شهدت مصر ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم، مما أثر بشكل عميق على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية، بما في ذلك قطاع التجارة الإلكترونية. هذا القطاع، الذي شهد نموًا كبيرًا في السنوات الماضية، واجه تحديات جديدة بسبب التضخم الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف السلع والخدمات. ومع زيادة تكاليف المعيشة، وجد المستهلكون أنفسهم مضطرين لإعادة تقييم أولوياتهم الشرائية.
أدى ارتفاع الأسعار إلى تردد الكثيرين في شراء المنتجات غير الأساسية أو الرفاهية، مما أثر سلبًا على حجم المبيعات في التجارة الإلكترونية. ومع تصاعد الضغوط المالية، بدأ المستهلكون في تعديل سلوكهم الشرائي. أصبح البحث عن العروض والخصومات أمرًا شائعًا، حيث يفضلون مقارنة الأسعار بين المتاجر الإلكترونية قبل اتخاذ قرارات الشراء. هذا التوجه يضع ضغطًا على الشركات لتقديم أسعار تنافسية وعروض مغرية، مما يعكس تحولًا في ديناميكيات السوق.
لكن تأثير التضخم لا يقتصر على المستهلكين فقط؛ بل يصل أيضًا إلى الشركات. إذ تواجه هذه الأخيرة زيادة في تكاليف سلاسل الإمداد، بما في ذلك الشحن والتخزين. هذه الزيادة قد تؤدي إلى اتخاذ الشركات قرارات صعبة بشأن رفع أسعار منتجاتها، مما يؤثر على قدرتها التنافسية في السوق.
رغم التحديات المرتبطة بالتضخم، يمكن أن تخلق هذه الظروف فرصًا للشركات في مجال التجارة الإلكترونية. إذ قد تدفع الحاجة إلى التكيف مع الظروف الاقتصادية الصعبة الشركات إلى الابتكار في تقديم خدمات جديدة أو تحسين تجربة العملاء. على سبيل المثال، قد تعزز الشركات خدمات التوصيل أو تقدم خيارات دفع مرنة لجذب المستهلكين.
يبرز التضخم كأحد أبرز العوامل التي أثرت بشكل جذري على السلوك الشرائي للمصريين. إن الحياة اليومية للمواطنين لم تعد كما كانت، فمع ارتفاع الأسعار المتزايد، تغيرت أولويات الأسر وأساليب إنفاقها. وتوقع صندوق النقد الدولي وعدد من بنوك الاستثمار العالمية والمحلية أن تتراوح معدلات التضخم في مصر بين 13.1% و21.1% خلال العام المالي 2024-2025.
وتباطأت وتيرة التضخم في مدن مصر في نوفمبر الماضي لتسجل أدنى مستوى لها منذ نهاية 2022، حيث وصلت إلى 25.5% على أساس سنوي، مقارنةً مع 26.5% في أكتوبر، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة في ديسمبر.
ومع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وجدت العديد من الأسر المصرية نفسها في موقف يتطلب إعادة تقييم أولوياتها الشرائية. أصبحت السلع الأساسية مثل الخبز والأرز والزيوت في مقدمة قائمة اهتماماتهم، بينما تراجعت الطلبات على المنتجات غير الأساسية والرفاهية. هذا التحول يعكس رغبة المصريين في تأمين احتياجاتهم الأساسية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
في ظل الضغوط المالية المتزايدة، أصبح البحث عن العروض الترويجية والخصومات جزءًا لا يتجزأ من ثقافة الشراء لدى المصريين. لم يعد الأمر مجرد تسوق، بل أصبح فنًا يتقنه الكثيرون. فالمستهلكون يقارنون الأسعار بين المتاجر المختلفة، ويبحثون عن أفضل العروض قبل اتخاذ قرار الشراء، مما يعكس رغبتهم في الحصول على أكبر قيمة مقابل أموالهم.
مع تزايد الضغوط الاقتصادية، شهدنا زيادة ملحوظة في اعتماد المصريين على التجارة الإلكترونية. أصبحت منصات التسوق الإلكتروني وجهة مفضلة للعديد من المستهلكين، حيث توفر خيارات واسعة وأسعار تنافسية. فالتسوق عبر الإنترنت يمنحهم القدرة على مقارنة الأسعار بسهولة، مما يعزز من قدرتهم على اتخاذ قرارات مدروسة. وفي ظل الأزمات، باتت هذه المنصات تقدم تجربة تسوق مريحة وآمنة.
ومع ارتفاع الأسعار العالمية، بدأ المصريون في البحث عن بدائل محلية للمنتجات المستوردة. هذا الاتجاه لا يقتصر فقط على تقليل التكاليف، بل أيضًا على دعم الاقتصاد المحلي. أصبح المستهلكون أكثر وعيًا بأهمية دعم المنتجات المحلية، مما يعزز من قدرة الشركات المحلية على المنافسة ويؤدي إلى تعزيز الاقتصاد الوطني.
في محاولة لتقليل التكاليف، بدأت بعض الأسر في تفضيل الشراء بالجملة. فمن خلال شراء كميات أكبر، يمكنهم الحصول على أسعار أقل. هذه الاستراتيجية تعكس رغبتهم في تحقيق أقصى استفادة من ميزانياتهم المحدودة، وتظهر كيف يمكن للتضخم أن يحفز التفكير الإبداعي في إدارة الموارد.
وتحت وطأة التضخم، قد يتراجع الولاء للعلامات التجارية المعروفة. فمع زيادة الأسعار، يصبح السعر هو العامل الأكثر أهمية في اتخاذ قرار الشراء. يشعر المستهلكون بأنهم مضطرون لتجربة علامات تجارية جديدة، مما يعكس تحولًا في ديناميكيات السوق ويعطي الفرصة للعلامات التجارية الناشئة للظهور.
لا يمكن إغفال التأثير النفسي للتضخم على سلوك المستهلكين. إذ يعاني الكثير من المصريين من شعور بالقلق وعدم اليقين بشأن المستقبل. قد يؤثر هذا الشعور سلبًا على ثقتهم في الإنفاق، مما يجعلهم أكثر حذرًا في اتخاذ قرارات الشراء، ويظهر كيف يمكن للعوامل النفسية أن تلعب دورًا كبيرًا في السلوك الشرائي.