استيقظت بيروت أمس على 'فاجعة' تقشعر لها الأبدان، حيث أنفجر 2750 طنا من نترات الأمونيوم شديدة الاشتعال موجودة منذ 6 سنوات في مستودع من دون إجراءات وقائية، أسفر عن ذلك مقتل نحو 100 شخص وإصابة 400 آلاف أخريين وسط أزمة تكدس الجثث والمصابين في مستشفيات بيروت المهترئة بسبب الفساد وانهيار الاقتصاد اللبناني الذي وصل إلى مرحلة الإفلاس في الآونة الأخيرة، وبالعودة إلى حادث بيروت اليوم تشير أصابع الاتهام إلى العديد من الجهات التي سيتم تنفنيدها في التقرير التالي محاولة منا لمعرفة من وراء تلك الكارثة التي وصفها أكثر من مسؤول في لبنان بأنها تشبه 'قنبلة هيروشيما' اليابانية.
ولكن من هم المتورطون في تفجيرات لبنان، بعض المصادر الأجنبية تشير باصابع الاتهام إلى إسرائيل، وأخرى إلى حزب الله نفسه والذي كان يسيطر على المرفأ المتفجر، واخرى تشير إلى فصيل فلسطيني نافذ على علاقة غير طيبة بحزب الكتائب الذي توفى أحد قادته في تفجيرات مرفأ بيروت، ولكن من المتورط الحقيقي في حادث بيروت اليوم؟
حادث بيروت اليوم.. هل فجرت إسرائيل "شحنة الموت"
قال موقع 'روتير' الفرنسي أن وجود أسلحة لحزب الله وتفجيرها من جانب إسرائيل سواء من خلال عبوة ناسفة أو طائرة مسيرة، وادراً خاصة بعد وصول معلومات لإسرائيل عن شحنة 'نترات أمونيوم' وصلت إلى مستودعات المرفأ في العاصمة اللبنانية على متن سفينة تدعى 'Rhosus'، كانت تحمل علم مولدافا، وعلى متنها 2759 طناً من نترات الأمونيوم.
وتفيد المعلومات بأن السفينة 'Rhosus' انطلقت في 23 سبتمبر 2013، من ميناء باتومي في جورجيا، متوجهة بالشحنة إلى موزمبيق، ووصلت إلى مرفأً بيروت، حيث خضعت لفحص فني من قبل سلطات المرفأ، وقيل أن الخبراء اكتشفوا عيوباً كبيرة بالسفينة وقرروا منعها من مواصلة رحلتها.
كما قيل بأن معظم طاقم سفينة الشحن عادوا إلى بلداتهم وأجبر القبطان و3 من أفراد الطاقم على البقاء على متنها، فيما لم يتسن حل مشكلة السفينة بعد حيث فشلت جميع محاولات الاتصال بمالكها، مع منع لوائح الهجرة التي زادت الأمر تعقيداً، بمنعها أفراد طاقم السفينة من الدخول للبلاد.
بعدها، استمر صمت مالك السفينة، وتركت الشحنة شديدة الانفجار في مرفأ بيروت،وعند معرفة إسرائيل ذلك الأمر طلبت من السلطات اللبنانية عرض الشحنة في مزاد علني للتخلص منها أو تسليمها لهم في 2014، ولكن الأمور لم تتخذ هذا المنحى خاصة بعد سيطرة حزب الله على مرفأ بيروت الذي احتوى على الشحنة، وقد هدد مراراً تكراراً رئيس حزب الله حسن نصرالله بصنع قنبلة نووية من تلك الشحنة ووضعها في عقر دار إسرائيل.
واضافت الصحيفة أن الأمر يمكن أن يكون صحيحاً أو لا صحيح بسبب الأزمات التي تمر بها إسرائيل من مظاهرات تخرج يومياً للمطالبة برحيل حكومة رئيس الوزراء 'بنيامين نتنياهو' لاتهامه بالكثير من القضايا الفساد لذا يمكن لإسرائيل أن تصرف النظر عن تلك الأزمات في الداخل لانشغال المواطنين والعالم بما حدث في لبنان ورأي آخر يقول أن دولة الأحتلال بها ما يكفيها من أزمات لتفتح جبهة أزمة جديدة.
