اشتهرت مدينة فوه بمحافظة كفر الشيخ على مر عقود بصناعة الكليم والجوبلان، تلك المهنة التراثية التي توارثتها المئات من الأسر بالمدينة، إذ تُعرف المنتجات التي غزلتها أيادي أبناء فوه بالدقة، والجودة العالية.
ورغم الشهرة الكبيرة التي تحظى بها منتجات مدينة فوه التراثية، إلا أن هذه المهنة تواجه شبح الانقراض مؤخرًا؛ بسبب العديد من التحديات أبرزها الارتفاع الكبير في سعر الخامات، وضعف التسويق للمنتجات، وغير ذلك.
صنَّاع الكليم والجوبلان بفوه
ويرصد 'أهل مصر' في هذا التقرير المشاكل التي تواجه صناعة الكليم والجوبلان بمدينة فوه حاليًا، وأسبابها، والحلول المقترحة لحمايتها من الاندثار.
صنَّاع الكليم والجوبلان بفوه
قال أحمد إسماعيل، صنايعي كليم بمدينة فوه، أنه يعمل في هذا المجال منذ 45 سنة، حيث ورث المجال عن أسرته، مشيرًا إلى أن الصنايعي يعاني من ظلم في هذه المهنة؛ لتدني العائد اليومي بها والذي يتراوح ما بين 100 و120 جنيه.
صنَّاع الكليم والجوبلان بفوه
ويتابع: كلما كبر عمر الصنايعي، قلت إنتاجيته، وبالتالي تقل يوميته، وأعلى يومية للصنايعي 300 جنيه، والمهنة أصبحت مقتصرة حاليًا على كبار السن، وقبل سنوات كان عدد العاملين بالمهنة أكثر من الآن.
صنَّاع الكليم والجوبلان بفوه
ويكمل: المهنة تواجه تحديات كثيرة الآن بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الخامات الذي أدى إلى ارتفاع سعر المنتج، وبالتالي أدى إلى ضعف الإقبال على الشراء، موضحًا أنهم يضطرون إلى زيادة سعر المنتج لتغطية تكاليف الإنتاج.
وأردف: لكي تستمر هذه المهنة لابد أن يكون هناك ثبات في سعر الخامة، وفتح معارض وجمعيات تابعة للدولة لتسويق هذه المنتجات، وأتمنى ألا تنقرض هذه المهنة التي ورثناها عن أجدادنا.
ويقول محمد مصطفى، صنايعي كليم بمدينة فوه أنه ورث هذه المهنة عن أسرته منذ صغره، وأنه يحبها كثيرًا ولم يعمل بأي مهنة أخرى غيرها، وأوضح أن هذه المهنة تواجه تحديات كثيرة مؤخرًا؛ بسبب ارتفاع سعر الخامات بشكل مبالغ فيه الأمر الذي يمثل مشكلة بالنسبة لصاحب المحل، كما أن عمولة الصنايعي لم تزداد بالقدر الذي يتناسب مع هذه الزيادة التي حدثت في سعر الخامات.
ويكمل: صاحب المحل يجد نفسه مضطرًا إلى زيادة عمولة الصنايعي بعض الشيء لاحتياجه له، ولكن في الوقت ذاته لا يجد الصنايعي هذه الزيادة كافية؛ لأنها لا تتناسب مع ظروف المعيشة حاليًا، كما أن سعر الخامات مرتفع، وهذه المشاكل قد تدفع صاحب المحل إلى ترك المهنة؛ لأنه غير قادر على تغطية التكاليف التي ينفقها.
ويتابع: التاجر لا يحقق حاليًا ربح مثل ذي قبل، ولقد كان لدي محل قبل ذلك ولكنني لم أستطع مواكبة الأمر، فقمت ببيع الآلات، وقررت أن أعمل عند آخرين؛ لأنني سأكون صنايعي لدي عمل ثابت.
واستطرد: السجاد أثر على مهنتنا بصورة كبيرة، وهو منافس قوي للكليم والجوبلان؛ لأن سعر خاماته أقل بكثير، مما يجعل الإقبال على شرائه أكثر، فتكلفة إنتاج متر الجوبلان 500 (200 جنيه مصنعية، و300 جنيه خامات)، ولابد أن يكون هناك أكثر من جمعية لتسويق المنتجات.
وقال صاحب ورشة لصناعة الكليم والجوبلان بمدينة فوه، أن المهنة كان وضعها أفضل قبل ذلك، وكان يتم تصدير المنتجات بصورة أكبر، وأنا أعمل في ورشتي؛ لأن الشباب لا يريدون العمل في المهنة حاليًا بسبب تدني المقابل المادي بها.
ويكمل: أنا كصاحب ورشة لا أحقق ربحًا، ولكنني أعمل بها حتى لا أشعر بالتعب الجسدي إذا مكثت دون عمل، ويضيف بالقول: فوه كانت مشهورة قبل ذلك بصناعة الكليم والجوبلان، ولكن ظهور مصانع السجاد آثرت على عملنا بصورة كبيرة، إذ تنتج هذه المصانع كميات كبيرة في وقت قياسي، وبسعر أقل.
واستطرد: عدد العاملين بهذه المهنة كان أكثر قبل ذلك، أما الآن فأصبحت المهنة مقتصرة على كبار السن فقط، إذ أن أصغر العاملين بها حاليًا يتخطى عمره ال60 سنة، والمهنة تنقرض حاليًا بسبب ذلك؛ لأن بقائها مرتبط بالعاملين بها.
ويقول: أعتقد أنه سيأتي اليوم الذي تنتهي فيه هذه المهنة من مدينة فوه؛ لاقتصارها على كبار السن في الوقت الحالي، وعزوف الشباب عن العمل بها، وأنا لم أسمح لابني بالعمل بها؛ لأن العائد المادي بها لا يكفي متطلبات الحياة.