شهد موسم رمضان 2025 تنافسًا دراميًا قويًا، حيث تنوعت الأعمال بين الأكشن، الكوميديا، الدراما الاجتماعية، والتشويق، ورغم الإنتاج الضخم وتنوع الموضوعات، إلا أن بعض المسلسلات لاقت استحسان الجمهور، بينما تعرضت أخرى للانتقادات بسبب ضعف السيناريو أو غياب المنطقية في الأحداث.
وفي هذا السياق، يقدم الناقد الفني عماد يسري رؤيته النقدية حول الأعمال المعااتي عرضت روضة، متناولًا نقاط القوة والضعف، ومدى تفاعل الجمهور مع كل مسلسل، بعيدًا عن التريندات المصطنعة واللجان الإلكترونية، فهل نجحت الدراما الرمضانية هذا العام في تقديم محتوى يليق بالمشاهد؟ هذا ما سنعرفه من خلال تقييم الناقد عماد يسري للموسم الرمضاني 2025.
وقال الناقد الفني عماد يسري في حديثه لـ أهل مصر: "جميع أعمال رمضان تم مشاهدتها بشكل متفاوت في نسبة المشاهدة، فنحن أكثر من 110 ملايين، ومن المستحيل أن تجد عملًا لم يتم رؤيته، ومن واقع وجودنا في الحياة والشارع المصري، نلمس المسلسلات التي يتم مشاهدتها، خاصة على المقاهي الشعبية، مثل مسلسل "سيد الناس"، و"العتاولة 2"، و"فهد البطل"، و"الحلانجي"، و"المداح" الجزء الخامس، الذي يتم مشاهدته بكثرة، خاصة في الأرياف، وجميع المسلسلات التي ذكرتها تحظى بمشاهدة من الجمهور، وأرى ذلك بنفسي على المقاهي أثناء مشاهدة الناس لها، ونضيف إلى ذلك مسلسل "أثينا" للفنانة ريهام حجاج، والذي يتم مشاهدته من طبقات اجتماعية مختلفة، كما أن العائلات تشاهد مسلسل ياسمين عبد العزيز "وتقابل حبيب"، الذي يعرض مشاكل اجتماعية هامة كمشاكل الطلاق، ودعوني أوضح أمرًا مهمًا: عمرو محمود ياسين هو بمثابة تميمة نجاح لكل نجم يشارك في عمل من كتابته، أعماله دائمًا تتناول قضايا اجتماعية تمس الأسرة المصرية، مع اهتمامه بالتفاصيل الإنسانية والغوص في العمق البشري، وهو ما نشهده في مسلسل "وتقابل حبيب" لياسمين عبد العزيز".
وأضاف يسري: "بالتأكيد هناك أعمال، المشكلة الرئيسية فيها تكون في الكتابة والسيناريو الخاص بها، وأساس نجاح أي عمل فني هو الكتابة، فإذا لم يكن هناك سيناريو وحوار متميز، فلن ينجح العمل مهما كان أبطاله، فأساس أي عمل فني هو السيناريو والحوار، وهذه دائمًا هي المشكلة، أحيانًا نصادف بعض الأعمال التي تفتقر إلى المنطقية في الأحداث، مثل مسلسل "قلبي ومفتاحه"، للمخرج تامر محسن، حيث توجد لا منطقية في التصرفات داخل العمل، والمسلسل ليس خياليًا أو فانتازيًا، بل يُفترض أنه مستوحى من حياة واقعية، لذا من المفترض أن تكون الأحداث منطقية، وهناك بعض الأمور التي لا أقولها أنا فقط، بل جميع وسائل التواصل الاجتماعي وتعليقات الجمهور تتحدث عنها، وحينما يتحدث الجمهور عن شيء، فهذا يعني وجود مشكلة، ويجب أن ندرك أن الجمهور أصبح واعيًا جدًا لمثل هذه الأمور، وأنت تقدم العمل للجمهور، وليس لمحبي المخرج أو المتخصصين، وإلا كان من الأفضل عرضه في جلسة خاصة، وهناك من يقول: "نحن نحب تامر محسن، إذن لا مشكلة"، ولكن ماذا عن الجمهور؟ أنتم تحبونه كمتخصصين، ولكن الجمهور هو المستهدف، والأموال تُستثمر لصنع عمل للجمهور، وليس للمتخصصين أو أصدقاء المخرج.
وتابع عماد يسري: "إن مسألة "الشللية والتطبيل" لصناع الأعمال الفاشلة تُعتبر كارثة داخل الوسط الفني، وهي التي تجعل البعض يتمادون في تقديم أعمال دون المستوى، "التطبيل" لصناع الأعمال الضعيفة في رمضان هو ما يؤدي إلى استمرارهم في تقديم أعمال ضعيفة في مواسم أخرى، هذه هي المشكلة التي نواجهها، حيث إن مافيا "التطبيل" التي لها صلة بشركات الإنتاج هي أساس فساد الإنتاج الدرامي في بعض الأعمال، وبعض اللجان الإلكترونية تكون تابعة لصناع الأعمال، ويتم تمويلها بالمال، وهناك أسماء معروفة تدير هذه الصفحات".
