فاعلية، وأن يتم وضع سيناريوهات لأسعار الضريبة والعمل علي قياس آثرها علي الأسعار ومعدلات الاستثمار حتي يتم العمل علي علاج التداعيات السلبية لهذه الضريبة.

بداية أكد عبد المنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، أن ضريبة القيمة المضافة تعد تطور طبيعي لضرائب المبيعات المطبق الآن، وأن القول بالتحول إلي "القيمة المضافة" تنطوي علي مغالطة، لأن المنظومة الضريبية لن تشهد تحول بل تطور، وأن هذا التطور استوجب تعديلات على قانون ضرائب المبيعات، لكن تم التوافق علي أن يتم عمل قانون جديد حتي لا يترتب علي كثرة التعديلات صعوبات ومشكلات عند التطبيق.

وقال رئيس مصلحة الضرائب إنه استجابة لهذا المطلب كان مشروع قانون ضرائب القيمة المضافة، الذي يخضع بموجبه كافة السلع والخدمات – عدا ما يستثني بنص- لضريبة القيمة المضافة، وفي ظل القانون الجديد يتم توحيد سعر الضريبة وألية التحصيل ورد الضريبة، وأن هذا القانون يعالج مشكلات القانون الحالي، التي تتمثل في انخفاض حد التسجيل البالغ 54 ألف حنيه، ليصبح 500 ألف جنيه، حتي يكون التفويض الممنوح للممولين بتحصيل الضريبة عن الدولة في محله، وحتي يكون المال العام في مأمن، علما بأن حد التسجيل الجديد يترتب عليه خروج 120 ألف ممول دون حد التسجيل.

وأضاف أن القانون يعالج عدة مشكلات، أهمها، الضرائب علي البيع بالتقسيط، والخصم الكامل للضريبة السابقة وسدادها، وتغليظ العقوبات علي المخالفين والمتهربين، وفرض ضرائب إضافية علي غير المتعاملين بالفواتير وحوافز للمستهلك لطلب الفاتورة في واقعة البيع، وأنه يحدد 3 أشكال للسعر الضريبي، الأول، وهو السعر الموحد، الذي تركته لمجلس الوزارة، لما سوف يكون له من تبعات –في حدود 14%.

فيما يتمثل الشكل الثاني في أسعار ضريبة القيمة المضافة علي سلع الجدول، وكانت الإدارة الضريبية حريصة على ألا يزيد العبء الضريبي على المواطنين.

وتنقسم السلع إلى فئات مختلفة تبدأ بأسعار متدنية علي بعض السلع الضرورية والسلع الرأسمالية، وتزيد لتصل إلى أعلى مستوى لها في منتجات التبغ والسجائر والسلع الاستهلاكية غير الضرورية، مثل البن والبيرة والكحوليات، أما القسم الثالث فهو السلع المعفاة من الضرائب مثل السكر والشاي.

وكشف مطر أن جميع الخدمات سوف تخضع للضريبة وإن كانت العمومية ستكون للسلع المصنعة والخصوصية للخدمات، فكل الممولين الذين يبلغون حد التسجيل 500 ألف جنيه يتم تسجيله، لكن تم الاتفاق علي إعفاء الخدمات الصحية والتعليمة من هذه الضريبة خوفا من الآثار السلبية لهذه الضريبة علي هذه النوعية من الخدمات التي يضطر المواطن إلي اللجوء إليها لعدم قدرة الحكومة علي تقديمها بالمستوي اللائق لكل المواطنين.

وأشار إلى أن خدمات تشغيل الغير تم إخضاعها للضريبة، وتم التوافق مع اتحاد المقاولين علي أن تكون ضريبة خدمات المقاولات قطعية بواقع 5% مثل سلع الجدول بعد الاعتماد من المهندس الاستشاري، وأن العمل بالضريبة الإضافية مستمرة في القانون الجديد حتي يتم ردع المخالفين وإلزامهم علي سداد حق الدولة من الضرائب المحصلة في المواعيد القانونية، وإلا تكون الضريبة الإضافية (0.5% أسبوعيا أو فائدة البنك المركزي علي المبالغ المتأخرة يضاف إليها 2%.

