اعلان

الذين يقتلون الإنسانية

عبد المنعم عاشور
عبد المنعم عاشور

جريمة جديدة تدمع لها ويحزن عليها القلب، إذ فُجع المصريون بخبر قتل شاب لفتاة بالزقازيق على غرار ما حدث للطالبة نيرة أشرف، نفس السيناريو، ونفس التفاصيل، ونفس الفئة العمرية للقاتل والمقتولة، ما يجعلنا في حاجة لتحليل نفس عاجل لما يحدث بين أوساط الشباب وما الذى أوصلهم إلى هذه المرحلة التى صارت أشبه بغابة كبيرة نعيش فيها، وهنا أقولها صريحة وأتساءل: ماذا حدث لنفسية الشباب؟

حال الشباب صار عجيبا ومريبا، ليس هناك "كتالوج" معين لفهم ما يدور في خواطرهم وعقولهم، السيء دائما عندهم يطغى على السطح ويطفو الجيد، من قاتل نيرة لقاتل سلمى يا قلبي لا تحزن، وأظن أن هذه الحادث لن يكون الأخير، فالبعض يظن أن "من الحب ما قتل"، يفهمون الحب خطئا ويبررون به جرائمهم الشنيعة ونسوا قول الحق سبحانه "أن من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"، هؤلاء الذين يقتلون الإنسانية ويقضون عليها بقتلهم الأبرياء، ليس هناك مبرر لقتل إنسان مهما بلغت درجة اختلافك معه، لكن للأسف صرنا فى عالم لا نعرف فيه الصالح من الطالح، تجد من يتعاطف مع القاتل على مواقع التواصل الاجتماعى فيبيع الوهم أن القاتل ربما يكون له دوافعه فلا تظلموه، وأن المقتول "نيرة وسلمى" لهما يد فى ذلك.

للأسف بعض هذه التعليقات على جرائم القتل التى حدثت تقودنا بالضرورة إلى جرائم أكبر ومسلسل من الدم لا ينتهى، وبدلا من أن نضع حدا لمثل هذه الجرائم والبحث عن حلول تسهم في القضاء عليها، أصبحنا بارعين في تبرير الجريمة ومناصرة القتلة بمبررات واهية أبعد ما تكون عن المنطق والعقل.

يا سادة الأمر يحتاج تدخلا عاجلا لكل مؤسسات الدولة الوطنية (إعلام وعلماء دين وقضاء) وغير ذلك للتوعية بخطر مثل هذه الجرائم، هناك فيروس يتسلل إلى المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التى أصبحت تشكل عقلا جمعيا وأصبحت تقود الناس إلى الهاوية، بدلا من أن نفكر فى تبرير الأحداث يجب علينا أن نفكر فى كيفية معالجتها، والوصول إلى الشباب وعقلهم بشتى الطرق سواء من الإعلام أو المؤسسات الدينية التى عليها دور في كبير في توعية الشباب ومحاورتهم بالحسنى والقرب منهم، لا تتركوهم لعقلهم فيضلوا ويهدمون مجتمعا مصريا كانت أهم سماته "الأخلاق".

كذلك يجب تحليل الظاهرة بواسطة أطباء وخبراء نفسيين واستضافة هؤلاء إعلاميا وإعطائهم الفرصة لأن يشرحوا للناس ما يحدث في المجتمع ويقدمون حلولا للشباب الذى صار أسهل شيء عنده القتل، تكاتف المؤسسات الوطنية أصبح ضروريا للحفاظ على الشباب الذين هم عماد الوطن ومستقبله، الأمر أكبر من إعدام القتل ومحاسبته قانونيا، المشكلة فى عقل جمعى يتشكل وفكر جديد بدأ ينشأ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومن ثم يصبح علينا جميعا مسؤولية كبيرة فى الحفاظ على تماسك المجتمع وقوامه من خلال hgاقتراب من الشباب دينيا واجتماعيا وتوعيتهم بمخاطر هذا النهج الذي لم نكن نسمع عنه إلا في هذه الأيام.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً