اعلان

مثلث "الجهل والفقر والمرض" يغزو قرى غرب بورسعيد منذ الستينات.. والأهالي: إهمال المسؤولين حوّل حياتنا إلى جحيم (صور)

محررة "أهل مصر" مع أهالي قرى غرب بورسعيد
محررة "أهل مصر" مع أهالي قرى غرب بورسعيد

يعيش سكان قرى المناصرة والجرابعة والديبة غرب مدينة بورسعيد، حياة غير آدمية فهم خارج حسابات المسؤولين منذ الستينات، حتى تحوّلت حياتهم إلى جحيم نتيجة الإهمال، وكلما قربت عملية انتخابية سواء رئاسية أو برلمانية كلما تجدد لديهم الأمل بأن يلتفت أحد إلى مشكلاتهم وينظر إليهم بعين الرحمة، إلا أنه سرعان ما يزول ذلك الأمل وذلك على مدار طيلة السنوات الماضية ولايزال الحال باقٍ على ما هو عليه.

وعلى الرغم من اختفاء بريق الأمل لديهم في السابق، إلا أن إعلان اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، بتوجيه من الرئيس السيسي بإنشاء مجتمع عمراني جديد بغرب المحافظة، قد أحيا الأمل من جديد في نفوسهم وأصبحوا يحلمون ليل نهار بتلك اللحظة التي يتحقق فيها ذلك الحُلم بتوديع حياتهم تلك الغير آدمية وانجلاء كابوس الإهمال عنهم.

محررة محررة 'أهل مصر' مع أهالي قرى غرب بورسعيد

قرية المناصرة إحدى قرى غرب بورسعيد الثلاثة، بداية من قرية الجرابعة مرورًا والمناصرة وصولًا إلى قرية الديبة، جميعهم 'حالهم واحد' أو كما يردد أهلها دائمًا 'الحال كما هو عليه'، وهي العبارة التي لا تتغير مع مرور السنين، حيث تقوم الثورات ويتغير الحكام والمحافظين والوضع كما هو عليه.

وتقع قرية المناصرة غرب مدينة بورسعيد، وتبعد عنها بحوالي 12 كيلو متر وتبلغ مساحتها الكلية حوالي 75 فدانا يسكنها حوالي 10 آلاف نسمة، فهي قرية صغيرة يعمل أهلها بحرفة الصيد من البحر والبحيرة التي تطل عليهما القرية، فقبل ثورة يناير كان يسكن القرية حوالي 5 آلاف نسمة (السكان الأصليون للقرية)، ولكن بعد بناء 800 وحدة سكنية بها قامت محافظة بورسعيد بتسكين بعض سكان منطقة زرزارة العشوائية في تلك القرية وهنا تزيد المشاكل ويتضاعف الإهمال بتضاعف السكان، فبعد أن كانوا 5 آلاف نسمة مهملين أصبحوا 10 آلاف في طي النسيان، حيث أصبحت المساكن الجديدة عبارة عن أماكن بل بحيرات الصرف الصحي وتعاني من انقطاع المياه بصفة مستمرة وقلة الخدمات والتي تكاد تكون منعدمة.

أما الوحدة الصحية بالقرية فهي تعمل بنظام 'المصالح الحكومية'، تُغلق في تمام الساعة الثانية عشر ظهرًا، يأتي الموظفون ليقوموا بالإمضاء في دفتر الحضور والانصراف فقط، أما الأطباء فهم خارج نطاق الخدمة حيث لا يوجد طبيب للمبيت في الوحدة ولا توجد أدوية لإنقاذ حياة أي فرد في الأدوية المتوفرة عبارة عن مسكنات فقط وإسعافات أولية، ولا يختلف الحال كثيرًا في وحدة الجرابعة الصحية التابعة للتأمين الصحي الشامل حيث لا تفي بالغرض، وذلك بحسب ما رواه الأهالي.

محررة محررة 'أهل مصر' مع أهالي قرى غرب بورسعيد

وفيما يخص مشكلة الصرف الصحي، فقد اعتاد أطفال القرية على مناظر طفح الصرف الصحي بين المنازل حتى اعتبروها مجرد ترعة يلهون ويلعبون فيها وهو ما يُعرضهم للإصابة بالعديد من الأمراض الصدرية، والأخطر من ذلك أن مياه الشرب ملوثة ومختلطة بمياه الصرف الصحي، مما جعل معظم سكان القرية يعانون من أمراض الكبد، أما بخصوص الـ 800 وحدة سكنية التي تم تسكينهم بهم أثناء ثورة يناير فقد أوشكوا على الانهيار لسوء وتدني حالتهم.