ولفت رئيس مصلحة الضرائب إلي أن مشروع القانون ينص علي سعر ضريبي قدره 5% للسلع الرأسمالية علي أن يتم ردها للمنتج بعد البدء في الإنتاج، فيما يربط القانون الضريبة في البيع بالتقسيط علي القيمة الكاملة للسعر، وأن العقوبات تم تغليظها لتصبح في حالة المخالفة من 1000 إلي 5000 جنيه بدلا من 100 إلي 2000 جنيها، وفي حالة التهرب من الحبس مدة تتراوح بين شهر وسنة إلي تغليظ المدة لتتراوح بين سنة و10 سنوات.

من جانبه، أكد المحاسب القانوني أشرف عبد الغني، رئيس جمعية خبراء الضرائب، أن وجود نظام ضريبي متطورا إداريا وتشريعيا يعد مطلبا أساسيا للمجتمع الضريبي بصفة عامة لدفع عجلة النمو وخلق بيئة مناسبة وجاذبة للاستثمار، ويأتي هذا التحول إلي القيمة المضافة في إطار هذه الجهود الرامية إلي تحسين مناخ الاستثمار، موضحا أن طرح قانون القيمة المضافة يعالج تشوهات عديدة في قانون الضريبة العامة علي المبيعات رقم 11 لسنة 1991.

وطالب عبد الغني بإقرار سعر مناسب وموحد للضريبة على القيمة المضافة سواء على السلع أو الخدمات، واقترح أن لا يتجاوز 10% حتى لا تتضاعف الآثار التضخمية للضريبة، ويتسبب في زيادات كبيرة للأسعار، فضلا عن حرص مصلحة الضرائب علي سرعة علاج حاسم للمشكلات التطبيقية للضريبة الإضافية، بما يضمن عدم تسببها في تحميل المكلفين بأعباء ضريبية إضافية ومغالى فيها.

ولفت إلي إنه فى هذا الشأن لابد من العمل لإعادة النظر في تحديد تاريخ استحقاق الضريبة المقرر حاليا، لأنه يتسبب في زيادة أعباء الضريبة على المكلف دون مبرر، ودراسة إمكانية تطبيق الفحص بالعينة أسوه بقانون الضرائب العامة رقم 91 لسنه 2005، وإعادة النظر في المواعيد القانونية لتقديم الإقرارات حتى لا تتضاعف الأعباء الإدارية على الجهاز الضريبي.

وأشار رئيس جمعية خبراء الضرائب إلي أنه يجب العمل علي إقرار نظام ضريبي يسمح بتوافر السيولة المناسبة للشركات لسداد التزاماتها الضريبية دون تأخير، مطالبا بوضع الآليات القانونية الواضحة والمحددة، التي تضمن تفعيل نظام رد الضريبة، وتنهى مشكلات التأخير في عمليات الرد للمستحقات سواء بسبب تعقيدات إجرائية أو بيروقراطية.

أوضحت د. سالي فريد، مدرس الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن ضريبة القيمة المضافة تفرض على القيمة، التي تضاف إلى قيمة المنتجات عند كل مرحلة من مراحل الإنتاج والتوزيع بمعني الفرق بين قيمة المنتجات وقيمة مستلزمات الإنتاج، ومن ثم فإن هذه الضريبة لها آثار إيجابية تتمثل في توزيعها لعبء الضريبة على مراحل الإنتاج، وتوزيع السلع والخدمات توزيعا عادلا يتماشى مع قيمة ما تساهم به كل مرحلة في القيمة الكلية للسلع والخدمات، بالإضافة إلي أنها لا تميز بين المنشآت المتكاملة وغير المتكاملة فكلاهما سوف يخضع لنفس مقدار الضريبة.

وكشفت أن هذه الضريبة تساعد على التدعيم والمحافظة على المركز التنافسي، الذي تتمتع به المنتجات المصدرة في الأسواق الخارجية، وزيادة قدرة المنتجات الوطنية على منافسة المنتجات الأجنبية، بل يمكن أن تمارس هذه الضريبة قرارا توجيهيا داخل الاقتصاد من خلال الاعتماد على المعدلات التمييزية للضريبة بما يتماشى مع الأهداف، التي ترغب الدولة في تحقيقها، لكنها تعاني من فقدان القدرة علي ممارسة آثر فعال في إطار العمل علي تحقيق العدالة الاجتماعية، لأن هذه الضريبة لا تراعي معيار العدالة الاجتماعية لكونها لا تميز بين الممولين بحسب الدخل.

