اعلان

التحديات الاقتصادية في مصر 2024.. التضخم المرتفع وأسعار الفائدة أهم الأسباب

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شهدت مصر في عام 2024 تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة لارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة، مما ألقي بظلاله على البيئة الاستثمارية في البلاد، و في محاولة للحد من التضخم الذي بلغ مستويات غير مسبوقة، اتخذ البنك المركزي المصري سلسلة من الإجراءات النقدية القاسية، والتي شملت رفع أسعار الفائدة بشكل مستمر، مما جعل تكلفة الاقتراض ترتفع بشكل ملحوظ، وهذه الإجراءات أثرت سلبًا على الاستثمارات المحلية والعالمية، في وقت كانت فيه مصر بحاجة ماسة إلى جذب الاستثمارات لدعم نمو الاقتصاد.

معدلات التضخم في 2024

في بداية العام، سجل التضخم العام في مصر معدلًا سنويًا بلغ 29.8% في يناير 2024، مقارنة بـ33.7% في ديسمبر 2023، بينما سجل التضخم الأساسي الذي يحسبه البنك المركزي 29.0% في نفس الشهر، في تراجع طفيف عن المعدل المسجل في ديسمبر، ورغم ذلك، شهدت البلاد تحسنًا ملحوظًا في نوفمبر 2024، حيث انخفض معدل التضخم العام إلى 25.5% نتيجة لانخفاض أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات، في حين ارتفعت أسعار السلع غير الغذائية.

التأثيرات الاقتصادية العالمية والمحلية

تأثرت مصر بعدة عوامل اقتصادية محلية وعالمية، أبرزها التضخم المستورد وصدمات العرض التي تسببت في ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال العام 2021، بالإضافة إلى تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى خروج بعض الاستثمارات الأجنبية، وهذا التضخم الحاد دفع البنك المركزي إلى اتخاذ سياسة نقدية تقييدية من خلال رفع أسعار الفائدة وتوحيد سوق الصرف الأجنبي، في محاولة لتقليص التضخم وحماية الاقتصاد المصري من مزيد من التدهور.

السياسات النقدية ورفع الفائدة

خلال عام 2024، اتخذ البنك المركزي المصري مجموعة من القرارات المالية الهامة لمواجهة التحديات الاقتصادية، والتي شملت سلسلة من رفع أسعار الفائدة، في بداية العام، رفعت أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، لتصل إلى 21.25% على الإيداع و22.25% على الإقراض، وفي مارس، تم رفع الفائدة مرة أخرى بمقدار 600 نقطة أساس إضافية، لتصل إلى 27.25% على الإيداع و28.25% على الإقراض بعد اتفاق مع صندوق النقد الدولي، وتوالت الاجتماعات النقدية بعدها، حيث ثبت البنك المركزي أسعار الفائدة للحفاظ على استقرار السيولة ودعم النمو الاقتصادي، ليختتم العام بتثبيت الفائدة في ديسمبر.

الاستثمارات الأجنبية في مواجهة التضخم

رغم التحديات الاقتصادية، أعلنت الحكومة عن تحقيق صافي تدفقات للاستثمار الأجنبي المباشر بلغ 46.1 مليار دولار في العام المالي 2023-2024، مما يعكس استمرار اهتمام بعض المستثمرين بالسوق المصري، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة جعل الاقتراض لتمويل المشاريع الاستثمارية أكثر تكلفة، مما أثر على الاستثمارات الأجنبية في مصر.

وتراجعت إيرادات قناة السويس إلى 6.6 مليار دولار، ما يعكس تأثير الأزمة الاقتصادية على هذا القطاع الحيوي، و في المقابل، سجلت إيرادات السياحة تحسنًا ملحوظًا، حيث بلغت 14.4 مليار دولار مقارنة بـ 13.6 مليار دولار في العام الماضي، مما يعكس الانتعاش المستمر في القطاع السياحي.

توقعات التضخم المستقبلية

تتوقع الحكومة أن يستمر التضخم في التراجع تدريجيًا ليصل إلى نحو 26% في الربع الرابع من عام 2024، في حين يُتوقع أن يقترب من الأرقام الأحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026، وبالرغم من تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية، فإن التوترات الجيوسياسية والسياسات الحمائية قد تظل تشكل تحديات إضافية في طريق تعافي الاقتصاد المصري.

