وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع، الخميس، على الإعلان الدستوري الجديد الذي أعدته لجنة صياغة الإعلان الدستوري، بهدف وضع إطار قانوني جديد للمرحلة الانتقالية في سوريا، حيث أكدت اللجنة أن الإعلان يستمد مشروعيته من الرغبة في بناء سوريا الجديدة، مع الحفاظ على اسم الدولة "الجمهورية العربية السورية"، وتحديد دين رئيس الدولة بالإسلام، مع إبقاء الفقه الإسلامي مصدراً أساسياً للتشريع، وشدد الإعلان الدستوري على ضمان الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير والصحافة والإعلام والنشر، كما أقرّ حق الملكية وحقوق المرأة في المشاركة في العمل والتعليم.
وحصلت أهل مصر على المذكرة الإيضاحية للإعلان الدستوري وجاء فيها ما يأتي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد رئيسَ الجمهورية العربية السورية أضع أمام مقامكم إحاطةً لمسودة الإعلان الدستوري
مشروعية الإعلان الدستوري
تكللت الثورةُ السوريةُ المباركة بانتصارٍ عظيمٍ في 8 كانون الأول 2024، أفضى إلى عهدٍ وتاريخٍ جديدين في سورية، فكان "مؤتمرُ إعلان انتصار الثورة السورية" يوم 29 كانون الثاني 2025، إذْ أَعلنَ فَناءَ النظامِ السياسي البائد وما حوى من نُظُمٍ تكبّلُ إرادةَ الإنسان وتقيدُ حريتَه، ملغياً دستورَ 2012 والسلطاتِ والأحزابَ المنبثقةَ عنه، مؤسِّساً لواقعٍ سياسيٍ واجتماعيٍ جديدٍ، مُنتخِباً رئيساً للجمهورية، وقد أَوكَلَ إليه إدارةَ البلاد، وكان التأسيسُ للشرعيةِ الشعبيةِ الهاجسَ الأول لدى القيادة الجديدةِ رغمَ الظروفِ الصعبةِ، فتمت الدعوةُ إلى مؤتمرِ حوارٍ وطنيٍ بين السوريين والذي ركّزَ في بيانِه الختامي الصادرِ في 25 من شهر شباط عام 2025 على التغييرِ والانتقال مما هو كائنٌ إلى ما يجبُ أن يكون، على أن يتألفَ هذا التغييرُ من عمليتين متكاملتين مِن الهدمِ والبناء، هدمِ النظامِ القانونيِّ السابق - والدستورُ الرسميُّ في مقدّمة ذلك - وبناءِ نظامٍ قانونيٍ جديدٍ يستمدُّ قيمتَه من قيم السوريين، يتمثّلُ بإيجادِ قواعدَ دستوريةٍ لتسييرِ المرحلةِ الانتقالية.
وصدرَ قرارُ السيدِ رئيسِ الجمهوريةِ في الثاني من آذار عام 2025 بتشكيلِ لجنةٍ من أجلِ صياغةِ مُسوَّدةِ الإعلانِ الدستوري الذي ينظّمُ المرحلةَ الانتقاليةَ في سورية.
إنَّ الإعلانَ الدستوريَّ يستمدُّ مشروعيّتَه من الضرورة الواقعية التي ينبغي أن تضمن تسييرَ عملِ السلطاتِ في الدولة، ومِن إعلانِ النصر الذي يُعدَّ مؤسِّساً لأوّلِ قواعدِ الدستور، مرتكزةً على مخرجاتِ مؤتمرِ الحوارِ الوطني المؤسِّسِ في قادمِ الأيام لشرعيةٍ شعبيةٍ حقيقيةٍ تُمهّدُ لبناءِ سورية الجديدة.
من حيث الشكل
دأبت اللجنةُ منذ اللحظة الأولى لصدورِ قرارِها، على إنجازِ المُهمّةِ الموكلةِ إليها، في جوٍ يسودُه النقاشُ البنّاءُ وتبادُلُ الأفكار والخبرات، يحدوها الإخلاصُ لسورية وشعبها، وتحركت اللجنةُ في عملِها ضمن فضاءٍ من الحريةِ ومساحةٍ واسعةٍ غيرِ مقيّدةٍ أو محدّدة.