ويقول الحاج علي الهندي فويلة، من أبناء قرية المناصرة، إنه على الرغم من إنشاء حي جديد (حي غرب)، إلا أن الحال لم يتبدل في القمامة والصرف الصحي أصبحوا يعيشون بين السكان وكأنهم شئ اعتادوا عليه، وقد أُصيب أطفالهم بالأمراض وكبارهم أُصيبوا بها أيضًا، ببحيرة المنزلة التي اعتادوا على الصيد منها ملوثة بمياه الصرف الصحي والبحر الذي تطل عليه القرية ويصطادون منه أيضًا ملوث بالكيماويات التي تصبّها المصانع الموجودة عليه يوميًا، والكارثة الكبرى التي يعانون منها هي انقطاع مياه الشرب باستمرار وتصل لأيام.

ويؤكد أحمد عبد العزيز فويلة، عمدة القرية، أنهم تعودوا على الإهمال من قِبل المسؤولين بالمحافظة منذ سنوات، مضيفًا أن المدرسة التي تم بناؤها من قِبل إحدى شركات البترول تشمل جميع المراحل التعليمية من حضانة إلى ثانوي عام ولكن كل مدرس يرتكب مصيبة ببورسعيد يُعاقب بالنفي بمدرسة المناصرة، متابعا: 'نجد أولادنا لا يُجيدون القراءة والكتابة نتيجة الإهمال من قِبل المدرسين المنتدبين بالمدرسة، ونحتاج إلى مدارس فنية صناعية وتجارية ويوجد مدرسة قديمة بالقرية فلماذا لا يتم استغلالها وتوفيرها لأبنائنا في المجال التجاري والصناعي؟'.

محررة محررة 'أهل مصر' مع أهالي قرى غرب بورسعيد

ويُعقّب محمد أحمد إبراهيم، يقطن بمساكن زرزارة الموجودة بالقرية، قائلًا: 'إننا نعاني أشد المعاناة من تواجدنا بالقرية فجميع الخدمات الصحية والاجتماعية منعدمة والتعليم سيئ في المدرسة التي إذا فعل مدرس ببورسعيد أي مشكلة يتم معاقبته بنقله لمدرسة المناصرة فجميع التلاميذ يحصلون على الشهادة الإعدادية ولا يُجيدون القراءة والكتابة وبدون مبالغة لا يعرفون كتابة أسمائهم لذا نذهب بأبنائنا يوميًا إلى مدارس بورسعيد مما يكبدنا العديد من المصروفات والجهد والمشاقة ما بين المواصلات'.

وأضاف إبراهيم: 'الوحدات السكنية التي حصلنا عليها منذ سنوات ليست بعيده حيث أوشكت على الانهيار فوق رؤوسنا فقد امتصت مياه الصرف الصحي، وأصبحت تمثل خطرًا كبيرًا على حياتنا حيث العشة الصفيح أو الخشب التي كنا نسكن بها في بورسعيد أفضل من العمارة'، مضيفًا أن قرار الرئيس السيسي بتطوير المنطقة أعاد إليهم الأمل من جديد بأنهم سوف يعيشون حياة آدمية.

أما الحاجة رقية أحمد محمد الهندي، تبلغ من العمر 63 عامًا، فهي تصرخ من تكبّد العناء يوميًا في الذهاب إلى مستشفيات بورسعيد نتيجة لإغلاق الوحدة الصحية بعد فترة الظهيرة ودائمًا لا يتواجد بها أطباء ولا يوجد طبيب للمبيت داخل الوحدة ليقوم بإسعاف المرضى في بعض حالات غيبوبة مرضى السكر أو حتى حالات البرد وهذا أضعف الإيمان، وفقًا لحديثها.

وأضافت أن المسافة كبيرة عند الذهاب إلى بورسعيد ويكون المريض معرّضًا خلالها للموت في أي لحظة حتى الأدوية الموجودة إسعافية فقط، وعندما يذهبون إلى الوحدة الصحية بالجرابعة التي تتبع التأمين الصحي الشامل يتم تحويلهم إلى مستشفيات بورسعيد، متابعة: 'طيب إيه الجديد في وحدة التأمين الصحي الشامل؟ ننتظر تنفيذ قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير قرى الغرب وإنشاء مجتمع عمراني جديد بها وأكيد القرار ده هينصفنا'.

وكان اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، أعلن أن الرئيس السيسي وجه بإنشاء مجتمع عمراني جديد لسكان قرى غرب بورسعيد 'الجرابعة والمناصرة والديبة'، وذلك بديلًا للمساكن العشوائية، التي يعيشون فيها وفق نظام 'وضع اليد'.

وأشار محافظ بورسعيد، إلى أن منطقة غرب بورسعيد تشهد مشروعات عملاقة مثل حقل ظهر للغاز، ومشروعات السياحة التي تتم في غرب المدينة وتطل على شاطئ بورسعيد بمنطقة الديبة، مؤكدًا أن المنطقة ستشهد تحول كبير، وسيتم إنشاء مجتمع عمراني على أعلى مستوى كبديل لسكان المناطق، حتى تحتل منطقة غرب بورسعيد مكانتها.

WhatsApp
Telegram