وكان 'أفيخاي أدرعي'الناطق باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي قد اعاد نشر تغريدة قديمة له عن تلميح سابق باستهداف مرفأ بيروت بجانب عدد من المناطق الأخرى، بحجة أنه يستخدم كمحور نقل بحري للأسلحة من إيران إلى حزب الله.
وكتب 'أفيخاي'، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على 'تويتر'، تعود إلى 23 يوليو من العام الماضي: 'المعابر على حدود سوريا ولبنان تستخدم لنقل الأسلحة الإيرانية، مرفأ بيروت يستخدم كمحور نقل بحري للأسلحة من إيران إلى حزب الله'.
افخاي ادرعي
وأضاف: 'مطار بيروت الدولي يستخدم كمسار جوي وإلى جانبه منشآت لتحويل صواريخ إلى دقيقة، لوينتا راح تبقوا مغمّضين عيونكن؟'.
وردًا على ادعاءات 'أدرعي' السابقة، قال مصدر أمني لبناني دون ذكر اسمه لصحيفة 'الشرق الأوسط'، إن السفن الحربية التابعة لقوات 'اليونيفيل' في المياه اللبنانية، لديها كامل الصلاحية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701 بتفتيش كل البواخر المتجهة إلى الموانئ البحرية في لبنان، وإذا ساورها الشك بأي شيء تعمل على مصادرته بالتعاون مع الجيش اللبناني، وأضاف المصدر أن مرفأ بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي مضبوطان 100%.
اقرأ ايضاً: تنكيس العلم اللبناني بالقصر الجمهوري حدادا على ضحايا انفجار بيروت الضخم (صور)
تفجيرات لبنان.. هل فصيل فلسطيني نافذ وراء "فاجعة" بيروت"؟
هناك رأي آخر يقول أن فصيل فلسطيني نافذ على علاقة غير طيبة بحزب الكتائب الذي توفى أحد قادته في تفجيرات مرفأ بيروت، وتعود الأزمة بين حزب الكتائب والفصائل الفلسطينية إلى قديم الأزل فبرغم في ميثاق حزب الله أنه 'يجب إزالة إسرائيل من الوجود' ويدعو لتوحد العرب والمسلمين – كما يقولون – لتحرير فلسطين كلها 'من النهر إلى البحر' إلا أن ما سبق وعرضناه من تفاهمات واتفاقيات بين حزب الله وإسرائيل، تؤكد أن فلسطين ليست على خريطة حزب الله، وهو ما أكده نصر الله في الخطاب الذي ألقاه في بنت جبيل عقب الانسحاب الإسرائيلي، حيث أشار نصر الله إلى أن حزب الله لن يشارك في أي عمل عسكري ضد إسرائيل لهدف تحرير فلسطين .
دمار كارثة انفجار بيروت
وقد تكرس التزام حزب الله بضوابط الصراع مع إسرائيل حتى أثنت عليه إسرائيل في ذلك الشأن، حيث كانت صحيفة هارتس بتاريخ 6/7/2006 قد امتدحت الأمين العام لحزب الله بسبب عقلانيته وتحمله للمسؤولية وأنه حافظ على الهدوء في الجليل الأعلى بشكل أفضل من جيش لبنان الجنوبي.
ولقي الأمين العام لحزب الكتائب اللبناني، نزار نجاريان، مصرعه داخل 'البيت المركزي' للحزب، إثر الانفجار الضخم الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت.
اقرأ أيضاً: الـbbc تُسجل لحظة انفجار بيروت "لايف"
وأوضح مندوب 'الوكالة الوطنية للإعلام' في لبنان، أن نزار نجاريان توفي متأثرا بإصابات تعرض لها خلال تواجده في بيت الكتائب المركزي بالصيفي، نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، وامتدت أضراره لتصل إلى مختلف أنحاء العاصمة اللبنانية.