عَمَدت اللجنةُ إلى تقسيمِ الإعلانِ الدستوري إلى مقدّمةٍ وأربعةِ أبواب، كان البابُ الأولُ عن الأحكامِ العامة وتضمّنَ إحدى عشْرةَ مادة، والبابُ الثاني عن الحقوقِ والحريات متضمناً اثنتَي عشْرةَ مادة.
وخُصِّصَ البابُ الثالث لمعالجةِ شكل نظامِ الحكم والسلطاتِ في المرحلةِ الانتقالية في أربعٍ وعشرين مادة، أما البابُ الرابع فقد جاءَ للأحكام الختامية في ستِّ مواد.
من حيث الموضوع
1- في الأحكام العامة
تُجمِعُ الدساتيرُ على تحديدِ اسمِ الدولة وهُويّتِها، ضمن الأحكام العامة، ولأنَّ اسمَ الدولة وهُويتَها محدّدانِ منذ دستورِ سورية لعامِ 1920، وقد استمرَّ الأمرُ على ذلك في مجملِ الدساتير حتى غدا اسمُها عُرْفاً دستورياً، لذا لم تعمَد اللجنة إلى تغيير ما تعارفَ عليه السوريون منذ تأسيس الدولة، لقناعةِ اللجنة أنَّ شرعيّتَها ومشروعيةَ ما تنتجُ لا تحتملُ التغييرَ في الأحكامِ العامة، ومنها اسمُ الدولة الذي بقي الجمهوريةَ العربيةَ السورية.
وأبقينا على دينِ رئيسِ الدولة وهو الإسلام، فتاريخُ هذه المادة يحدّثُنا أنّها جاءَتْ حلّاً وسطاً بين من يريدُ تحديدَ دينِ الدولة، وبين من يرفضُ ذلك، فكانَ الحلُّ الدستوريُّ بأنْ يكونَ الدينُ للرئيسِ محدداً، وإننا على يقين أنّه كما وصلَ أجدادُنا إلى صيغٍ توافقيةٍ لحلِّ خلافاتِهم الدستورية، فإن الأبناءَ قادرونَ على ذلك في دستورٍ دائم، ثم أبقينا الفقهَ الإسلاميَّ مصدراً أساسياً من مصادرِ التشريع، هذا الفقهُ الذي يُعَدُّ ثروةً حقيقيةً، لا ينبغي التفريطُ بها.
ومن منطلقٍ وطنيٍ خالص تم التأكيدُ على التزامِ الدولة بالحفاظِ على وحدةِ الأرض والشعب من خلالِ إدارةِ التنوعِ وحفظِ الحقوقِ الثقافية واللغويةِ لكل السوريين. بما يتلاءَمُ مع دولةِ المواطنةِ.
وكانت هناك موادُّ لإعادةِ الإعمارِ وحوكمةِ مؤسسةِ الجيشِ والأمن بما يتوافقُ مع مَهامِّهم في حفظِ الأمنِ الداخلي والخارجيِ وينسجمُ مع حقوقِ الإنسانِ وحُرياتِه
2- في الحقوق والحريات
القانونُ اﻟدﺳﺗوريُ ﻫو ﻗﺎﻧونُ ﻓنٍّ وﺻﻧﺎﻋﺔِ اﻟﺣرﯾﺔ، ﻓﻐﺎﯾﺗُﻪ ﺗﻧظﯾمُ اﻟﺣرﯾﺔ، ووﺿﻊُ اﻹطﺎرِ اﻟﻔﻌﻠﻲ اﻟذي ﻣن ﺧﻼﻟﻪِ ﯾﺳﺗردُّ اﻟﺷﻌبُ ﺣﻘوﻗَﻪ وﺣرﯾﺎﺗِﻪ، وبعضُ الفقهِ الدستوري يرى أن الدولةَ التي دستورُها لا يحمي حريةَ شعبِها هي دولةٌ بلا دستور.
من هذا المنطلق كان حرصُنا على بابٍ خاصٍ للحقوق والحريات رغم ما يعتري المراحلَ الانتقاليةَ من عدمِ استقرارٍ أمنيٍ وسياسي، لذلك عمَدنا إلى خلقِ حالةٍ من التوازن بين الأمنِ المجتمعيِّ والحرية، فجاءَت النصوصُ تعالجُ الواقعَ الحاليَّ مستفيدةً من تغوّلِ الأمسِ على الحقوقِ والحريات.
