اعلان

جهاد الفرجاني تكتب.. كيف نصبح على أعتاب الثلاثين

جهاد الفرجاني
جهاد الفرجاني
كتب : أهل مصر

وأنا على أعتاب سن الثلاثين ينتابني شعور مختلف، مزيج من الثقة والخوف معًا ‏فقد أصبحت أثق بنفسي أكثر من ذي قبل ولكنني خائفة الآن من الفشل أكثر أيضًا. ‏حيث هنا لا مجال للتجربة هنا إما أن تكون أو لا تكون والآن أنت المسؤول وحدك فقط يقول شمس التبريزي

“ يجب عليك أن تفهم أن هذا السن مجرد رقم لا يشكل حقيقتك أبداً ربما تكون طفلاً بسن ‏الستين أو شيخاً بسن العشرين ”‏

كيف كنت ‏أرى أصحاب الثلاثين من العمر وأنا بعمر المدرسة؟؟. ‏

عندما كنت ‏بعمري المدرسة كنت أنظر إلى هؤلاء الكبار أصحاب العمر الثلاثيني على أنهم أشخاص اكتملت وجهاتهم أو أنهم أناس غامضون لا أستطيع أن أقرأ ما يدور بعقولهم وكيف يستطيعون التحكم بحركاتهم وقراراتهم ‏وكنت أشعر أنهم قادرون على قراءة من هم بنفس عمري بكل سهولة الآن أقول لنفسي إنهم ليسوا كبار بالمعنى الذي كنت أقصده وأن هناك الكثير منهم مازالوا في مرحلة ‏البحث عن ذاتهم ووجهاتهم منهم من تعثر طريقه ومنهم لا يعرف أين يتجه من الأساس ‏

أشياء مازلت أخشاها

على الرغم من إنني على مشارف لقب المرأة الثلاثينية إلا أنني مازلت اخشي الأشياء عينها مازلت أفزع من الفراق والموت وحتي الآن لا أستطيع الاعتناء ب حيوان أليف في منزلي ما زلت اخشي الهزيمة أو أن أغلب ‏أخشي الصمت ولا أحب الصامتين الذين لا يستطيعون التعبير عن آرائهم ومشاعرهم تجاه الأشخاص أو الأشياء ربما كبرت لكنني أكثر احتياج لوالداي من ذي قبل ‏مازلت أرهب طهو وجبة طعام جديدة أو مختلفة خشية أن أفشل فأنا لا أحب الفشل ولا أحب الاقتراب منه على الرغم من إنني شخص يحب المغامرة فلنقول إنني أخشى النقد والناقدين الهدامين ‏الذين لا يكترثون ‏بوقع كلماتهم علينا. ‏

ما بين سن العشرين والثلاثين عشرة أيام فقط.

نعم منذ أن احتفلت بيوم مولدي العشرين وأنا أرى الوقت يمر أسرع والأحداث تتوالى وتكثر ‏مازلت أتذكر أول يوم لي في الجامعة وكيف مرت سنوات الجامعة كأنها أيام ما زلت أتذكر أول عمل اقتضيت منه راتبي الأول وأول يوم قابلت فيه زوجي وأول نبضة قلب تجاهه كأنها كانت بالأمس لا أعلم ماذا يصيب الوقت بعد أن نمر ‏بعامنا العشرين يصبح كأنه قطار ‏‏ينزلق من فوق جبل عال فتزداد سرعته وقوة جذبه للأحداث. ‏ لازلت أتذكر هذا اليوم ‏حين انتهيت من اللعب ووضعت العابي في سلة الألعاب وذهبت إلى وسادتي الوردية كي أغمض عيني وتمنيت من الله أن أكبر سريعا لأرتدي هذه النعال العالية وفساتين الكبار وأضع المساحيق على وجهي ثم غفوت لاستيقظ بعدها وأبحث عن سلة العابي ولم أجدها ،لكنني وجدت طفلين يلعبان في جهاز الكتروني وينظران إلى ويصيحان "ماما ماما" علمت حينها أنني كبرت كبرت كثيرًا ، وليت كل الأماني تحققت سريعًا كأمنية أن نكبر ونحن صغار.

لا خريف للعمر ولا سن لليأس

الخريف في القلب واليأس في الروح فقط. لا أكترث أبدا لتلك التجاعيد التي تُرسم على جبيني وهذه الهالات الموجودة تحت عيناي الخضراوين لم يخلقني الله لأحارب طبيعتي الفسيولوجية أو أحزن حين أري عوامل الوقت تترك علاماتها علي. خلقني لأسعى وتتشقق قدماي من السعي لأتألم وأبكي وتكون عندي هالات سوداء جديدة تبرز جمال عيناي أكثر ‏وتارة أخرى اضحك ‏كثيرا حتى يكاد قلبي يتوقف فيتشكل قوسين حول شفتاي يحفظان بداخلهما ذكري تلك السعادة. ‏وجسمي يتمدد وينكمش أكثر من مرة حتى يجدد الله الحياة من خلالي ويأتي للدنيا بعباد يكملون مسيرة التعمير والسعي. ‏كل تلك التجاعيد جعلت مني شخصا أكثر حكمة وأكثر صلابة وأن تسألني عن عمري لا أغضب ولا أتزمر فأنا لا أخاف من البوح بعمري قد يقارب الأربعين أو حتى الستين بينما نافذتي مشرعة نحو الشمس كل يوم وفي قلبي زهرة تتفتح كل إشراقة صباح لن تخدعني تلك الأرقام وتحدد لي متى أكبر ومتى أشيخ فليس للحياة صلاحية طالما نحن نتنفس و القلب ينبض. الأعمار في أرواحنا حيث لا يأس ولا ورق أصفر‏ بل ربيع يتدفق.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً