أنهت أسواق الأسهم الخليجية تداولات عام 2024 بمكاسب هامشية، متأثرة بتقلبات عالمية وإقليمية، على الرغم من الأداء الجيد للأسواق العالمية التي سجلت زيادات ملحوظة خلال العام.
ويأتي ذلك في ظل التحديات المستمرة من ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع معدلات التضخم، بالإضافة إلى الأحداث الجيوسياسية الساخنة في المنطقة مثل الحرب على غزة والأزمات السياسية في سوريا، كانت أسواق الخليج تحت ضغط مستمر.
ارتفاعات هامشية ومكاسب غير متجانسة
تراوحت مكاسب أسواق الأسهم الخليجية بشكل متباين، حيث سجل مؤشر مورجان ستانلي الخليجي ارتفاعًا بنسبة 0.7٪ خلال العام. هذا الأداء المتباين يعكس التفاوت في نتائج البورصات الفردية داخل الدول الخليجيةـ وعلى رأس الأسواق الخليجية من حيث الأداء، تصدرت بورصة دبي، التي حققت ارتفاعًا لافتًا بلغ 27.1٪، تلتها بورصة الكويت بمكاسب بلغت 8.0٪.
السوق السعودي أضاف 0.6٪، بينما سجلت بورصة مسقط و البحرين نموًا بنسبة 1.4٪ و 0.7٪ على التوالي.
وفي المقابل، سجلت بورصة أبوظبي و بورصة قطر انخفاضات ملحوظة بنسبة 1.7٪ و 2.4٪ على التوالي، وهو ما يعكس ضعف الأداء في بعض الأسواق الرئيسية بالمنطقة.
الضغوط الإقليمية والعالمية
شهد العام 2024 العديد من الأحداث الرئيسية التي أثرت على الأسواق الخليجية، أبرزها الحرب على غزة وما تبعها من توترات في لبنان، والتغيرات السياسية المفاجئة في سوريا، كما أدت الهجمات في البحر الأحمر إلى زيادة القلق لدى المستثمرين حول استقرار المنطقة، وعلى المستوى العالمي، استمرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مما أدى إلى استمرار العقوبات الاقتصادية على روسيا، في حين شهدت منطقة اليورو تباطؤًا اقتصاديًا وأثر ذلك على الأسواق الأوروبية.
أسواق النفط كانت عاملاً محوريًا آخر، حيث ساهم انخفاض أسعار النفط الخام في تراجع معنويات المستثمرين في بعض الأسواق الخليجية، ورغم ذلك، نجحت بعض أسواق الخليج في الحفاظ على استقرارها بفضل النمو الكبير في القطاعات غير النفطية والمشاريع الكبيرة المزمعة في المنطقة، التي تقدر قيمتها بحوالي 3.5 تريليون دولار أمريكي.
الأداء العالمي وتأثيره على أسواق الخليج
على الرغم من تقلبات أسواق الخليج، شهدت الأسواق العالمية أداءً إيجابيًا بشكل عام في عام 2024، وسجل مؤشر مورجان ستانلي العالمي زيادة بنسبة 17٪، وحققت الأسواق الأمريكية مستويات قياسية، حيث أغلق مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنمو 23.8٪، مدعومًا بقطاع التكنولوجيا الذي ارتفع بنسبة 35.7٪، وكان هذا النمو مدفوعًا بالأداء القوي لشركات التكنولوجيا الكبرى التي عرفت باسم 'السبعة العظماء' (Magnificent 7).
في المقابل، لم تنعكس هذه المكاسب بنفس القوة على أسواق الخليج، وورغم استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الأسواق الخليجية، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لتعويض التراجعات في بعض الأسواق مثل الأسواق القطرية و أبوظبي.
التباين القطاعي والعوامل المؤثرة
بورصة دبي
واصلت بورصة دبي التفوق على باقي الأسواق الخليجية، محققة أفضل أداء في المنطقة بنسبة نمو بلغت 27.1٪، وتركزت المكاسب بشكل خاص في القطاع العقاري الذي سجل نموًا استثنائيًا بنسبة 63.1٪، بفضل الزيادة الكبيرة في أسهم شركات مثل إعمار العقارية، كما سجلت أسواق الاتصالات و المواد الأساسية زيادات ملحوظة.
بورصة الكويت
بورصة الكويت سجلت أداء إيجابيًا للغاية، حيث ارتفع مؤشر السوق العام بنسبة 8.0٪، مع صعود قوي لأسواق الأسهم ذات رؤوس الأموال المتوسطة والصغيرة.شهدت العديد من القطاعات مثل التكنولوجيا و السلع الاستهلاكية و الخدمات الاستهلاكية زيادات كبيرة، مما يعكس تحسن معنويات المستثمرين الكويتيين.
السعودية
بورصة السعودية شهدت تقلبات ملحوظة خلال العام 2024، ولكنها تمكنت من الارتفاع بمقدار 0.6٪ بنهاية العام، رغم التراجع الحاد الذي شهده المؤشر في منتصف العام، ولعبت الاكتتابات العامة دورًا مهمًا في دعم السوق، حيث سجلت المملكة نشاطًا ملحوظًا في هذا القطاع، مع 14 اكتتابًا في السوق الرئيسية و28 في السوق الموازية.من جهة أخرى، سجل قطاع السلع الرأسمالية نموًا استثنائيًا بنسبة 52.8٪.
أبوظبي وقطر
في أبوظبي، سجل السوق تراجعًا بنسبة 1.7٪، في ظل ضعف في بعض القطاعات مثل الطاقة و الاتصالات، في حين سجل قطاع العقارات و السلع الاستهلاكية مكاسب كبيرة.أما في قطر، فقد شهدت البورصة أسوأ أداء في الخليج مع انخفاض بنسبة 2.4٪، رغم أن القطاعات مثل النقل و القطاع العقاري حققت نموًا جيدًا.
التوجهات المستقبلية
على الرغم من الأوضاع الاقتصادية والجيوسياسية الصعبة التي تأثرت بها أسواق الخليج في 2024، لا يزال هناك تفاؤل حذر بشأن مستقبل الأسواق في 2025.ومن المتوقع أن تشهد الأسواق الخليجية مزيدًا من النشاط مدعومًا بالنمو المستمر في القطاعات غير النفطية، واستمرار المشروعات الكبرى التي يتم تنفيذها في بعض دول المنطقة، لا سيما في السعودية والإمارات.
في هذا السياق، يجب أن يظل المستثمرون في أسواق الخليج يقظين للتقلبات المتوقعة في أسعار النفط، إلى جانب المتغيرات الاقتصادية العالمية التي قد تؤثر على تدفق الاستثمارات.