جاءَ النصُ الأول يعلنُ التزامَ الجمهوريةِ العربية السورية باتفاقياتِ حقوقِ الإنسان المُصدَّقِ عليها من قبل الدولةِ السورية، وهذا النصُّ يشكّلُ سابقةً في التاريخِ الدستوريّ السوري، إذْ عمَدَ النظامُ البائدُ سابقاً إلى توقيعِ الاتفاقياتِ الدَولية الناظمةِ لحقوقِ الإنسان من دونِ أيّ التزام، من هنا جاءَت ضرورةُ النصِّ على الالتزامِ بها.
كما نصَّ الإعلانُ الدستوريُّ على مجموعةٍ كبيرةٍ من الحقوق، منها حريةُ الرأيِ والتعبيرِ والإعلامِ والنشرِ والصحافة، وصانَ حرمةَ الحياةِ الخاصة، معلناً بذلك توازناً بين الحريات.
أما لجهةِ المشاركةِ السياسيةِ التي كان النظامُ السابقُ يعتبرُها امتيازاً، وليس حقاً، وقد أعطى هذا الامتيازَ لمجموعةٍ من الأحزابِ المواليةِ له بشكلٍ مباشِرٍ أو غيرِ مباشر، ومن أجلِ استئنافِ مشاركةٍ سياسيةٍ حقيقيةٍ قائمةٍ على المساواةِ بين الجميع، فقد كانَ لا بدَّ من النصِّ على صدورِ قانونٍ جديدٍ ينظّمُ المشاركةَ السياسيةَ على قدْرٍ من المساواةِ والأسسِ الوطنية.
كما تمَّ ضمانُ حقِّ الملكيةِ الذي تعرّضَ في المرحلةِ السابقةِ لانتهاكاتٍ خطيرة.
وانطلاقاً من مكانةِ المرأةِ في المجتمع السوري فقد تمَّ النصُ على حقِّها في المشاركةِ بالعملِ والعلمِ وكفالةِ الحقوقِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ والسياسيةِ لها.
وحتى لا تتساوى الحريةُ مع القيدِ تمَّ النصُّ على مجموعةٍ من الضوابطِ التي يحتاجُ إليها كلُّ مجتمعٍ لضبطِ الحرياتِ كي لا تتحوّلَ إلى فوضى.
3- نظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية
لقد عانى السوريونَ سابقاً من تغوّلِ رئيسِ الجمهوريةِ على باقي السلطات، معتمداً بتغولِهِ على النصِّ الدستوريّ، مما ولّدَ أنظمةً سياسيةً مشوهة، لم تلتزم السلطاتُ السوريةُ السابقة منذ عام 1958 بخصائصِ النظامِ السياسي الذي تختارُه، فإنْ اختارت نظاماً شبهَ رئاسيٍّ أعطت لموقعِ الرئاسةِ أكثرَ مما يمنحُهُ إياهُ النظامُ نفسُه، فتلوي عنقَ خصائصِ ذلك النظام مما يشكّلُ اعتداءً صارخاً وواضحاً على مبدأِ فصلِ السلطات.
لذلك كانت المُهمةُ الأولى لنا وضعَ النظامِ السياسي على سكتِهِ الدستورية من خلال الالتزامِ بخصائصِ النظام السياسي. ولأنَّ مبدأَ فصلِ السلطات كان غائباً عن النُظُم السياسيةِ السورية تعمّدْنا اللجوءَ إلى الفصلِ المطلقِ بين السلطات.
السلطة التشريعية
يمارس مجلسُ الشعب السلطةَ التشريعية.
