"لا ورقة" دي ميستورا لم تختلف كثيراً عن النسخة السابقة التي تسلمها الوفدان قبل أشهر، وهي تتضمن مكافحة الارهاب، ظل عنوان "إجراءات بناء الثقة" معلقاً من دون إضافات في الجولة السابقة من مفاوضات جنيف.
في الوقت الذي من المتوقع فيه أن تجري مباحثات مباشرة بين وفدي المعارضة السورية والنظام برعاية الأمم المتحدة في جنيف، تساءلت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير نشرته عما إذا كان بمقدور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أسهم تدخله في الحرب السورية في ترجيح كفة النظام السوري، أن يجلب السلام إلى البلاد الذي مزقته الحرب على مدار ست سنوات.
ساعد بوتين كما يدعي دائماً في ساهم في هزيمة تنظيم داعش، وإبعاد قوات المعارضة التي تهدد حكم الأسد، وتعزيز موطئ قدم عسكري روسي في البحر الأبيض المتوسط.
كما أعاد نفسه مرة أخرى إلى خريطة الشرق الأوسط، وأصبح الحكام في منطقة الشرق الأوسط، حتى أولئك الذين يختلفون مع سياسة بوتين في سوريا، ينصتون للأسد.
ولكن هل بإمكان الرئيس الروسي أن يخرج نفسه من سوريا، دون أن ينجذب إليها مرة أخرى؟ فعليه أن يهدأ النظام، ويؤمن لنفسه الخروج، في حال كانت نيته أن يلقن نظراءه في الغرب كيف أن التدخلات يجب أن تتعلق باستعادة النظام، بدلًا عن نشر الفوضى.
و تساءل التقرير هل يعني ذلك أن بوتين سيصنع السلام في سوريا؟ وفي إجابته عن السؤال، يقول التقرير: ليس بالضرورة، على الرغم من هزيمة داعش، وإحياء المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة، فإن التسوية السياسية لا زالت بعيدة المنال.
لم تعد جماعات المعارضة تصر على الإطاحة بالأسد؛ إذ كيف يمكن أن تطالب المعارضة برحيل الرئيس السوري وقد خسرت في الحرب.
والنتيجة الأكثر ترجيحًا هي استراتيجية روسية ترمي إلى تجميد الصراع السوري، بعد يومين من اجتماع بوتين مع الأسد، عقد الزعيم الروسي قمة في سوتشي بمشاركة الرئيسين التركي والإيراني.
كانت أنقرة داعمًا كبيرًا للمعارضة، فيما كانت طهران القوة الرئيسة الداعمة لنظام الأسد، والمورد للميليشيات المسلحة التي قاتلت من أجل الأسد.
-التقسيم الناعم
أنشأت الدول الثلاث ما يسمى بمناطق تخفيف التصعيد، حيث تتفاوض وتراقب اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية، كما يتضح من القصف العشوائي الذي شنه النظام هذا الأسبوع في الغوطة بالقرب من دمشق.
وعلى الرغم من أن هذه المناطق تقع في مناطق صغيرة من الأراضي، فإنها تعزز التقسيم الذي وصفه التقرير بـ"التقسيم الناعم" لسوريا بحكم الأمر الواقع.
أشار التقرير إلى أن هناك أربع جهات تتقاسم السيطرة على الأراضي، وهي الميليشيات الشيعية وقوات النظام والجيش التركي والميليشيات الكردية وجماعات المعارضة،ويجري التفاوض مع الأردن على منطقة لتخفيف حدة التصعيد في جنوب سوريا.
وبالنسبة إلى الغرباء، فإن أي تلميح للتخلي عن سوريا الموحدة يمكن أن يكون غائبًا، وإذا لم تتمكن سوريا من العودة موحدة مرة أخرى، فإن وحدة العراق ولبنان، البلدان ذات التعقيدات العرقية والدينية المعقدة، يمكن أن تتعرض للخطر أيضًا.
ولكن التقرير ذكر أن المحظور، وهو التقسيم، أصبح واقعًا الآن، ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، يتنقل بين عواصم العالم بخريطة متعددة الألوان في جيبه الداخلي توضح التقسيمات.
ويستخدم دي ميستورا هذه الخريطة بمثابة إنذار بأنه بدون حل سياسي، يمكن أن يتحول التقسيم الناعم إلى تقسيم دائم للدولة السورية.
كما يمكن أن يحفز التقسيم الصراعات الجديدة بين حلفاء النظام السوري، وبين الميليشيات الكردية والقوات التركية.