فى الاتجاه المؤدي لمستشفى الكرنك الدولي، تحديدا خلف طريق الكباش، وسط مدينة الأقصر، عندما تسير بالشوارع قاصدا كورنيش النيل أو مبنى المستشفى، تسمع صوتا عذبا يتلوا ايات من القرآن الكريم، بالقرب من نافورة المياه على يسارك، وحينما تبحث عن مصدر الصوت تجده شيخا سبعينيا، يجلس على الأرض وحوله، بضاعته التي هي عبارة عن مأكولات، وتسالي _شيبسي وكاراتيه وغيره_ لبيعها للمارة، ممسكا بيده كتاب الله ومدققا نظره بالمصحف ويقرأ ما تيسر من القرآن بتمعن ودقة عالية.
المسن يداوم على تلاوة القرآن بالشوارع
وحينما شاهدت ذلك مراسلة ' أهل مصر' توجهت على الفور إلى هذا المسن من أجل عمل حوار صحفي معه عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك' والذي روي إليها سر تلاوته القرآن بالشوارع، والمعاناة التي مر بها حتى استطاع حفظ كتاب الله كاملا، بعد وصوله الأربعين عاما، وسبب تركه كل ملاهي وملذات الدنيا، وتمسكه بالتلاوة والحفظ فقط، وعدد الساعات اليومية التي يقوم بتخصيصها للقرآن.
التلاوة بدقة فى الشوارع
ويقول المسن ' محمد' والذي يبلغ من العمر 70 عاما، ويعمل بائع متجول بأحد شوارع الأقصر لـ ' أهل مصر': أنني فى الحقيقة راجل أمي، لا أجيد القراءة ولاالكتابة، ولم احصل على أى شهادات تعليمية ولكنني فى العقد الرابع من عمري، حينما كنت اسمع الصغار والكبار يتلون القرآن أمام ناظري، فى منطقتي التي اقطن بها فى المنشية وسط مدينة الأقصر، احزن حزناً شديداً لعدم مقدرتي على التلاوة مثلهم؛ الأمر الذي دفعني إلى التعليم والحصول على شهادة محو الاميه في الكبر، حتى أستطيع تحقيق امنيتي فى حفظ القرآن وتلاوته.
التمعن فى التلاوة
وأضاف أنه فى ذلك الوقت حينما بحث عن طريقة ميسرة يستطيع من خلالها حفظ كتاب الله، علم ببيع شرائط تسجيل لتعليم القران الكريم، للشيخ أحمد عامر، فبادر على الفور بشرائها، ثم وضعها داخل المسجل، وتشغيله يوميا، بعد عودته من عمله، لحفظ عدد من الآيات القرآنية، مشيرا إلى أنه كان فى ذاك الوقت يعمل صباحا فى أحد الفنادق بالأقصر، ومساءا يعمل بائع كبدة، مما جعله ذلك يتعلم القرآن الكريم بعد عودته لمنزله من المسجل الذي يجلس بجواره حتى يغلب عليه نومه ويجد نفسه نائما على المسجل فى الصباح الباكر.
وأشار إلى أنه بعد الأربعين من عمره حفظ القرآن الكريم، ولكنه لم يكن يستطيع التفرقة بين حركات تشكيل الكلمة فى القرآن؛ الأمر الذي جعله يستعين بمشايخ صلاح الدين، وهم كلا من؛ الشيخ مهدي، والشيخ أحمد عبد اللطيف، حتى يستطيع حفظ القرآن بدقة عالية، وذهب إليهم وبالفعل قاموا بتعليمه وتحبيبه أكثر فى كتاب الله، حتى أصبح يتلوا آيات القرآن الكريم طول يومه سواء كان بمنزله أو فى عمله، وتطور حبه القرآن حتى صار صديقه الوحيد الذي لا يستطيع الابتعاد عنه ابدا.
ضربه لنفسه بالقلم حال خطأه
واستكمل حديثه قائلاً:' لما كنت اغلط فى كلمة أو آية قرآنية كنت اضرب نفسي بالقلم' علشان غلطت، والقرآن دلوقتي أصبح صديقي الوحيد الحنون لقلبي والمقرب لروحي، وحبيبي الذي لا استطيع الابتعاد عنه'، لافتا إلى أن سبب تلاوته القرآن بالشوارع بعد العقد السابع من عمره هو حبه الكبير القرآن، والطمأنينة وراحة البال التي يشعر بها حينما يدوام على التلاوة، أثناء بيعه التسالي بالشوارع للمارة.
وأكد العجوز على أنه يتلوا ايات القرآن الكريم منذ طلع الفجر وحتى صلاة العشاء، يوميا، مشيرا إلى أنه طوال جلوسه بالشارع للبيع يجلس على الأرض ويمسك مصحفه بيده اليمنى، ويتلو ثم يقف عن القراءة لبيع أحد الزبائن أو الصلاة، ثم يعود مرة أخرى لتلاوته بدقة عالية، مختتما حديثه بتوجيه نصيحة للشباب والتلاميذ بتعليم القرآن الكريم وحفظه وتلاوته باستمرار، لكونه الشيء الوحيد المريح للقلب ويشفع لصديقه يوم القيامة.
المسن
البائع المتجول يقرأ القرآن بالشوارع