ولهذا الأمر مدلول هام حيث أن 'حزب الكتائب' هو أحد العقبات أمام الفصيل الفلسطيني النافذ لتجميع قواته المتناثرة في بعض الدول لتكون بالقرب من فلسطين خاصة مع الحرب المشتدة حالياً مع إسرائيل بسبب 'صفقة القرن' والاستيلاء على الضفة الغربية من قبل قوات الأحتلال ولأن بيروت الأقرب والأضعف حالياً من الدول الاخرى التي تحيط بفلسطين فأختار الفصيل الفلسطيني النافذ الذي يعلم بوجود 'نترات الأمونيوم' في مرفا بيروت بضربه في هذا التوقيت لسببين : الاول إبعاد الشبهة عنه تماماً خاصة مع قرب محاكمة قاتل 'رفيق الحريري' في 2005 والأمر الآخر المناوشات الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله.
وفاة أمين عام حزب الكتائب اللبناني
أما الأمر الآخر فهو المعاملة السيئة التي يعاملها حزب الكتائب للمواطنين داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتعود الأزمة إلى وقت بدء عملية المصالحة إلى أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
حيث تم تشكيل لجنة حوار فلسطيني – إسرائيلي كانت هذه اللجنة التي ترأسها السفير خليل مكاوي نشيطة، بينما في الحكومة الحالية، لم نعد نسمع اي خبر عنها الآن، حيث دفع ممثل ' حزب الله' الوزير السابق طراد حماده إلى الاعتراض، وانتهى الحوارعند ذلك وتفاقمت الأزمة.
حيث أن الفلسطينيون في لبنان لم يقاتلوا كطائفة، فهم اجبروا على الدخول في نزاع، ولم يكونوا جيش المسلمين في مواجهة الجيش اللبناني المحسوب على المسيحيين.
تفجيرات بيروت.. هل حزب الله متورط في التفجير؟
يقول الرأي الثالث في هذا السياق، أن حزب الله هو الذي افتعل هذا الحريق بسبب قرب محاكمة قتلة رئيس الوزراء اللبناني السابق 'رفيق الحريري' الذي تم اغتياله في عام 2005 على يد حزب الله اللبناني حيث يحاكم في جلسة الجمعة المقبلة 4 متهمين من قادة حزب الله و21 شخص أخريين والاربعة الابرز في تلك المحاكمة هم ' سليم عياش وحسن مرعي وحسين عنيسي وأسد صبرا' ويعد هؤلاء من خيرة قادة حزب الله الذي حاول مراراً عقد اتفاق مع الحكومة اللبنانية للأفراج عنهم ولكنه فشل في ذلك، وكان رئيس حزب الله اللبناني 'حسن نصر الله' قد هدد في إحدى المرات بفيديو مثبت له في عام 2016 يتحدث فيه عن انفجار مرفأ بيروت بالتفصيل قبل الحادث بفترة موجه إليه أصابع الاتهام.
وقال 'نصر الله' في الفيديو: كم صاروخ بينزلوا على حاويات الأمونيا بيعملوا تفجير يشبه التفجير النووي .. إذا حدث هذا بمنطقة يسكنها 800 ألف نسمة بيسقط آلاف الجرحى ، لذا يجب أن تعلموا جيداً ما هو الحكم ومع من؟ في تهديد صريح للحكومة اللبنانية لوقف محاكمة هؤلاء.
ومن المعروف أن لبنان بلد له طبيعة خاصة تسمح بأن المرافق الأساسية للبلاد موزعة كمناطق نفوذ بين القوى السياسية والطائفية الكبرى، وحتى المهن ونقاباتها تسود فيها طوائف بعينها.
فالمطار ينظر له بشكل كبير على أنه خاضع لنفوذ الشيعة وخاصة حزب الله، بينما كازينو لبنان والذي له أهمية اقتصادية وتاريخية كبيرة في البلاد، خاضع لنفوذ القوى المسيحية خاصة حزب القوات اللبنانية، وإلى حد التيار الوطني الحر.
