اعلان

«أنا مقبرة للغزاة».. نهر النيل بين عيون السينما والدراما وأنشودة المطربين (فيديو)

نهر النيل
نهر النيل

عندما قال المؤرخ الإغريقي الشهير 'هيرودوت' خلال القرن الخامس قبل الميلاد، إن مصر هبة النيل، لم يكن عبارة رددها لتأخذها عنه كتب التاريخ بعد ذلك، فبهذه الكلمات الثلاث استطاع 'أبو التاريخ' أن يلخص كل شئ حول أهمية نهر النيل بالنسبة لمصر والعكس أيضًا، فبدون النيل لكانت مصر أصبحت صحراء قاحلة مترامية الأطراف، فهو الذي يمثل للمصريين خاصة، ولكل شعوب دول الحوض عامة، أبجدية الحياة التي بها يواصلون حياتهم يومًا بعد يوم، فليس غريبًا أن يدافع عنه المصريون عنه اليوم باستماتة أمام أثيوبيا التي تريد منعهم من نعمة أعطاها الله لهم، ولذلك أيضًا لم يكن غريبًا أن يتخذه الشعراء والمطربون والسينمائيون نبعًا لا ينضب من المعاني والصور الجميلة، والتي نوضحها في التقرير التالي.

'من أي عهد في القرى تتدفق وبأي كف في المدائن تغدق.. ومن السماء نزلت أم فجرت من عليا الجنان جدًا ولا تترقرق.. وبأي عين أم بأية مزنة أم أي طوفان تفيض وتفهق.. وبأي نول أنت ناسج بردة للضفتين جديدها لا يخلق.. تسود ديباجا إذا فارقتها فإذا حضرت إخضوضر الإستبرق في كل آونة تبدل صبغة عجبا وأنت الصابغ المتأنق'

هذه الكلمات السابقة أبيات من قصيدة 'النيل' لأمير الشعراء أحمد شوقي والتي لحنها رياض السنباطي لأم كلثوم، لتكون درة الأغاني التي تغنت بلنهر النيل، ولكنها لم تكن الوحيدة التي غنتها كوكب الشرق في حب 'الأسمر'، فقدمت أغنية باسم 'سلامًا شباب النيل' للشاعر إبراهيم ناجي وألحان رياض السنباطى، بالإضافة إلى بعض المقاطع في أغنياتها التي غنت فيها لنهر النيل أيضا.

'النيل نجاشي حليوه أسمر.. عجب للونه دهب و مرمر.. أرغوله في إيده يسبح لسيده.. حياة بلدنا يارب زيده'.

وبهذه الكلمات قدم الشاعر أحمد شوقي، أبياته لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ليقوم بتلحينها وغنائها، وتصبح من أجمل الأغاني التي تغنت لنهر النيل، ليقدم بعدها أغنية 'النهر الخالد' لمحمود حسن إسماعيل، والتي يقول مطلعها: 'مسافرٌ زاده الخيالُ، مسافرٌ زاده الخيالُ.. والسحر والعطر والظلالُ ظمآن والكأس في يديه والحب والفن والجمالُ'.

وعندما نتحدث عن نهر النيل، فلابد أن نذكر العندليب عبد الحليم حافظ، الذي لم يترك حدثًا وطنيًا إلا وتغنى به، فقدم في حب نهر النيل أغنيته الشهيرة 'يا حلو يا أسمر' والتي كتبها الشاعر سمير محجوب ولحنها الموسيقار محمد الموجي، وتقول كلماتها: 'الدنيا من بعدك مره يا ساقي وادينا الحياة.. د اللي يدوق طعمك مرة م المستحيل أبدًا ينساه.. يا نعمة من الخلاق يا نيل دي ميتك ترياق يانيل.. يا حلو يا أسمر'.