وعلى الرغم من تفويضِ السيدِ رئيس الجمهورية باختيارِ أعضاءِ مجلسِ الشعب من قبل مؤتمرِ النصر، فإنّه آثرَ الانتخابَ لأعضاءِ الهيئةِ التشريعية بما يتناسبُ مع طبيعةِ المرحلةِ الانتقالية وعدمِ توفّرِ البيئة الآمنةِ والمحايدة لإجراءِ انتخاباتٍ على كاملِ الدولة السورية، واحتفظَ بتعيين الثلثِ حرصاً على مشاركةِ الجميع في المجلس، حتى يتسنى له سدُّ النقصِ الحاصلِ في تمثيلِ المرأة أو الكفاءات. هذا من جهةٍ يعطيه بعضَ الاستقلالية، ومن جهةٍ أخرى فبعد تعيينِ عضوِ المجلسِ من الرئيس فإنه تُركَ أمرُ عزلِه (عزل العضو) أو فصلِه أو قَبولِ استقالتِه للمجلسِ ذاتِه.
ويتولى مجلسُ الشعب العمليةَ التشريعيةَ كاملةً وبشكلٍ منفرد والعفوَ العام، وله الحقُّ في عقد جلساتِ استماعٍ للوزراء، يأتي كلُّ ذلك تأكيداً على الفصلِ بين السلطات.
في السلطة التنفيذية
السلطةُ التنفيذيةُ يتولاها رئيسُ الجمهورية يساعدُه في مهامِّه وزراء، وقد رأينا أنَّ حصرَ السلطةِ التنفيذية بيد الرئيس في المرحلةِ الانتقالية يشكلُ خِياراً مناسباً مبنياً على ضرورةِ سرعةِ التحركِ لمواجهة أيِّةِ صِعابٍ أو أحداثٍ في المرحلة الانتقالية، كما أن علاقةَ الوزير المباشرة برئيس الدولة تتيحُ له الحلولَ وتمنعُ الآخرين من التدخلِ بعملِه.
وفي صددِ السلطات الاستثنائية فإنه لم يتمَّ منحُ الرئيس إلا سلطةً استثنائيةً واحدةً وهي إعلانُ حالةِ الطوارئ، في حين كانت الأنظمةُ السوريةُ السابقةُ تمنحُ الرئيسَ سلطاتٍ استثنائيةً أكثرَ من العادية، وقد تمَّ ضبطُ سلطةِ الطوارئ بالوقتِ والموافقةِ من مجلس الشعبِ في حال أرادَ التمديد.
في السلطة القضائية
إلى ساحة القضاء يُهرَعُ الناسُ يلتمسون فيها العدلَ والإنصاف، فالناس أمام القضاء سواء، لا يُرهَبُ أحدٌ لقوّتِه، ولا يُستخَفُّ بحقِّ أحدٍ لهوانِه وضعفِ حيلتِه.
والقضاةُ هم ضميرُ الأمة، ورمزُ إرادتِها، وأصلُها في إعلاءِ كلمةِ الحق والعدل التي أودعها اللهُ أمانةً بين أيديهم، وأحكامُ القضاءِ في هذا السبيل مصابيحُ يأتمُّ بها الهداة.
لذلك أكدَ الإعلانُ الدستوري على استقلاليةِ السلطة القضائيةِ وحياديّتِها ومنعِ إنشاءِ المحاكمِ الاستثنائية التي عانى منها السوريون كثيراً في المرحلةِ الماضية، ولا سلطانَ على القُضاةِ إلا للقانون.
ولقد أخذت الدولةُ السورية القضاءَ المزدوج (القضاءَ الإداري والعادي) منذ زمن بعيد، لذلك حافظَ الإعلانُ الدستوريُ على هذا التاريخ القضائي، لأنَّ الانتقالَ إلى قضاءٍ منفردٍ في المرحلة الانتقاليةِ سيجدُ أمامَه من العقبات التي يصعبُ تجاوزُها.
وعمَدْنا إلى حلِّ المحكمةِ الدستورية القائمةِ لأنها من بقايا النظام البائد، وإعطاءِ الحقِّ لرئيس الجمهورية بتعيين محكمةٍ دستوريةٍ جديدةٍ تمارسُ مَهامَّها وَفقَ القانون السابق، ريثما يَصدرُ قانونٌ جديدٌ ينظّمُ عملَها واختصاصاتِها.