والجيش ينظر له على أن منطقة نفوذ خاصة للمسيحيين خاصة مسيحيي 8 مارس الموالين لسوريا، وله علاقة جيدة بحزب الله، وخاصة مخابرات الجيش، بينما الأمن العام ينظر له كجهاز أمني شيعي حيث يترأسه اللواء الشيعي عباس إبراهيم (لا يعني ذلك أن أغلبية العاملين شيعة).
والأمن الداخلي يخضع لنفوذ تيار المستقبل السني حتى لو خرج من الحكم، خاصة شعبة المعلومات التي تمثل الجهاز الاستخباراتي النظير لمخابرات الجيش والأمن العام.
ويصل الأمر في الأجهزة الأمنية إلى أنه إذا وقع انفجار إرهابي في منطقة سنية يحقق فيه شعبة المعلومات، وإذا وقع في منطقة شيعية تحقق فيه مخابرات الجيش أو الأمن العام
مع ملاحظة أنه بصفة عامة ازداد نفوذ قوى 8 مارس مع مرور السنوات، خاصة حزب الله على مجمل الحياة في لبنان مع تراجع نفوذ 14مارس.
فماذا عن مرفاً بيروت هل يسيطر عليه حزب الله؟
وقيل إن ما يوصف بالاقتصاد المافياوي للحزب بحاجة إلى مرفأ بحري، فاضطر الحزب للهيمنة على مرفأ العاصمة الذي أصبح يعرف بـ'مغارة علي بابا' تنشط فيه ايضاً أعمال الاستيراد والتصدير 'المفخّخة' بالصفقات والرشاوى، بإدارة مجموعات تحظى بغطاء سياسيّ 'مقاوم' و'ممانع'، تؤمن دخول ودخول كل ما هو ممنوع.
وحسب هذه الاتهامات فإنه بفعل الحصار على إيران، فقد حزب الله الكثير من القوة والدعم المالي، لذلك لجأ الحزب، إلى توسيع دائرة التهريب واستباحة مرفأ ومطار بيروت الدولي، وتبييض الأموال والتجارة بالمخدرات.
ويوجه للحزب اتهامات بأنه يحمي شبكة من تجار المخدرات والتهريب، والتهرب الضريبي وتبيض الأموال والسيطرة على مرفأ بيروت والمطار.
لذا فإن الرأي المؤيد لأن حزب الله متورط في الانفجار فرضية قائمة لا نستطيع بشكل مطلق نفيها، كذلك في المقابل لا أحد يستطيع أن يقول بأن لديه ملفاً موثقاً يؤكد سيطرة حزب الله على المرفأ، لكن بالتأكيد لديه نفوذ كأي قوة سياسية لبنانية وهو نفوذ زاد في إطار تعزيز هيمنة الحزب على كل مفاصل الحياة في لبنان.
حيث يقع موقع المرفأ الجغرافي والسياسي مختلف عن المرافق الأخرى، فهو يقع على مناطق سكانية وتاريخية سنية ومسيحية، كما أن حزب الله لديه طريق بر أكثر أمناً وموانئ كبيرة في سوريا وحزب الله يعرف تماما أن هناك قوى سياسية تترصد به وتحاول تعريته أمام المجتمع اللبناني وموقع المرفأ يجعل ذلك ممكناً، كما أن الحزب لديه حساسية شديدة في الجانب العسكري.
ويذكر أن الانفجار أسفر إلى تكدس الجثث داخل المستشفيات ودمار مخزون القمح بالكامل في بيروت ودمار وصفته لبنان بأنه مثل قنبلة 'هيروشيما' في اليابان، وتشير أصابع الاتهام إلى إسرائيل أو حزب الله اللبناني بسبب أن المرفأ في منطقة نفوذ المسيحيين في لبنان إلا أن تصريحات أخرى تؤكد أن المرفأ المدمر تابع لحزب الله ويستخدم لأعمال تخزين الأسلحة وتجارة المخدرات لذا قصفته إسرائيل.
تابعوا آخر أهل مصر على Google News