وتأتي أيضًا الفنانة نجاح سلام في قائمة المطربين الذين تغنوا بالنيل، فعلى الرغم من أنها لبنانية الجنسية، إلا أنها بعد اندلاع الحرب اللبنانية عام 1974، وعودتها للقاهرة أبدعت من خلال تقديمها الكثير من الأعمال الفنية، وكانت تحب مصر بشكل كبير جدًا، عبرت عنها في الكثير من الأغاني الوطنية، حتى كرمت بالجنسية المصرية، ومن أشهر هذه الأغاني: 'أنا النيل مقبرة الغزاة' والتي كتبها محمود حسن إسماعيل، ألحان رياض السنباطي، وتقول فيها: 'أنا النيلُ مقبرةٌ للغزاةْ أنا الشعبُ ناريْ تُبيدُ الطغاةْ.. أنا الموتُ فى كلِّ شبرٍ إذاعَدوُّكِ يا مصرُ لاحَتْ خُطاهْ'.

'يا عروسة النيل يا حتة من السما يا الى صورتك جوة قلبى ملحمة'

وتغزلًا في مصر وجمالها، قدم الكينج محمد منير أغنية تحمل اسم 'يا عروسة النيل' واستعان خلال الكليب بعدد من مشاهد نهر النيل، ولم يكن وحده الذي تغزل في مصر بهذه الطريقة، فغنت أيضًا الفنانة شيرين عبد الوهاب، أغنية من أجمل الأغنيات التي أصبحت عالقة في أذهان الجميع وهي أغنية 'ماشربتش من نيلها'، والتي استعرضت فيها أيضًا بعض مشاهد لنهر النيل.

نهر النيل أمام الكاميرات

لم يكن الشعراء والمطربين هم فقط من تغنوا بنهر النيل وتغزلوا فيه، بل كانت أعين السينما والتليفزيون أيضًا متوجهه دائمًا على النيل متنبهين إلى أهمية المياه، والضرورة الملحة لترشيد استخدامها، والأستثمار الأمثل لها، وتميز في ذلك المخرج الراحل يوسف شاهين، الذي يتضح من أعماله أنه كان مصدر إلهامه الدائم.

فيلم الأرض ملحمة سينمائية لترسيخ أهمية المياه

ففي عام 1970 قدم يوسف شاهين، ملحمة سينمائية كبيرة في فيلمه 'الأرض' للكاتب حسن فؤاد، عن رواية بنفس الاسم للأديب عبد الرحمن الشرقاوي، ليكون أحد أهم أفلام السينما المصرية، مرسخًا لفكرة أن المياه عنصر أساسي لربط الفلاح بالأرض، واحتياجه الملح إليها للزراعة وتوسع الرقعة الزراعية.

ابن النيل وأهمية السد العالي

خرج المخرج يوسف شاهين بعد فيلم 'الأرض' مقدمًا فيلمه الثاني 'ابن النيل'، للتأكيد على الصلة القوية للمصري بالنيل كشريان لمناحي الحياة، موجهًا لأهمية ترشيد مياه النيل بعد الفيضان الذي كان يهدرها، وضرورة إنشاء السد العالي لترشيدها واستمرار الاستقرار والتنمية.

الناس والنيل وبناء السد العالي

وفي فيلم آخر للمخرج يوسف شاهين تحت عنوان 'الناس والنيل'، أثبت أهمية النيل في حياة المصريين، من خلال توثيق لمرحلة بناء السد العالي، والذي كان شاهدا على بداية مرحلة جديدة لمجرى النيل، في قصة دارت أحداثها بين الأبطال سعاد حسني وصلاح ذو الفقار وعزت العلايلي ومحمود المليجي، فعندما يتم تحويل مجرى نهر النيل، عام 1964، تبدو الفرحة على وجوه المصريين، ثم تبدأ شخصيات عديدة في تذكر الماضي، من خلال قصة طبيب أمين، يلتحق بالعمل في السد، من أجل خدمة العاملين.

وما زال النيل يجري

وكان للكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة، رسالته أيضًا للجميع حول قضية نهر النيل، والتنبيه إلى الزيادة السكانية التي كادت تفوق مياه النيل، وإثبات موارد مصر المائية في ظل زيادة سكانية متواصلة، داعيًا إلى ترشيد الاستهلاك والاستثمار الأمثل للمياه، وذلك من خلاله مسلسله 'ومازال النيل يجري'.

وما زال النيل يجري، من إخراج محمد فاضل، وبطولة فردوس عبد الحميد، بالاشتراك مع الفنانين: هشام سليم، ويحيى شاهين، وصابرين، ومحمد توفيق، ومحمد متولي، وعبدالله محمود، وغيرهم.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً