اعلان

زين ربيع شحاتة يكتب: جيل يبنى و جيل يجنى

زين ربيع شحاتة باحث دكتوراة فى العلوم السياسية و الإستراتيجية
زين ربيع شحاتة باحث دكتوراة فى العلوم السياسية و الإستراتيجية

يقصد بالأزمة الاقتصادية وجود فجوة ما بين الموارد و المطلوب لسد الحاجة، و الأزمة الاقتصادية تتعرض لها المجتمعات بداية من الأسرة النواة الأولى للمجتمع مروراً ببعض قطاعات المجتمع و صولاً إلى الدول، و تفرض الأزمات الاقتصادية دائماً إجراءات تلقائية تستهدف الحفاظ على الكيان و إستعادة الاستقرار الذى يتناسب فيه حجم الدخل مع حجم الإنفاق بقدر الإمكان، و الأسرة التى تخطط للخروج من أزماتها الإقتصادية بصورة تضمن عدم تكرار الأزمة فى المدى المنظور نتيجة حادث عابر هى الأسر التى تصمد فى وجه التحديات و تضمن استمرار هذا الإستقرار لأجيال قادمة، و لنا فى قصة سيدنا يوسف عليه السلام أسوة حسنة، حيث نجد فيها أول دعوة للإدخار، و كيف تم إستجلاب المستقبل و تعديله مرة أخرى؟، حيث تأكد حدوث جفاف و مجاعة فى المستقبل، و حدث الجفاف و لم تحدث المجاعة بفضل التخطيط الجيد و حسن إدراة الموارد، و عندما تولى نبى الله تقديم فكره الإقتصادى للحاكم و المحكومين ذكر سنوات الضغط و التحمل، ثم ذكر العام الذى يليها الذى سيفيض فيها الخير عن حاجة الناس و لدرجة عصير الفائض عن حاجتهم و ليس الإغاثة فقط، فذكر الأمل بداية وقت شرح الإجراءات التقشفية ساهم فى نجاح التخطيط.

وبتطبيق ذلك على الأسرة التى تتعرض لأزمة اقتصادية و يتولى المسؤول عنها مسئولية التخطيط و التنفيذ تنجو عكس الأسر التى تجنح للمشكلة و تكتفى بالشكوى و البحث عن الحلول المؤقتة التى تمنح الأزمة الإقتصادية عدة أروح فتموت ثم تتجدد، و بعض الأسر يتجاهل راعيها هذه الأزمات و يترك أسرته تعانى تداعيات هذه الأزمة لسنوات و أجيال قادمة يورثها الفقر و الأزمات.

و بالرجوع إلى الحالة المرضية التى أصابت مصر فى يناير 2011، نتيجة فيرس ما يسمى بالربيع العربى سنجد أن بعض من فى الخارج تطلعوا إلى وراثة دورها الإقليميى، و سعى بعض من فى الداخل إلى نهش أحشائها، وهنا لا إستهدف الإرتكان إلى نظرية المؤامرة أو دعـــم نظرية التفسير التأمرى للتاريخ، حتى لا نعطى إنطباعاً للاستسلام و تبرير كل ما جرى بعد يناير أنه نتيجة مؤامرة، وما يزعج الخبراء هو رؤية الأخرين يتحركون إلى الأمام و نحن فى مصر منشغلون بالتنبيش فى الماضى و توزيع الإدانات و نشر الإتهامات و ترديد الإشاعات بينما العمل و الإنتاج أصبح مسئلة هامشية يتشدق بها النخب الإعلامية و السياسية و لا يهتم بها الشعب المصرى، بالرغم من أن الإنتاج هو الحل الأوحد للخروج من عنق الزجاجة التى حشرنا فيها ماضى مؤلم بكل مراحله و عهوده، فالإنتاج يجب أن يكون مشروع الشعب القومى.

وبالنظر إلى المثل الشعبى ( أحيينى اليوم، وأمتنى غداً ) و الذى للأسف يحتل مساحة كبيرة فى وجدان الكثير من فئات الشعب المصرى، سنجد أن مثل هذه القناعات فى ظل الاحتياجات المتزايدة و أنماط الحياة العصرية و بدائل متطلباتها الترفيهية و التى لم تكن موجودة من قبل، قد تكون سبباً فى تكاسل العديد من قطاعات الشعب المصرى و دعم النظرية التشاؤمية و النبؤة السوداء التى تغذيها الآلة الإعلامية للمعارضة الكارهة و الحاقدة داخل و خارج مصر و التى تستهدف من خلالها حبس المواطن داخل سجن الإحباط الذى يعزى تكاسله عن العمل و يحول بينه و بين الإعتراف بالإنجازات التى تحيط به، و تجعله يؤمن بأنه لا فائدة من أى تحرك نحو بناء المستقبل، بالرغم من أن التاريخ الإنسانى يؤكد بما لا يدع مجال للشك أن الدول تبنى قواعد مجدها و دعائم وجودها على سواعد أبناؤها و لنا فى اليابان و ألمانيا تجربة واضحة الملامح، بعيداً عن سوريا و العراق التى تمثل التجربة البديلة.

عليه نرى أننا فى أمس الحاجة إلى حراك أو حملة شعبية بدعم وطنى لإستنهاض همم الشعب المصرى و حشد طاقته و قوته نحو دعم الإصلاح الإقتصادى بالإنتاج و تشجيع المنتج المصرى وتبنى تقشف طوعى و ذاتى يحتوى التضخم الذى لا تحتوية رفع أسعار فائدة البنوك، و تحمل هذه الحملة عنوان " جيل يبنى ... و جيل يجنى"، لأنه عندما يكون الوطن و مستقبله هو الهدف فأن الشعب هو الوسية.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً