مع اقتراب موعد الاجتماع المقبل للجنة السياسات النقدية، تتزايد الترقبات في الأوساط الاقتصادية والمصرفية حول القرار المنتظر بشأن أسعار الفائدة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها الاقتصاد العالمي والمحلي، وتشكل قرارات الفائدة أحد الأدوات الرئيسية التي يعتمد عليها البنك المركزي في تحقيق الاستقرار النقدي، سواء عبر رفعها لكبح التضخم أو خفضها لتحفيز النمو الاقتصادي، وبين هذين الخيارين، يبقى قرار التثبيت احتمالًا قائمًا عندما تكون الحاجة ملحة لمزيد من التقييم والانتظار قبل أي تحركات جديدة.
خلال الأشهر الماضية، كانت البنوك المركزية حول العالم في حالة ترقب مستمر للتغيرات الاقتصادية، حيث واجهت معدلات التضخم المرتفعة، والتحديات الناتجة عن اضطرابات سلاسل الإمداد، والتغيرات في أسعار الطاقة والسلع الأساسية، ومع بدء بعض الاقتصادات في التراجع عن السياسات النقدية المتشددة، يظل السؤال الأبرز في الأسواق هو: متى سيبدأ البنك المصري المركزي في التحول إلى دورة تخفيض الفائدة؟.
يأتي هذا التساؤل وسط مؤشرات على تباطؤ التضخم بعد موجة صعود غير مسبوقة، مما قد يدفع السلطات النقدية إلى تبني نهج أكثر مرونة خلال الفترة المقبلة، وفي هذا الإطار، تزداد التوقعات بشأن اتجاه البنك المركزي إلى تثبيت الفائدة في اجتماعه القادم، مع احتمالات لخفض تدريجي خلال عام 2025، وهو ما قد يكون له تأثير مباشر على النشاط الاقتصادي والاستثمار في الأسواق المحلية.
قال عمرو عبدالله، الخبير الاقتصادي، إن التوقعات تشير إلى أن لجنة السياسات النقدية ستقرر تثبيت أسعار الفائدة في اجتماعها المرتقب، مشيرًا إلى أن هذا القرار يتماشى مع نهج اللجنة في الاجتماعات السابقة التي ركزت على تحقيق الاستقرار النقدي وسط التحديات الاقتصادية الراهنة.
وأضاف عبدالله في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، أن التخفيض قد يكون واردًا خلال عام 2025، ولكن بشكل تدريجي وليس مفاجئًا، موضحًا أن التوقعات تشير إلى إمكانية خفض الفائدة بما يتراوح بين 2% و3% على مدار العام، وفقًا لمعدلات التضخم ومستجدات المشهد الاقتصادي المحلي والعالمي.
وأشار إلى أن التضخم، رغم ارتفاعه الكبير في السنوات الأخيرة، بات يقترب من نهاية موجة الصعود الأعنف في التاريخ المعاصر، وهو ما يفتح المجال أمام سياسات نقدية أكثر مرونة خلال الفترات المقبلة.
وأوضح أن البنك المركزي يهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي وضمان استقرار الأسعار، مما يجعل أي تحركات في أسعار الفائدة تتم بحذر شديد وبناءً على مؤشرات اقتصادية واضحة.
قالت حنان رمسيس، خبير الاقتصاد وأسواق المال، إن التوقعات تشير إلى أن البنك المركزي المصري سيتجه إلى خفض أسعار الفائدة بمعدلات كبيرة خلال أول اجتماعاته في عام 2025، والمقرر انعقاده في فبراير المقبل، وذلك لدعم النشاط الاقتصادي وتحفيز القطاع الخاص.
وأضافت في تصريحات خاصة لـ'أهل مصر'، أن البنك المركزي قد يخفض أسعار الفائدة بنسب تتراوح بين 2% و4% خلال عام 2025، في خطوة تهدف إلى تخفيف تكلفة الاقتراض وتحفيز الاستثمار، خاصة مع تراجع معدلات التضخم واستقرار الأسواق المالية.
وأوضحت أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى إعادة توزيع الاستثمارات بين القطاعات المختلفة، مع احتمال توجه السيولة نحو الأصول ذات العوائد الأعلى، مما قد يؤثر على حركة الأموال بين البنوك والأسواق المالية.
في ضوء التصريحات والتحليلات الاقتصادية، من المتوقع أن يواصل البنك المركزي مراقبة تطورات التضخم وسلوك الأسواق قبل الإقدام على أي خفض للفائدة، ومن المرجح أن يكون عام 2025 عامًا للانتقال التدريجي من السياسة النقدية المشددة إلى سياسة أكثر تيسيرًا، بما يدعم النشاط الاقتصادي دون الإخلال بالاستقرار النقدي، ويبقى السؤال الأهم هل ستشهد الأشهر الأولى من العام المقبل بداية دورة التيسير النقدي، أم أن البنك المركزي سيُبقي على سياسة التثبيت لفترة أطول حتى التأكد من تراجع الضغوط التضخمية بشكل مستدام؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.
البنوك المركزية
شهدت أسعار الفائدة عالميًا ومحليًا تحولات حادة خلال السنوات الأخيرة، حيث عمدت البنوك المركزية إلى زيادات متتالية لكبح التضخم الذي بلغ مستويات قياسية.
وانتهج البنك المركزي سياسة نقدية متحفظة، حيث رفع الفائدة في عدة مناسبات لمواجهة الضغوط التضخمية، ثم لجأ إلى التثبيت خلال الاجتماعات الأخيرة في إطار مراقبة تأثير قراراته السابقة على الاقتصاد.
ومع اقتراب عام 2025، تتزايد التوقعات بشأن تغير الاتجاه نحو تخفيض الفائدة، لكن ذلك يظل مرهونًا بتطورات التضخم والأوضاع الاقتصادية العالمية.
ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري اجتماعها الأول لعام 2025 يوم الخميس، 20 فبراير، وسط توقعات قوية بأن يشهد الاجتماع قرارًا بتخفيض أسعار الفائدة لدعم النشاط الاقتصادي، ويأتي هذا الاجتماع في ظل تراجع معدلات التضخم واستقرار الأوضاع النقدية، مما يتيح للبنك المركزي مساحة للتحرك نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرًا.
ويتطلع المستثمرون والأسواق المالية إلى قرارات اللجنة، حيث قد يكون هذا الاجتماع نقطة تحول في استراتيجية البنك المركزي خلال العام الجديد، خاصة مع التوجه نحو تحفيز القطاع الخاص وتعزيز النمو الاقتصادي.