في ضربة موجعة لأسواق المال والشركات الطامحة للتوسع، تسبب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخير بفرض رسوم جمركية هي الأعلى منذ قرن، في هزّة قوية أوقفت العديد من صفقات الاكتتاب والاستحواذ حول العالم، وأدخلت الأسواق في حالة من الفوضى والترقب.
ففي الوقت الذي كانت تتأهب فيه شركات كبرى لدخول البورصات أو تنفيذ عمليات استحواذ ضخمة، جاءت الرسوم الجمركية لترسم سيناريو مختلفاً، حيث قررت شركات مثل StubHub Holdings، وKlarna Bank، وMNTN، وAtegrity Specialty Holdings تعليق خطط الطرح العام الأولي، وسط أجواء اقتصادية يصفها مراقبون بـ'المرعبة'.
ضربة للأسواق... وتراجع جماعي
رد فعل الأسواق كان عنيفاً، حيث هبط مؤشر 'ستاندرد أند بورز 500' بنسبة 6%، ما يعكس حجم القلق الذي خيم على وول ستريت.
ويقول جيريمي أبيلسون، مدير المحفظة في شركة 'إيرفينغ إنفستورز': 'الإقدام على الاكتتاب الآن سيكون مقامرة غير مسؤولة'.
وتتوقع مصادر مطلعة أن يتوقف نشاط الطروحات بالكامل لمدة لا تقل عن أسبوعين، إلى حين استقرار الأوضاع، ومع ذلك، تظل هناك آمال بأن تعود هذه الخطط إلى الواجهة فور هدوء العاصفة.
صفقات الاستحواذ... في مهب الريح
لم تكن الطروحات وحدها ضحايا هذه التوترات، بل امتدت التداعيات إلى صفقات الاندماج والاستحواذ، فقد علّقت شركة Saint-Gobain الفرنسية بيع وحدة الزجاج التابعة لها، في صفقة كانت تُقدّر بـ2.8 مليار دولار، كما انسحبت شركة KKR من تحالف لشراء شركة التعبئة الألمانية Gerresheimer، في ضربة أخرى للقطاع.
في قطاع التمويل بالدين، تأجلت عمليات بيع ديون مخصصة لتمويل صفقات كبرى، مثل استحواذ HIG Capital على Converge Technology Solutions، وصفقة ABC Technologies مع TI Fluid Systems.
انتقام تجاري عالمي
رداً على قرارات ترمب، أعلنت الصين فرض رسوم انتقامية شاملة على البضائع الأميركية، إلى جانب قيود على المعادن النادرة، فيما تعهد الاتحاد الأوروبي بخطوات مضادة.
ويبدو أن هذه التطورات نسفت طموحات البنوك الاستثمارية التي كانت تترقب عاماً نشطاً، ودفعت المسؤولين التنفيذيين إلى مراجعة توقعاتهم وخططهم، وسط تزايد الحديث عن تخفيضات محتملة في الوظائف والإيرادات.
انتكاسة بعد انتعاش محدود
الربع الأول من العام كان قد شهد انتعاشاً محدوداً بفضل صفقات ضخمة، مثل استحواذ 'ألفابت' على شركة 'Wiz' بقيمة 32 مليار دولار، وبيع نادي 'بوسطن سيلتكس' مقابل أكثر من 6 مليارات دولار، إلا أن استمرار هذا الزخم أصبح محل شك كبير بعد الرسوم الأخيرة.
مستقبل غير واضح المعالم
الواقع الجديد يفرض على الشركات والمستثمرين معادلة صعبة: إما التريث حتى انجلاء الغبار، أو المجازفة في بيئة لا ترحم.
وفي ظل التصعيد المستمر، قد تتعمق الخسائر أكثر، مهددة بإعادة تشكيل مشهد الأسواق العالمية بالكامل.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