4- الأحكام الختامية
في المجتمعاتِ التي تحاولُ إعادةَ بناءِ نفسِها من جديد والانتقالَ من تاريخٍ عنيفٍ يتّسمُ بانتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان ارتُكِبَت في سياقِ ممارسةِ القمعِ أو في سياقِ نزاعٍ مسلّح أو غيرِ ذلك من السياقاتِ الأخرى، تبرزُ تساؤلاتٌ بالغةُ الأهمية تتناولُ كيفيةَ الاعترافِ بالانتهاكاتِ ومنعِ تكرارِها، وتلبيةِ مطالبِ العدالة واستعادةِ نسيجِ المجتمعاتِ المحليةِ الاجتماعي، وبناءِ سلامٍ مستدام.
والعدالةُ الانتقاليةُ هي النظامُ الذي يسعى إلى بذلِ كلِّ ما يلزمُ كي تنجحَ المجتمعاتُ في التعاملِ مع مثل هذا الإرث الصعب، وتُطوّرُ أدواتٍ مختلفةً من أجل تحقيقِ هذه الغاية.
ولأنَّ الشعبَ السوري وقعَ ضحيةَ أكبرِ انتهاكاتٍ موثقةٍ في التاريخ المعاصر كان لابد من النصِّ على العدالةِ الانتقالية التي هي مطلبُ كلِّ السوريين بشكلٍ عامٍ ومطلبُ السوريين في مؤتمرِ الحوار الوطنيِّ بشكل خاص.
وقد جاءت دسترةُ العدالة الانتقالية في مادتين الأولى مَهّدت الأرضيةَ المناسبةَ لتحقيق العدالةِ الانتقالية من خلال مجموعةٍ من الإجراءات، منها إلغاءُ القوانينِ الاستثنائية، وإلغاءُ مفاعيل الأحكام الجائرة الصادرةِ عن محكمةِ الإرهاب وإلغاءُ الإجراءاتِ الأمنية الاستثنائيةِ المتعلقة بالوثائق المدنيةِ والعقارية.
وقد انفردتْ مادةٌ بإحداثِ هيئةٍ لتحقيقِ العدالةِ الانتقالية تعتمدُ آلياتٍ فاعلةً تشاوريةً مرتكزةً على الضحايا، لتحديدِ سبلِ المُساءَلة، ومعرفةِ الحقائق، وإنصافِ الضحايا والناجين، بالإضافةِ إلى تكريم الشهداء.
وتم تحديدُ المرحلةِ الانتقالية بخمسِ سنواتٍ أسوةً بكثيرٍ من الدول التي خرجت من صراعٍ داخليٍ أو خارجي، وإنَّ ما مرت به الدولةُ السورية من خرابٍ ودمارٍ يفوقُ بكثيرٍ ما كان عند الدول الأخرى لذلك لابدَّ من إعطاءِ الوقتِ الكافي لإنشاءِ بيئةٍ آمنةٍ ومحايدة.
وتوصي لجنة صياغة الإعلان الدستوري بضرورةِ تشكيلِ لجنةٍ لكتابة دستورٍ دائمٍ، وإننا نختم في هذا المجال بالقول:
لثورةَ تتخلدُ بمقدارِ ما تَصنعُ من مبادِئَ قانونية، تتركُ أثرَها للأجيالِ القادمة، هذا الأثرُ القانونيُ يبقى وفعلُ التمرّدِ يزول، فإذا ما أخذنا أيَّ حركةٍ ثوريةٍ فإننا سنجدُها تخلّدت بآثارِها القانونية، لتبقى الأجيالُ تذكرُها وتعملُ بمبادئِها، ومهما كان حجمُ التمرد وما رافقَه من عنفٍ فهو يُدرسُ كحالةٍ تاريخيةٍ سابقة، أما الأثرُ الدستوريُ فهو يُدرَسُ كحالةٍ سابقةٍ وحاضرةٍ ومستقبليةٍ يمكنُ البناءُ عليها.
وعلى كلِّ ما ورد في هذه الإحاطة، من تبيانٍ أو تفصيلٍ أو تكثيف، فإننا نرجو أن تكونَ مُسوّدةُ الإعلان الدستوري، رافعاً ناهضاً ومعيناً، للدولة السورية أرضاً وقيادةً وشعباً، في هذه المرحلة الانتقاليةِ المُمهِّدةِ لمزيدٍ من الاستقرارِ وإعادةِ بناءِ الوطن والحياة إن شاء الله.