تعتبر الأزمة السورية من أبرز الملفات التي شكلت المشهد السياسي الدولي في السنوات الأخيرة، وقد تركت آثارًا عميقة على العديد من الدول، لا سيما روسيا. مع سقوط نظام بشار الأسد، برزت تساؤلات عديدة حول مدى تأثير هذا الحدث على المصالح الروسية في المنطقة والعالم.
خسائر روسيا جراء سقوط نظام الأسد
يذهب العديد من الخبراء والمراقبين إلى أن سقوط نظام الأسد يمثل خسارة فادحة لروسيا على عدة مستويات. فمنذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، كانت موسكو تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، وحماية حليفها الأسد، وتأمين قاعدة عسكرية في شرق المتوسط. إلا أن سقوط النظام قد قضى على هذه الآمال، وجعل روسيا تواجه تحديات كبيرة.
أولًا، فقدت روسيا موطئ قدمها الاستراتيجي في شرق المتوسط. فالقاعدتان العسكريتان الروسيتان في طرطوس وحميميم كانتا تمثلان أهمية بالغة لموسكو، حيث أتاحت لها مراقبة المنطقة، وتعزيز وجودها العسكري، وتحدي النفوذ الغربي في البحر الأبيض المتوسط.
ثانيًا، فشلت روسيا في تحقيق أهدافها السياسية في سوريا. فقد سعت موسكو إلى تقديم نفسها كقوة إقليمية قادرة على حماية حلفائها، إلا أن سقوط النظام يمثل فشلاً ذريعًا لهذا المشروع، ويضعف من مكانة روسيا في المنطقة.
ثالثًا، تكبدت روسيا خسائر اقتصادية كبيرة نتيجة تدخلها العسكري في سوريا. فقد أنفقت موسكو مبالغ طائلة على دعم النظام، وتزويده بالأسلحة والعتاد، بالإضافة إلى خسائرها البشرية.
رابعًا، تآكلت صورة روسيا كقوة عظمى. ففشل روسيا في حماية نظام الأسد يضعف من صورتها كقوة قادرة على حماية مصالحها وحلفائها، ويؤثر سلبًا على صورتها الدولية.
آثار سقوط النظام على العلاقات الروسية السورية:
سيكون لسقوط نظام الأسد آثار عميقة على العلاقات بين روسيا وسوريا. فمن المتوقع أن تشهد هذه العلاقات تغيرًا جذريًا، حيث ستنتقل من علاقة تحالف وثيق إلى علاقة مبنية على المصالح المتبادلة. كما أن الثقة المتبادلة بين الطرفين قد تضررت بشكل كبير، وستحتاج إلى وقت طويل لإعادة بنائها. وتواجه روسيا تحديات كبيرة في أعقاب سقوط نظام الأسد، من أهمها انه سوف تسعى روسيا إلى الحفاظ على ما تبقى من نفوذها في سوريا، من خلال دعم الفصائل الموالية لها، والتعاون مع القوى الإقليمية الأخرى. كما ستسعى روسيا إلى تحسين علاقاتها مع الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.