خلال فترة رئاسة دونالد ترامب (2017-2021)، كانت علاقته بمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) تتسم بالتوتر والضغوط المستمرة. طالب ترامب مرارًا بخفض أسعار النفط عبر زيادة الإنتاج، معتبرًا أن الأسعار المرتفعة تؤثر سلبًا على الاقتصاد الأمريكي. لكن، هل استجابت أوبك لهذه الضغوط؟ وهل كانت قراراتها تتماشى مع المصالح الأمريكية أم أنها اتخذت مسارًا مستقلًا؟
ترامب وأوبك:
صراع على أسعار النفط
منذ وصوله إلى البيت الأبيض، استخدم ترامب منصاته الإعلامية، خاصة "تويتر"، للضغط على أوبك لزيادة الإنتاج وخفض الأسعار. ففي عام 2018، غرد قائلاً:
"نحن نحمي دول الشرق الأوسط، ومع ذلك يواصلون دفع أسعار النفط للأعلى! هذا لن يستمر!"
وجاءت هذه التصريحات وسط ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 80 دولارًا للبرميل، وهو ما اعتبره ترامب عبئًا على المستهلك الأمريكي. لكن أوبك لم تستجب بالشكل الذي أراده، حيث استمرت في سياستها الهادفة إلى تحقيق التوازن في السوق النفطية وفقًا لمصالح أعضائها.
أزمة 2020:
هل خضعت أوبك لضغوط ترامب؟
في أبريل 2020، ومع تفشي جائحة كورونا وانهيار الطلب العالمي على النفط، انهارت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، ووصل سعر خام غرب تكساس الوسيط إلى ما دون الصفر لأول مرة في التاريخ. عندها، مارس ترامب ضغوطًا غير مسبوقة على أوبك وحلفائها (أوبك+) لخفض الإنتاج، بهدف إنقاذ شركات النفط الصخري الأمريكية التي كانت مهددة بالإفلاس.
ونتيجة لهذه الضغوط، توصلت أوبك+ إلى اتفاق تاريخي لخفض الإنتاج بنحو 9.7 مليون برميل يوميًا، وهو أكبر خفض إنتاجي في تاريخ المنظمة. ورغم أن القرار بدا وكأنه استجابة مباشرة لمطالب ترامب، إلا أنه كان مدفوعًا أيضًا برغبة أوبك في استقرار الأسعار ومنع المزيد من الخسائر لدولها الأعضاء.
هل تستجيب أوبك للضغوط الأمريكية؟
على الرغم من تدخلات ترامب العلنية، فإن قرارات أوبك لم تكن دائمًا وفق رغبته. فمع ارتفاع الأسعار مجددًا في 2022، قررت أوبك+ خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا، وهو ما أثار غضب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن. واعتبرت واشنطن أن القرار يخدم روسيا ويضر بالاقتصاد العالمي، بينما بررت أوبك+ قرارها بأنه استباق لتراجع محتمل في الطلب على النفط.
ومن جانبه قال محمد حليوة خبير بترول أن
"أوبك منظمة تعمل وفق مصالح أعضائها، وليست خاضعة لأي دولة بعينها. قراراتها تستند إلى العرض والطلب، وليست استجابة لضغوط سياسية. صحيح أن بعض التحركات قد تبدو وكأنها استجابة لمطالب واشنطن، لكنها في النهاية تأتي في سياق استقرار السوق النفطية."
وأضاف في تصريح خاص لـ أهل مصر ، أنه عندما ضغط ترامب على أوبك في 2020، لم يكن الهدف حماية المستهلك الأمريكي فقط، بل إنقاذ صناعة النفط الصخري الأمريكية التي كانت تواجه خطر الانهيار.
وبالتالي، فإن قرار خفض الإنتاج كان يخدم الجميع، وليس استجابة فقط للضغوط الأمريكية."
وأكد إن أوبك لم تستجب دائمًا لمطالب ترامب، لكن المصالح المشتركة بين الدول المنتجة والمستهلكة دفعتها أحيانًا، لاتخاذ قرارات تبدو كأنها تلبية لرغبات واشنطن. ومع ذلك، ظلت المنظمة تؤكد على استقلالية قراراتها، مستندة إلى توازن السوق النفطية وليس إلى الإملاءات السياسية.