وأكمل:"أما الادعاء بأن جميع المسلسلات تحتل المرتبة الأولى في "الترند"، فهو أمر مثير للسخرية، وأعتقد أن الفنانين الذين أصبحوا يتهافتون على هذا الأمر يجب أن يعيدوا النظر في حساباتهم، لأن الجمهور يسخر منهم، أسمي ذلك "مهزلة التريند"، فمن غير المنطقي أن يكون لدينا أكثر من أربعين مسلسلًا، وجميعها تحتل المركز الأول! في أي منطق يحدث هذا؟ هل نحن نخدع بعضنا البعض؟ أين الجمهور والشارع؟ عن أي شيء تتحدثون؟ الشارع موجود، والجمهور هو الحكم.
وواصل:"أشيد بمسلسل "أثينا" لريهام حجاج، حيث يعرض قضايا مختلفة من خلال أحداث منطقية تحدث بالفعل، أو يمكن أن تحدث، ويكفي ذكاء صناع العمل في عرض القضية الفلسطينية ودعمها، وهو المسلسل الوحيد حتى الآن الذي تناول هذا الموضوع، وذلك من خلال توظيف الأحداث بشكل صحيح وليس مجرد عرض سطحي من أجل "الترند"، لقد تم توظيف هذه القضية بذكاء، كجزء من خط درامي واضح داخل المسلسل، وليس كعنصر دخيل. لذلك، أحيي المخرج محمد ناير على هذا الإنجاز، فالمسلسل يضم فريق عمل متميز، وأيضًا أشيد بمسلسل "ولاد الشمس" ومسلسل "النص" لأحمد أمين، واختياره أن يكون العمل مقتبسًا عن كتاب للباحث والمؤرخ أيمن عثمان، وهو اختيار موفق، و تقديم عمل بهذه الرُقي وهذه التكلفة يُعد تجربة جديرة بالاهتمام".
وواصل عماد يسري:"أحيي الفنان أحمد عبد العزيز، فهو البطل الحقيقي لمسلسل "فهد البطل"، إلى جانب محمود حميدة في مسلسل "ولاد الشمس". كما أحيي الفنانة انتصار، التي ظهرت بشكل مختلف تمامًا في عملين مختلفين وهما مسلسلي"إش إش" و "٨٠ باكو"، وأيضًا الفنانة سلوى عثمان، التي تستحق التحية، فهي ملكة الحزن والبكاء في أعمالها، وتعد من الفنانات القديرات اللاتي نعتز بهن، أما باسم سمرة، فقد أحدث تفاعلًا غير طبيعي مع الجمهور الشعبي في مسلسل "العتاولة"، كما أن ذكاء ريهام حجاج لا يقتصر على كونها فنانة، بل يتجلى أيضًا في كونها منتجة، ومن أصعب الأمور أن يكون المنتج فنانًا، لأن الطموحات الشخصية قد تؤثر على العمل، لكنها بحكمتها منحت الفنانين الشباب مساحة كبيرة في المسلسل، مما جعله أقرب إلى بطولة جماعية، وهو قرار ذكي منها، كما أشيد بذكاء المخرج رؤوف عبد العزيز في مسلسل "أهل الخطايا"، فهو كذلك منتج العمل ومدير التصوير، ورغم ذلك لم يبخل على العمل من الناحية المادية، كما أن السيناريو والحوار والقضايا المطروحة جاءت بشكل مدروس، والمسلسل يعرض فكرة فلسفية بسيطة للمشاهد العادي، حول تأثير استسلام الإنسان لغواية الشيطان، وهو أمر لا يشبه مسلسل "المداح" إطلاقًا".
ويواصل يسري قائلا:"أما النجوم الشباب، فأعتبر طه دسوقي وأحمد مالك اكتشافًا حقيقيًا، وأداؤهما مميز جدًا، وأتمنى أن يشكلا ثنائيًا في السينما، لأنهما يمتلكان مقومات نجوم الشباك، وهو ما نفتقده حاليًا، حيث إن معظم نجوم السينما الحاليين تقدم بهم العمر، أما بالنسبة لمحمد هنيدي في مسلسل "شهادة معامل أطفال"، فلم أشاهده، ولكنني قرأت العديد من التعليقات السلبية عنه.
وأضاف:"أحمد العوضي يتمتع بذكاء مختلف، حيث جمع في مسلسل "فهد البطل" فريق عمل قويًا، مثل محمود البزاوي، ولوسي، وأحمد عبد العزيز، مما أضفى على العمل مزيجًا من الخبرة والأداء المتميز، أما مصطفى شعبان في مسلسل "حكيم باشا"، فقد لاحظتُ اعتراضات من أهل الصعيد على نطق اللهجة، وهذا أمر يستدعي الاستعانة بمصحح لغوي مستقبلاً، حتى لا تتكرر هذه المشكلة، وبالنسبة لعمرو سعد، فإن مسلسل "سيد الناس" أحدث صدى واضحًا بين البسطاء في الشارع المصري، حيث يُشاهد بكثافة في المقاهي، وفي النهاية، العمل الفني يُقدَّم للجمهور، وليس لرواد مواقع التواصل الاجتماعي أو النقاد.
وأختتم عماد يسري:"أما بخصوص الفنانين الصاعدين، فلا يمكن تجاهل أسماء مثل معتز هشام، ومينا أبو دهب في مسلسل "ولاد الشمس"، الذي أبدع رغم كونه من قصار القامة، كما أحيي جميع النجوم الشباب في مسلسل "أثينا"، وأعتبرهم نجوم المستقبل. أما مصطفى غريب، فهو موهبة كوميدية تحتاج إلى الدعم، خاصة أننا في حاجة إلى نجم كوميدي جديد، لأن بعض الموجودين حاليًا أصبحوا خارج نطاق الخدمة، وبعضهم فشل ولكنه لا يدرك ذلك بسبب الغرور".