في إطار جهودها المستمرة لتخفيف أعباء الديون وتعزيز استدامة الاقتصاد الوطني، تتفاوض مصر مع عدة أطراف دولية ومؤسسات مالية حول مبادلة ديونها مقابل استثمارات في مجالات حيوية مثل الطاقة النظيفة والتنمية البشرية، وهذه المباحثات تأتي في وقت حاسم حيث تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيف الضغط على الميزانية العامة من خلال تحويل بعض الديون إلى مشاريع استراتيجية تساهم في النمو الاقتصادي المستدام.
وهذه الخطوة جزء من خطة طويلة الأجل تهدف إلى تحسين الوضع المالي للبلاد، مع التأكيد على نماذج ناجحة مثل صفقة رأس الحكمة مع الإمارات التي أثبتت فاعليتها في تحويل الديون إلى استثمارات كبيرة تعود بالنفع على الاقتصاد المصري.
مبادلة الديون مقابل الأصول والاستثمارات
وقالت مصادر مطلعة، إن مصر بصدد التفاوض مع عدة أطراف ومؤسسات دولية حول مبادلة ديونها مقابل استثمارات في مجالات حيوية مثل الطاقة النظيفة والتنمية البشرية.
وأوضح المصدر في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر' أن هذه المباحثات تأتي في إطار الجهود المستمرة لتخفيف أعباء الديون وتعزيز الاقتصاد الوطني، مشيرًا إلى أن تفاصيل الأطراف المشاركة في المباحثات لم تُكشف بعد.
الصفقة مع الإمارات كنموذج ناجح
وأضاف المصدر أن صفقة رأس الحكمة التي أبرمتها مصر مع الإمارات تُعد واحدة من أفضل النماذج الناجحة لتحويل الديون إلى استثمارات، حيث تم استحواذ القابضة (ADQ) الإماراتية على حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة مقابل استثمارات تصل إلى 24 مليار دولار، بالإضافة إلى تحويل 11 مليار دولار من ودائع الإمارات في البنك المركزي المصري إلى استثمارات في مشاريع رئيسية.
وأكد المصدر أن هذه الصفقة أسهمت بشكل كبير في زيادة احتياطي النقد الأجنبي وتخفيض الدين الخارجي بنحو 3 مليارات دولار، فضلاً عن خفض دين أجهزة الموازنة إلى 89% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد المصدر أن الحكومة المصرية ملتزمة بإطالة عمر الدين القائم والعمل على خفض الدين الخارجي بشكل تدريجي من خلال الانضباط المالي وتوسيع النشاط الاقتصادي.استراتيجية متكاملة لإدارة الديون
وأضاف المصدر أن استراتيجية متكاملة لإدارة الديون حتى عام 2030 ستكون جاهزة للإعلان قريباً، وستساهم هذه الاستراتيجية في تعزيز الاستدامة المالية.
قطاع قناة السويس
أما فيما يخص قناة السويس، فقد أشار المصدر إلى أن التوترات الجيوسياسية كانت لها أثر كبير على حركة الملاحة في القناة، ما أدى إلى تراجع إيرادات القناة في عام 2024.
ومع ذلك، أعرب المصدر عن تفاؤل حذر في عودة حركة الملاحة إلى طبيعتها بشكل تدريجي بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، وهو ما من شأنه خفض تكلفة النقل عالمياً وبالتالي تقليل أسعار السلع والمنتجات.
وقال أحمد كوجك، وزير المالية، إن حركة الملاحة ستعود إلى طبيعتها في قناة بلاده 'بشكل تدريجي لا مباشر' بعد وقف إطلاق النار فى غزة أخيراً، مبدياً تفاؤله بأن تسهم عودة مسار السفن للمرور عبر قناة السويس إلى 'انخفاض كُلفة النقل عالمياً، وبالتبعية تراجع أسعار السلع والمنتجات'.
تخفيف أعباء الدين
وأكد المصدر المطلع أن مصر تسعى بشكل جاد إلى تخفيف أعباء ديونها عبر مباحثات مع أطراف دولية لتحويل جزء من هذه الديون إلى استثمارات استراتيجية، مثل صفقة رأس الحكمة مع الإمارات.
كما أشار إلى أن الحكومة تعمل على استراتيجية مالية متكاملة لتخفيض الدين الخارجي وضمان استدامة الاقتصاد، وسط تحديات تواجه قطاع قناة السويس بسبب التوترات الجيوسياسية.
عوامل تتحكم
في السنوات الأخيرة، واجهت مصر تحديات كبيرة في إدارة ديونها الخارجية والمحلية، التي ارتفعت بشكل ملحوظ نتيجة لعدة عوامل أبرزها الأزمات الاقتصادية العالمية، التوترات الجيوسياسية، وأعباء التمويل الحكومي.
مع تزايد حجم الديون وتراكم التزامات السداد، أصبحت الحكومة المصرية بحاجة ماسة إلى استراتيجيات مبتكرة للتعامل مع هذه المشكلة، دون التأثير الكبير على التنمية الاقتصادية المحلية.
وبدأت مصر في استكشاف خيارات مثل مبادلة الديون مقابل استثمارات، وهو نهج يهدف إلى تحويل جزء من الديون إلى مشاريع تنموية مستدامة في مجالات استراتيجية، مثل الطاقة النظيفة والتنمية البشرية، مما يساهم في تحقيق نمو طويل الأجل وتخفيف العبء المالي.
وتعد الصفقات مع الدول الشقيقة، مثل الصفقة المبرمة مع الإمارات الخاصة بمشروع رأس الحكمة، إحدى أبرز الأمثلة على هذه الاستراتيجية التي شهدت نجاحًا كبيرًا، إضافة إلى ذلك، تدرك الحكومة المصرية أهمية إطالة عمر الدين وخفض الدين الخارجي بشكل تدريجي من خلال الانضباط المالي وزيادة النشاط الاقتصادي المحلي. كما يواكب هذا التوجه تأكيدات على التزام الحكومة بوضع استراتيجية متكاملة لإدارة الديون حتى عام 2030، بهدف تحقيق استقرار مالي وضمان استدامة الاقتصاد المصري.