ولفتت د. سالي إلى أن تطبيق هذه الضريبة على النشاط الزراعي "صعب"، لصغر حجم الوحدات الإنتاجية، وأن الجزء الأكبر من الإنتاج يتم بيعه مباشرة إلى المستهلك أو من خلال عمليات المقايضة، وأنه في ظل هذه الشريحة تكون الوحدات الإنتاجية كثيفة رأس المال في وضع أفضل نسبيا، لأنها تتحمل عبء ضريبي أكبر نسبيا، وأن التطبيق الفعال يستلزم إمساك الممولين دفاتر محاسبية بطريقة منتظمة، ووجود إدارة ضريبية كفء، بحيث تكون قادرة علي تحديد مفهوم القيمة المضافة لتقدير وعاء الضريبة، ومواجهة المشكلات، التي تنشأ بين مصلحة الضرائب والممولين.

حذر د. عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، من الإصرار الحكومي على التحول إلى ضريبة القيمة المضافة رغبة منها في تحقيق زيادة في الإيرادات الضريبية قدرتها وزارة المالية بنحو 30 مليار جنيه، مؤكدا أن العمل بهذه الضريبة في ظل الظروف الحالية، التي يمر بها الاقتصاد المصري أمر في منتهي الخطورة، لأن الأسعار تعاني حالة من عدم الاستقرار بسبب أزمة الدولار، والإصرار علي تطبيق تشريع ضريبي يترتب عليه زيادة الأعباء علي المنتجين يعني المزيد من الاضطراب في الأسواق بما يفوق قدرة الحكومة علي الرقابة والضبط في منظومة الأسواق.

وأوضح د. عامر أن عبء الضريبة سوف يقع –بلا محالة- على المستهلك النهائى من مختلف الطبقات، ولن يتحملها الأغنياء من التجار والمصنعين والمستوردين، وأن إعفاء بعض السلع الضرورية مثل الشاي والسكر والزيت من الضريبة سوف يقلل من الآثار التضخمية، لكنه لن يقضي علي هذه الآثار، وأن القول بأن الضريبة لن تمس محدود الدخل كلام غير واقعي بالمرة، وبالتالي فإن السوق علي موعد مع "موجة غلاء جديد" بمجرد الإعلان عن قرار التحول بعد إقرار البرلمان للقانون.

وأشار إلي أن العشوائية والفوضى المسيطرة علي مقاليد الأسواق وزيادة حجم الاقتصاد غير الرسمي وغياب دور أجهزة وجمعيات حماية المستهلك تضاعف من آثر هذه الضريبة علي الأسعار، بحيث يستغل التجار هذه المتغيرات لتعزيز أرباحهم بزيادة الأسعار بنسب تزيد عن نسب زيادة التكلفة، وذلك في غيبة أجهزة الرقابة وحماية المستهلك، موضحا أن المضي قدما في إجراءات التحول إلي القيمة المضافة قد يترتب عليه تقليص حجم الاستثمارات، لما يترتب علي التحول من تراجع معدلات العائد علي الاستثمار، فالضريبة تقلل الطلب الكلي مما يؤدي إلي تراجع الربحية.

ولفت رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية إلي أنه من الآثار السلبية المنتظرة للتحول إلي الضريبة علي القيمة المضافة تتمثل في الأثر علي القدرة التشغيلية للاقتصاد، فإن المستثمر في حال زيادة الأعباء الضريبية المفروضة عليها يبحث – دوما – عن البنود المرنة، التي يمكن تقليل تكلفتها، فتكون العمالة الضحية، سواء بخفض الأجور أو التضحية بجزء منها، فلا توفر هذه المشروعات القائمة المزيد من فرص العمل، مشددا علي أن أثر الضريبة علي أداء البورصة "سلبي"، خاصة على أداء شركات قطاع الخدمات، التي يفرض القانون عليها ضريبة لن تقل عن 14%، مما يؤثر سلبا علي عوائد هذه الشركات.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً