أكد خبراء الاقتصاد، أن تحول معاملات المستثمرين الأجانب والعرب نحو الشراء في سوق الدين المحلي لليوم الثاني على التوالي، بعد موجة خروج حادة، يعكس استعادة الثقة في أدوات الدين المصرية، لا سيما بعد إعلان صندوق النقد الدولي صرف الشريحة الرابعة من القرض الممنوح لمصر.
ويرى الخبراء، أن هذا التحول الإيجابي يشير إلى تحسن نظرة المستثمرين تجاه الاقتصاد المصري، ما قد يسهم في استقرار سوق المال وتعزيز التدفقات النقدية الأجنبية.
تدفقات استثمارية بقيمة 48.3 مليار جنيه
وفي هذا الصدد، يقول محمد الشرقاوي الخبير الاقتصادي، إن إجمالي صافي مشتريات المستثمرين الأجانب والعرب منذ الإعلان عن صرف الشريحة الرابعة بلغ نحو 48.3 مليار جنيه، أي ما يعادل 954.6 مليون دولار. ويشير إلى أن هذا الحجم الكبير من التدفقات الإيجابية يعكس تفاؤل المستثمرين بشأن الاستقرار الاقتصادي والمالي لمصر في المرحلة المقبلة.
وأضاف أن هذه التدفقات تشير إلى أن الأسواق تفاعلت إيجابيًا مع إعلان الصندوق، حيث ينظر المستثمرون إلى الدعم الدولي باعتباره إشارة على التزام الحكومة بالإصلاحات الاقتصادية.
وأوضح أن ذلك يعزز من جاذبية أدوات الدين المصرية، خاصة في ظل الفارق الكبير في أسعار الفائدة بين مصر والأسواق الأخرى.
الأجانب يقودون موجة الشراء
من جانبه قال أحمد العزب الخبير الاقتصادي، إن المستثمرين الأجانب سجلوا صافي شراء بلغ 35.1 مليار جنيه خلال آخر جلستين، أي ما يعادل 693.6 مليون دولار، مشيرًا إلى أن هذه التدفقات جاءت مدفوعة بتحسن العائد على أدوات الدين المصرية مقارنة بالأسواق الناشئة الأخرى.
وأوضح أن المستثمرين الأجانب بدأوا في إعادة ضخ السيولة في السوق المصرية بعد فترة من التخارج، حيث باتت الأدوات المالية المصرية أكثر جاذبية لهم، لا سيما بعد تأكيدات صندوق النقد على التزام الحكومة المصرية بتنفيذ إصلاحات تعزز مناخ الاستثمار.
زيادة ثقة المستثمرين العرب
وأضاف أن المستثمرين العرب سجلوا صافي شراء بقيمة 13.2 مليار جنيه، ما يعادل 261 مليون دولار، مشيرًا إلى أن هذه الاستثمارات جاءت بدعم من تحسن الرؤية الاقتصادية لمصر بين المستثمرين الإقليميين، موضحاً أن المستثمرين العرب يرون أن البيئة الاستثمارية في مصر أصبحت أكثر استقرارًا، خاصة بعد الدعم المقدم من صندوق النقد، والذي يمنح الأسواق ثقة في قدرة الحكومة على إدارة ملف الدين العام.
انعكاسات اقتصادية إيجابية
يرى الخبراء أن هذا التحول الإيجابي في تدفقات رؤوس الأموال إلى سوق الدين المصري سيكون له انعكاسات إيجابية عدة، أبرزها:
- تعزيز استقرار الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، نظرًا لزيادة الطلب على الأصول المحلية.
- تحسين سيولة سوق الدين المحلي، ما يخفف الضغط على الاحتياطي النقدي للبنك المركزي.
- تقليل الفجوة التمويلية لمصر، مما يقلل الحاجة إلى الاقتراض الخارجي.
- تحسين ثقة المؤسسات المالية الدولية في الاقتصاد المصري، مما يسهم في جذب المزيد من الاستثمارات.
استدامة التدفقات مرهونة بالإصلاحات
ورغم هذه الإيجابية، يحذر بعض الخبراء من أن استمرار التدفقات الاستثمارية إلى سوق الدين المصري سيظل مرهونًا بقدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة، خاصة فيما يتعلق بتقليص العجز المالي، وخفض معدلات التضخم، والحفاظ على استقرار سعر الصرف.
من جانبه أشار العزب إلى أن المستثمرين يبحثون عن استقرار طويل الأجل، وليس مجرد تحركات قصيرة المدى مدفوعة بالأحداث.
وأضاف أن الحكومة المصرية تحتاج إلى تقديم سياسات واضحة تعزز مناخ الاستثمار، وتحفز الاستثمارات طويلة الأجل، وليس فقط تدفقات المحافظ الاستثمارية في أدوات الدين.