شهد العائد على أذون الخزانة المصرية لأجل 91 يوماً انخفاضاً ملحوظاً في أحدث عطاءات وزارة المالية هذا الأسبوع، حيث تراجع بمقدار 2.5%، ليصل إلى 28.7% مقارنة بـ31.2% في العطاء السابق، وذلك يأتي في وقت تتوقع فيه الأوساط المالية تحولات في سياسة الفائدة من قبل البنك المركزي المصري، مما يسلط الضوء على التغيرات في تفضيلات المستثمرين واستراتيجياتهم في السوق المحلي.
تفاصيل العطاءات وأسباب الانخفاض
في يوم الأحد الماضي، قدم البنك المركزي المصري نيابة عن وزارة المالية طلبات اكتتاب بقيمة 25 مليار جنيه لأذون خزانة أجل 91 يوماً، في حين استقبلت الوزارة عروضاً تفوق قيمتها 186.2 مليار جنيه، وهو ما يشير إلى الإقبال الكبير على هذه الأدوات رغم تراجع العائد، وتراوحت العوائد على هذه العروض بين 27.751% كحد أدنى و28.79% كحد أقصى، وقررت وزارة المالية قبول الاكتتابات عند متوسط عائد 28.7%، وهو أدنى مستوى منذ أغسطس 2024.
ويرجع هذا الانخفاض إلى مجموعة من العوامل، أبرزها تغيرات في استراتيجيات المستثمرين، وفقًا لمصادر مصرفية مطلعة.
وأضافت المصادر أن تراجع الطلب على أذون الخزانة قصيرة الأجل (أجل 91 يوماً) كان بسبب التحول نحو العطاءات الأطول أجلاً، حيث يتوقع المستثمرون خفضاً في أسعار الفائدة في المستقبل القريب، وهو ما يدفعهم إلى البحث عن فرص أفضل في أدوات الدين الأطول التي توفر عوائد ثابتة لفترات زمنية أطول.
السياسة النقدية وقرار تثبيت أسعار الفائدة
من جهة أخرى، قررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري في اجتماعها الأخير تثبيت أسعار الفائدة للمرة السادسة على التوالي. حيث تم تثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 27.25% و28.25% على التوالي، بينما ظل سعر العملية الرئيسية عند 27.75%، وهذا التثبيت يعكس استمرار النهج الحذر للبنك المركزي في مواجهة التضخم المرتفع وضمان استقرار سعر الجنيه.
توقعات انخفاض الفائدة
تشير توقعات السوق إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مما سيؤثر على أسعار العوائد على أدوات الدين الحكومية.
ويعتقد المحللون أن الطلب على الأذون قصيرة ومتوسطة الأجل قد يستمر في التراجع مع تحول تركيز المستثمرين نحو السندات طويلة الأجل، خاصة سندات الخزانة لأجل 3 أعوام، حيث توفر هذه السندات عوائد مرتفعة لفترات زمنية أطول، مما يجعلها أكثر جاذبية في ظل التوقعات بتراجع معدلات الفائدة.
الإقبال على سندات الخزانة طويلة الأجل
في السياق ذاته، شهدت سندات الخزانة لأجل عامين وثلاثة أعوام التي تم طرحها الأسبوع الماضي إقبالاً كبيراً من المستثمرين. تجاوزت قيمة العروض المقدمة 50 مليار جنيه، وهو ما يمثل عشرة أضعاف القيمة المستهدفة التي كانت 5 مليارات جنيه فقط.
وبيع عبر البنك المركزي سندات خزانة ثابتة العائد بقيمة 6.4 مليار جنيه.
وقد شهدت العوائد على هذه السندات تراجعاً طفيفاً، حيث انخفض العائد على سندات الـ3 أعوام إلى 23.98% مقارنة بـ24.22% في العطاء السابق، بينما انخفض العائد على سندات الـعامين إلى 24.9% مقارنة بـ25.49%.
ويتضح من خلال هذه التحولات في سوق أدوات الدين الحكومية المصرية أن هناك تزايداً في الاهتمام بالسندات طويلة الأجل في ظل التوقعات بتراجع أسعار الفائدة في المستقبل.
ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في ظل سياسة البنك المركزي الحذرة، كما يتوقع الخبراء أن تبدأ معدلات التضخم في التراجع بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مما يعزز فرص خفض الفائدة في المستقبل القريب. ومن المحتمل أن يواصل المستثمرون إعادة توزيع استثماراتهم نحو السندات الطويلة لضمان العوائد الأفضل في بيئة اقتصادية يتوقع أن تشهد تقلبات مستمرة.