التحديات المستقبلية

رغم التراجع في معدلات التضخم، فإن المخاطر ما زالت قائمة، حيث يشير الخبراء إلى أن استمرار التوترات الجيوسياسية وزيادة السياسات الحمائية قد يؤثر على استقرار الاقتصاد، كما أن ارتفاع أسعار الفائدة سيستمر في الضغط على تكلفة الاقتراض، مما قد يدفع الشركات إلى تقليص استثماراتها أو تأجيلها، وبالتالي قد يعوق نمو الاقتصاد المصري على المدى القصير.

الاستثمار العربي في مصر: تحديات جديدة

رغم أن الاستثمارات العربية كانت أحد محركات النمو الاقتصادي في السنوات الأخيرة، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة يعد تحديًا كبيرًا لهذه الاستثمارات، فإن التكلفة المرتفعة للتمويل قد تدفع العديد من الشركات إلى إعادة تقييم قراراتها الاستثمارية، ما قد يؤثر على حجم الاستثمارات العربية في مصر.

تأثير التضخم على قرارات المستثمرين

من جهة أخرى، يؤثر التضخم في الفائدة بشكل كبير على قرارات المستثمرين المحليين والدوليين، والشركات أصبحت تجد صعوبة في تحديد الجدوى الاقتصادية لمشروعاتها، الأمر الذي قد يؤدي إلى تأجيل استثمارات جديدة أو تقليص المشروعات القائمة.

آراء الخبراء حول الاقتصاد المصري

وأشار الخبراء إلى أن التضخم في الفائدة يعد من أبرز التحديات التي تواجه الاستثمارات في مصر، حيث أن تكلفة التمويل المرتفعة تؤثر بشكل مباشر على قرارات الاستثمار، كما أن الحكومة بحاجة إلى تحسين البنية التحتية وقطاع الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات، مع التركيز على القطاعات غير التقليدية مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

وحددوا مجموعة من الحلول المقترحة

من أجل تحفيز الاستثمارات في ظل هذه التحديات، اقترح الخبراء عددًا من الحلول مثل:

1. تشجيع القطاعات غير التقليدية: مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.

2. تحفيز الاستثمارات المحلية: بتقديم حوافز ضريبية للشركات المحلية.

3. توفير حوافز خاصة للاستثمارات الأجنبية: من خلال تحسين البنية التحتية وتقليل الروتين الإداري.

4. خفض تكاليف التمويل: عبر تقليل أسعار الفائدة تدريجيًا.

من جانبه قال الدكتور مصطفى عبد اللطيف، خبير اقتصادي ومدير مركز الدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة، أنه من المتوقع أن يتراجع التضخم تدريجيًا في الأشهر المقبلة، ومع ذلك يجب أن نتوخى الحذر من استمرار الأزمات العالمية التي قد تؤثر على الاستثمارات.

وأضاف أن توجيه الأموال نحو قطاعات استراتيجية مثل الصناعة والطاقة المتجددة سيكون أحد الحلول الفعالة لتجاوز هذه الأزمة الاقتصادية.

وقال الدكتور كريم ممدوح، خبير استثماري ورئيس قسم الاقتصاد في إحدى المؤسسات المالية العالمية، أن التضخم المرتفع وأسعار الفائدة العالية يعكسان تحديًا كبيرًا للاستثمارات العربية في مصر، و في الوقت الذي كانت فيه الاستثمارات العربية تشكل محركًا رئيسيًا للاقتصاد المصري، فإن تكلفة التمويل المرتفعة قد تؤدي إلى تراجع الاستثمارات في قطاعات معينة، ورغم ذلك، ما زالت مصر تمتلك فرصًا في قطاعات معينة مثل الطاقة المتجددة، التي يمكن أن تجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والعربية.

وأضاف الدكتور علي خليل، رئيس جمعية الاستثمار في الأسواق الناشئة، أنه في ظل السياسات الحالية، قد يكون من الصعب جذب الاستثمارات الأجنبية على المدى القصير بسبب ارتفاع الفائدة، و من الضروري أن تواصل الحكومة إصلاحاتها الهيكلية، وتعمل على تحسين البيئة التشريعية لجذب الاستثمارات، و قطاعا السياحة والعقارات ما زالا يمثلان فرصًا جاذبة، لكن تأثير التضخم قد يحد من الطموحات في هذه القطاعات.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
بث مباشر مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد (0-0) في الدوري الإنجليزي (لحظة بلحظة) | بداية الشوط الثاني